زياد الشامي
تصدير المادة
المشاهدات : 4725
شـــــارك المادة
لم يكن النظام النصيري وأسياده من الرافضة والروس يوما جادين بإنهاء الحرب - التي أشعلوها بسورية منذ أكثر من خمس سنوات - بشكل سلمي، فأمثالهم لا يفهمون لغة الأمن والسلام والتعايش مع غيرهم من المكونات، وقد أثبتت الأيام ذلك ليس في سنوات الحرب الخمسة فحسب، بل على مدار أكثر من 40 عاما من فترة تسلط النصيرية على البلاد والعباد في الشام.
والحقيقة أن الاستمرار في تجربة المجرب ومفاوضة قاتل الأطفال ومن تثبت الأيام يوما بعد يوم بأنه مجرم حرب بامتياز، بدعوى كشف مدى جدية نظامه وداعميه فيما يسمى "الحل السلمي" باتت أمرا ممجوجا وغير مقبول على الإطلاق، وتثير الكثير من علامات التعجب والاستفهام من قبل الكثير من المتابعين.
كثيرة هي محطات التفاوض التي لم يفشلها النظام النصيري بعدم جديته وإغراق المفاوضين بالتفاصيل وحسب، بل وأمعن خلالها في القتل والإجرام والمجازر، ما يشير إلى مدى استهتاره واستهزائه بما يسمى "الحل السلمي"، بدءا بوفد المراقبين العرب الذي زار سورية، وصولا إلى المراقبين الدوليين، وليس انتهاء بسلسلة مفاوضات جنيف وفيينا المستمرة حتى الآن.
ما كان للنظام النصيري أن يتعامل بهذا الاستخفاف واللامبالاة مع هذه المفاوضات لولا الدعم الدولي الكامل له ولنظامه، سواء بشكل مباشر من قبل داعميه الرئيسيين الرافضة والروس، أو بشكل غير مباشر من قبل الغرب والأمريكان.
والحقيقة أن من يرجع بالذاكرة إلى مسلسل التنازلات التي يسعى المجتمع الدولي لاستدرج وفد المعارضة السورية المفاوض إليها، يدرك جيدا حجم المؤامرة الدولية على الثورة السورية، والمساعي الحثيثة للالتفات عليها من خلال فخ ما يسمى "مفاوضات الحل السلمي" بعد الفشل الذريع في إجهاضها والقضاء عليها عسكريا، رغم اجتماع شذاذ الأرض وكبرى الجيوش العالمية ضدها.
ويكفي مقارنة ما كان عليه الحال في بداية دعوة المعارضة للتفاوض على أساس عدم وجود أي مستقبل للطاغية ونظامه في سورية، ليتحول الأمر بعد ذلك إلى وعود بــ هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات للمعارضة في جنيف 1، ليستمر مسلسل جر المعارضة للتنازلات من خلال المفاوضات الحالية في جنيف الآن، فبينما انتهت جولتها السابقة بإعلان مبادئ لم تتضمن من قريب أو بعيد إسقاط الطاغية أو رموز نظامه، بدأت الجولة الحالية بعرض مخز من ديمستورا لوفد المعارضة السورية فيما يتعلق بالطاغية.
فقد كشف وفد الهيئة العليا للمفاوضات أمس عن عرض الموفد الدولي الخاص إلى سورية بقاء رئيس النظام النصيري في منصبه بصلاحيات محدودة مع تعيين ثلاثة نواب له تختارهم المعارضة، على أن ينقل صلاحيات الرئاسة السياسية والعسكرية إليهم، وهو ما يعني إبقاء الطاغية (في منصبه) في مرحلة الانتقال السياسي.
والحقيقة أنه ما كان لديمستورا أن يعرض مثل هذا العرض من تلقاء نفسه، بل إنه صرح أن هذا العرض ليس وجهة نظره هو، بل هو في الحقيقة: مطلب المجتمع الدولي – أمريكا و روسيا والغرب ومعهم الرافضة بالطبع - المتآمر مع طاغية الشام بشكل بات مفضوحا ومن غير قناع.
ومع أن وفد المعارضة السورية قد رفض هذا المقترح بالمطلق كما أكد عضو مفاوض في الوفد، مشيرا إلى أن هيئة الحكم الانتقالي هي الجهة المكلفة بوضع المبادئ الدستورية على غرار تجربة ليبيا والعراق والكونغو، إلا أن الكثير من الأصوات المنتقدة والمعارضة لاستمرار التفاوض مع طاغية الشام بدأت تزداد بعد كل الدلائل والوقائع التي تؤكد عدم جديته في "الحل السلمي"، بل واستغلاله الهدنة المزعومة والمفاوضات الجارية لصالحه.
ولعل من أهم هذه الأصوات بيان حركة أحرار الشام التي تعتبر من أهم الفصائل الإسلامية المقاتلة ضد طاغية الشام، فقد وصفت الحركة محادثات السلام التي ترأسها الأمم المتحدة في جنيف بأنها سلبية للغاية حتى الآن، وانتقدت مفاوضي المعارضة معتبرة أنهم منفصلون عن وضع عسكري متدهور على الأرض.
وقالت الحركة في بيان أصدرته أمس السبت : "إن هناك انفصالا واضحا بين عمل الهيئة والواقع على الأرض، فبينما تقوم روسيا بتحقيق مكاسب ميدانية لصالح النظام لتعطيه زخما سياسيا، وبينما يقوم النظام وإيران بخرق الهدنة المزعومة، نرى إصرار الهيئة العليا للمفاوضات على متابعة التفاوض وسط تملص دولي من أي التزامات أو ضمانات، وهذا أمر نراه مجانبا للصواب وللمصلحة العامة".
واعتبرت الحركة أن نظام الطاغية "مازال يعمل على حل عسكري خالص"، وهو ما أكده "أسعد الزعبي" رئيس وفد الثوار للمفاوضات بقوله : "إن نظام الأسد لا يريد سوى الحل العسكري"، مشيرا إلى أن التعديلات التي قدمها وفد النظام النصيري بشأن المبادئ الأساسية التي طرحت في الجولة السابقة من المحادثات، تؤكد أنه ليس جادا بشأن الحل السياسي، وأنه نظام منفصل عن الواقع تماما.
وبعيدا عن كل ما سبق فإن بيان حركة أحرار الشام أشار إلى أنه لم يتم تنفيذ مطالب مهمة للمعارضة لبدء العملية السياسية وأهمها : إنهاء حصار النظام للأراضي التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة والإفراج عن المعتقلين.
ولعل أخطر ما في بيان حركة أحرار الشام هو الإشارة إلى أن الاستمرار في التفاوض مع النظام رغم كل ما سبق سيوسع "الهوة بين الهيئة وبين الشارع الثوري بجميع مكوناته العسكرية والمدنية" معتبرة أن قرار العودة إلى محادثات التفاوض "رغم تراجع الظروف الإنسانية وتصاعد القصف على المناطق المدنية" مثالا على "اتساع الهوة بين الهيئة والشارع الثوري"....
ومن هنا فإن أهم ما ينبغي المسارعة إليه الآن هو توحيد كلمة الثوار والفصائل المقاتلة على الأرض من مسألة الاستمرار في التفاوض مع النظام من عدمه، وتوجيه رسالة قوية للمجتمع الدولي الداعم للنظام النصيري بأنه لا يمكن التنازل عن حق الشعب السوري في إسقاط النظام النصيري وكافة رموزه سلما أو حربا.
المسلم
ياسر الزعاترة
إلياس حرفوش
علي عيد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة