..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

بريطانيا تُعد حافظ الأسد "جديد"

علي حميدي

٥ إبريل ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 4374

بريطانيا تُعد حافظ الأسد
0 حافظ.jpg

شـــــارك المادة

ألاعيب السياسية أصبحت في عصر الفضاء المفتوح أكثر سذاجة من أن تنطلي على أي متابع مهتم، لكنها مازالت تحتفظ ببعض البريق مرده الإيمان بنظرية المؤامرة، والإيمان أيضا بانعدامها، لكن تطوير الأساليب في اللعب قد يؤدي أحيانا لنتائج ترضي اللاعبين، وفي كثير من الأحيان تكون مكشوفة لكن تفرضها القوة والسببية، بعد أن يكشفها التاريخ.

الــ BBC  التي كان موقفها مواربا على مدار سنوات الثورة السورية، ميالاً لنظام الأسد بحجج الواقعية والحياد، تقوم في هذه الأيام بحفلة علاقات عامة، وهي تجيد هذا النوع من الخدمات، هدف الحملة التسويق لجناح مجهول من "العلويين السوريين" قالوا إنهم يمثلون 25 بالمئة من مجموع علويي سوريا، هذه الحفلة التي تمثلت في وثيقة عنوانها العريض "إعلان إصلاح هوياتي"، يتبرأ من وقع عليها دون أن نعرفه من الانتماء إلى الشيعة، ويتبرأ كذلك من جرائم بشار الأسد وعصابته العلوية، حفلة تزامنت مع تحركات سياسية غامضة تدور بين عاصمتي العالم الجديد واشنطن وموسكو ومن خلفهما عاصمة من العالم القديم الذي أساس ما نحن فيه، وهي لندن، توزعت الأدوار على الأطراف بأن تقوم موسكو بإعداد دستور أو مبادئ دستورية، تقدم للعالم على أنها الحل السوري الموعود وتوافق عليها واشنطن، ويروج في الأثناء لمشاريع تخويفية من قبيل التقسيم أو الفدرالية "غير المفهومة"، ومشاريع تكبير لوهم بعض المكونات العرقية، ويرافق ذلك زيادة في القتل والتهجير والتضييق على اللاجئين لأوروبا، مع محاولة إغراء تركيا واستيعاب طلباتها، وتخويف السعودية وعزلهما، وكل ذلك لحشر سنّة سوريا في زاوية الموافقة على أي مشروع ينهي هذه المشاريع، ويحقق خروجا من حرب دمرت حياتهم (أي السنّة) وقضت على مستقبلهم وعلى بلدهم، من خلال قتلٍ وتدمير وتهجير، تم بمنهجية معدة، لا تشوبها أصوات كمثل هذه الوثيقة العلوية، وما أن لاح في الأفق الحل بمقاييس الدول الراعية حتى أتت معه جزرة إخراج بشار الأسد من السلطة كفرد ومعه بعض معاونيه، وأصبح السباق محموما لإيجاد بدائل لبشار وعصابته من ذات الطينة، لإبعاد "شبح" حكم سوريا من قبل سنّتها، فأتى الدور في اللعبة على اللاعب التاريخي في هذا الملف وهي بريطانيا التي نصبت قبل ذلك حافظ الأسد رئيسا علويا لسوريا، وأمنت له على الدوام أسباب البقاء، وكذلك فعلت مع خليفته بشار الذي تربى في أحضانها، وقُدم مغلفا كهدية للسوريين احتفظوا بها عشر سنوات قبل أن يفتحوها لتنفجر في وجوههم على الشكل الذي نراه.

ما تفعله بريطانيا، وذراعها الــBBC اليوم من خلال تقديم وثيقة العلويين المجهولين، هو محاولة إعداد السوريين لقبول بدائل "علوية"، زعماء علويون يتبرؤون من الشيعة "القتلة" ومن الأسد المجرم، وهذه وثيقتهم فما عليكم أيها السوريون إلا قبول حلول كيري - لافروف وقبول صيغة العيش المشترك ونحن (وهذا لسان حال الرعاة) سنبعد بشار الأسد، لكن لا تظلموا الطائفة كلها، فمنها البريء، ومن يرضى العيش معكم، ويؤمن "بقيم المساواة والحرية والمواطنة"، ويدعو إلى "نظام علماني في سوريا، يعيش فيه الإسلام والمسيحية وجميع الديانات سواسية"، بحسب الوثيقة التي قيل إنها الأولى من نوعها، وهذا كذب، لأن سنوات الثورة شهدت الكثير من هذه الحركات وكانت دائما لا تقترن بالأفعال، بل مازالت الطائفة متماهية كما هو واضح مع أفعال الأسد، فضلا عن أنها ذراعه الأقوى، فلم تسجل إلى الآن أفعال تثبت خروج أيا من العلويين عن الطوق الأسدي، باستثناء أشخاص لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، فهل هؤلاء الزعماء المجهولون لديهم إحصاءات أخرى لا يعرفها سواهم تثبت غير ذلك.

لا مقدمات منطقية لما طرحته الـBBC ، سوى أن رحيل الأسد بشار قد اقترب ويجب تأمين بديل من الأقليات لحكم السنة، ومن المقدمات أيضا الإيمان العميق بأن الحرب السنية - الشيعية التي أشعل نارها الأسد في سوريا والمالكي في العراق ومن خلفهما إيران ومن يجهز لها من سنوات، هي حرب ستستمر ويجب إخراج من يتبقى من العلويين من دائرة الحرب هذه ليرعوا مستقبلا مصالح بريطانيا وغيرها، ولهذا الخروج من السرداب الشيعي تم ابتكار توصيف "النموذج الثالث" في الإسلام، نموذج يؤمن بالعلمانية والعيش المشترك.

الوثيقة البريطانية تؤخذ على محمل الجد لأنها في سياق مختلف عن العبث المشابه الذي سبقها، ولأنها تأتي من الراعي الأول (بريطانيا)، ولذلك علينا أن نعي المرحلة، ونكون جاهزين لاحتمال الفراغ في موقع القوة العلوية والذي سيُملأ من قبل الكبار، وعلينا أن نكون واعين لطرح لا أراه بعيدا، بأن يذهب السوريون إلى مصالحة وطنية ينسى فيها السنّة كل عذاباتهم ويقبلون العلويين "الأخيار"، أما عن المحاسبة فعلى السنّة أيضا أن يكون متسامحين تجاه الطائفة المختطفة وعليهم دائما أن يدينوا أفعال "داعش"، لا بل يقاتلوها ويمنعوا تمددها ويقدموا لهذا قتلى وأرزاقا وتدميرا إضافيا, أما العلوي فما عليه إلا التبرؤ وسيجد من يدعمه لا بل ليس بعيدا أن يطالب هو بالاعتذار.

 

 

اورينت نت

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع