محمد عايش
تصدير المادة
المشاهدات : 3244
شـــــارك المادة
يتلوى سبعة ملايين لاجئ سوري على أرصفة النقاط الحدودية، وفي قوارب الموت البالية، يعتاشون على الصدقات التي تجود بها أنفس الأوروبيين الفقراء، لنكتشف أن بشار الأسد وعائلته يتنعمون بالأموال المهربة التي يتم غسلها وإعادة تدويرها عبر شركة في بنما تدير الأعمال القذرة بعيداً عن الأنظار منذ سنين طويلة.. بل منذ عقود. لا يتعلق الأمر بأموال سوريا المنهوبة فقط، وإنما الحال ذاته في العديد من دول العرب، فقد تبين أن قائمة تضم 72 فاسداً من قادة وحكام وسياسيين من مختلف أنحاء العالم، أغلبهم من العرب، يلعبون بالملايين والمليارات من الدولارات المهربة بعيداً عن أعين الرقابة، وبعيداً عن أعين شعوبهم، في الوقت الذي تغرق فيه هذه الشعوب العربية في أوحال الفقر والجهل والبطالة وغياب العدالة. الوثائق الجديدة التي تسربت عن شركة (موساك فونسيكا) ومقرها بنما تمثل فضيحة جديدة للحكام العرب، وتجيب جزئياً عن السؤال المتعلق بــ»أين تذهب أموال وثروات الأمة؟»، كما أنها تبين كيف ولماذا ينام الملايين من المصريين في المقابر، ويعيش أكثر من ربع الشعب المصري تحت خط الفقر، ويعاني أكثر من 13٪ من المصريين من البطالة وضيق الحال، بينما يتبين بأن الرئيس المخلوع يلعب بالمليارات المهربة التي كان طوال سنوات حكمه الثلاثين يهربها عبر بنما إلى الخارج، ومن ثم يؤسس شركات بأسماء وهمية، أو أسماء أشخاص آخرين لإدارة هذه الأموال لحسابه. جملة الفضائح الجديدة تمثل التسريب الأكبر والأهم ربما في تاريخ البشرية، فهي 11.5 مليون وثيقة تتفوق في أهميتها على «ويكيليكس» وعلى تسريبات سنودين وعلى أي تسريبات أخرى سابقة، هذه الوثائق التي ألقى بها شخص مجهول على صحيفة ألمانية، وهي الصحيفة التي قررت بدورها أن تقوم بواجبها الطبيعي وتلقي بها في وجوه الصحافيين والمتابعين والمحققين والمراقبين والمهتمين في مختلف أنحاء العالم (خلافاً للصحافة في عالمنا العربي بطبيعة الحال، التي لا تجيد سوى مهمة التطبيل لحكامها وتزيين أعمال الشياطين إذا صدرت من مسؤولي تلك الدول التي تنفق على الصحافة وتدفع الرواتب للصحافيين). الوثائق التي تسربت عن الشركة المشار اليها في بنما تؤكد على أن حجم الفساد وتهريب الأموال في العالم العربي أكبر بكثير مما كان الناس يعتقدون، وتفسر كيف تغرق الدول العربية في الفقر، بينما ينعم حكامها بالمليارات، وتُفسر لماذا يُسافر رئيس الوزراء البريطاني على الدرجة السياحية مع زوجته وأطفاله لقضاء العطلة الصيفية، بينما يسافر أفقر حاكم عربي في أسطول من الطائرات الخاصة الفارهة المحملة بكل ملذات الحياة ليتنعم على حساب فقراء شعبه.
وبهذه الوثائق يتضح ويتأكد ما حللناه سابقاً في أكثر من مقال عن سبب الأزمة الاقتصادية في مصر، وكيف ولماذا اختفت العملة الصعبة من خزائن البنك المركزي المصري، بما أدى الى انهيار سعر صرف الجنيه، حيث اندلعت ثورة يناير 2011 والدولار يعادل 5.2 جنيه مصري، بينما اليوم أصبح يزيد عن 10 جنيهات، أي أن العملة المحلية في مصر فقدت نحو نصف قيمتها خلال خمس سنوات فقط! والسبب أن احتياطي النقد الأجنبي لدى المركزي المصري كان 36 مليار دولار في 2011، أما الآن فهو يترنح عند 16 ملياراً فقط.. ثمة عشرون مليار دولار اختفت من خزائن المصريين وأموالهم، وربما تستطيع شركة (موساك فونسيكا) ووثائقها الــ11.5 مليون أن تجيب على سؤال أين اختفت هذه المليارات؟ وكيف تم غسيلها؟ وباسم من تم إيداعها في البنوك الأجنبية؟ أفضل ما في عالم اليوم، وأجمل ما في ثورة التكنولوجيا، أنه لم يعد ثمة أسرار، ولم يعد أحد يستطيع البقاء بعيداً عن الأضواء وأعين الكاميرات، فقد ضمنت هذه التكنولوجيا للمغلوبين على أمره الحق في المعرفة والوصول إلى المعلومات، وكلما تسربت وثيقة تكشف المزيد من الحقائق وفشل الكثير من الدعاية الخادعة.. أما أحدث التسريبات فتؤكد أن الأنظمة التي أطيح بها قد ذهبت غير مأسوف عليها، وما من عاقل يترحم على أيامها، ويبقى التحدي اليوم متمثلاً في إنتاج أنظمة سياسية جديدة غير ملوثة بالفساد واللصوصية ونهب أموال العامة.
القدس العربي
نجوى شبلي
عمار ديوب
عبد العزيز التركي
مهنا الحبيل
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة