..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

جنيف.. وخرير نهر البهتان

يحيى العريضي

٣١ مارس ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3256

جنيف.. وخرير نهر البهتان
-العريضي1.jpg

شـــــارك المادة

قال لي: “ماذا تفعلون في جنيف؟ إنكم تتعاملون مع مجموعة بشرية لا ترتقي إلى مواصفات العصابة، لأن العصابة، على الأقل، تنتظم ضمن ضوابط معينة. هؤلاء لايعرفون إلا القتل والتدمير منهجا؛ والقوة لغة؛ هؤلاء يأخذون سورية رهينة لعقود من الزمن؛ وما إن سمعوا أو رأوا من يخالفهم حتى تحولوا إلى وحوش تدمر البشر والحجر، أو تكون تحت هيمنتهم. أي سياسة وأي دبلوماسية تريدون أن تستخدموا مع خلائق من هذا النوع؟”

صورة سوداوية رسمها هذا الصديق وكان محقا بكل كلمة قالها؛ ولكنَّ عالمنا اختلَّت معايره، فما عادت أي قوانين أو أي ضوابط تحكم مجرياته: حفرة في طريق تسببت بها الأمطار الكثيفة كفيلة بإسقاط حكومة في زاوية من هذه الكرة الأرضيَّة تحترم نفسها وتحترم الإنسانية وقوانينها. وارتكاب جرائم لخمس سنين متواصلة لم تولِّد حتى الآن حالة لردع المجرم. فأي خيار بقي أمام عشرة ملايين إنسان تدمرت بلادهم واقُتلعوا منها وهاموا في بقاع الأرض؛ والكل يدير ظهره وكأنهم الوباء؟!

من نصَّب نفسه صديقا لهؤلاء يدفع من تصدى للحديث باسم الملايين باتجاه مفاوضات مع القاتل؛ ويراها الحل الأمثل والوحيد لاستعادة الحياة في بلد في العناية المشددة لكل هذا الوقت. مبعوث دولي يتراقص بين وفد وآخر خشية أن تلتقي الوجوه والعيون: وجوه وعيون القاتل والمقتول.

يطلق رأس وفد عصابة القتل عبارة “وفود المعارضة” فيكون هذا المبعوث الدولي قد هيأ ما يتناغم مع طرحه عبر دعوته لوفود سورية ترى في نفسها ممثلة للشعب السوري. ما إن تستمع إلى أطروحاتها حتى ترى نفسك تستمع إلى أطروحة النظام الظاهرة أو الخفيَّة.

تتراشق الوفود الأوراق والوثائق التي تحدد المبادئ أو الأسس أو الأُطر أو المحددات أو البنود أو المواد المراد الاتفاق عليها. ماتريده العصابة أكلٌ طيبٌ لها وسمٌ زعافٌ لوفد المعارضة؛ والعكس صحيح. 

تريد المعارضة انتقالا سياسيا بصلاحياتٍ كاملة، ولا وجود لانتقال سياسي في قاموس العصابة. أقصى ما يمكن أن تقدمه: “وزارة موسعة” وتحت سيادة “الرئيس” الخط الأحمر.

يطمئن ممثل السيد أوباما في جنيف السيد “مايكل راتني” المعارضة ويصرُّ على ماتصرُّ عليه؛ وعندما يُسأل عن موقف سيده، يقف حائرا يتلعثم ويتبكلم. مجموعة “الرديدة” الأوربيين والعرب الذين اكتسبوا اسم “أصدقاء سورية” ترتفع أصواتهم، ولكن لاتخرج من غرفة الاجتماع.

يعلن بوتن مع بداية ما سمي بالمفاوضات “انسحاب” قواته من سورية. تستبشر خيرا بأن فرصة الحل أصبحت وشيكة، فالقصف سيتوقف وحمم نار طائرات بوتن ستنتهي، وتختتم “المفاوضات” بما سماه النظام استعادة تدمر لتكشف أن بوتن أراد أن يمنح “شرف التحرير” للعصابة التي هب لنجدتها ولايريده لنفسه. وسرعان ماتكتشف أن سيطرة داعش على تدمر كانت استلاما وتسليما؛ وخروجه منها كان أيضا استلاما وتسليما.

تعود لتذكر ما قاله لك الصديق بأن هؤلاء لا يرتقون حتى إلى مواصفات العصابة ولا يفيد معهم إلا القوة؛ وسرعان ما تتذكر أيضا أن المبعوث الدولي دي مستورا قد حدد جولة جديدة من المسرحية الهزلية في التاسع من نيسان “أبريل”؛  وكان قد أخبرك مواربة أن وفد العصابة يمكن أن يتاخر حتى الرابع عشر منه بعد أن يكون قد أدى “واجبه الانتخابي” في انتخابات مجلس الشعب “للجمهورية العربية السورية”.

أنت تعرف والكل يعرف أن هذا نسفاً للمرجعية القانونية التي تعقد الاجتماعات بموجبها في جنيف. دي مستورا هو الأعلم بذلك ولكنه يجيزه ويمرره مواربة تحت يافطة “ستبدأ المفاوضات بمن حضر” يغوص البعض بتعقيدات وأفكار وقانونية المواد التي تتضمنها الوثائق التي تتراقص بأيدي الحاوي دي مستورا، ولكن يتحول هذا الغوص إلى حالة عبثية؛ فأنت تقرأ مزاميراً على عصابة.

خمسة أعوام من النزف المستمر والهولكوست الفريد من نوعه في التاريخ البشري ولا لحظة جادة في وضع حد للماساة. هناك حل واحد اسمه “الفصل السابع” ولا شي غيره.

مضى على  هذا الاستحقاق سنوات، وتحديداً منذ أول مجزرة ارتكبها “النظام” بحق شعبه؛ وهناك من يحول دون التنفيذ. متى سيكون؟ هذا هو السؤال والجواب والمفاوضات والحل.   

 

 

 كلنا شركاء

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع