..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

حوار هادئ مع النصرة

حسام طرشه

٢١ ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3282

حوار هادئ مع النصرة
طرشة0+0.jpg

شـــــارك المادة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
هناك الكثير مما يُقال عن حركة أحرار الشام عندما يتحدثون عن تحركات جناحها السياسي، وعن سياسة القيادة في التعامل مع مجريات الثورة وتأثيراتها على المشهد الإقليمي والدولي، خاصة أن الحركة تشكل واحداً من أهم مرتكزات الثورة اليوم، ومن أهم الجهات التي تنتقد الحركة هي بعض المدارس السلفية الجهادية بشتى أشكالها، ومتصدرهم في هذا الشأن جبهة النصرة وبعض منظريها، ووصل الحال ببعضهم إلى حد الغمز واللمز في الحركة من خلال المواقف الصادرة عن كثير من شخصياتها ومجاميعها على مختلف المستويات،
رغم أن هؤلاء -أنفسهم- ترى ردود أفعالهم تجاه نفس السياسات والتحركات التي تصدر من قبل حركة طالبان أو القاعدة أو الشيخ أسامة أو الشيخ عبد الله عزام مختلفة تماماً، فتراها تأخذ طابع المديح أو التبرير.

وعندما يواجهون بهذا التباين في مواقفهم إزاء هذه السياسات والتحركات المتشابهة، تتلخص تبريراتهم في فوارق يزعمونها على النحو الآتي:

  1. -خلو الساحة لطالبان وتمكنهم، والأحرار ليسوا الوحيدين في الساحة ولم تخلُ لهم وبالتالي فهم ليسوا ممكنين.
  2. -المواقف العظيمة والمشرفة التي أظهرت أن ما يفعلونه هو من باب المداراة المشروعة "كنصرتهم للمجاهدين العرب وعدم تسليمهم".
  3. -أن مداراة طالبان لها مساحة من التأوّل نظراً لأنهم "أعاجم + ماتريديون وأحناف + يخوضون صراعاً ضد عدو كافر كفراً أصلياً مع احتلاله للبلاد. في حين أن الجهاد في سوريا هو جهاد (عرب + سلفيين جهاديين + يخوضون حربا أهلية وطائفية ...إلخ".
  4. طبيعة الصراع في أفغانستان وطبيعة القضايا المثارة اجتماعياً وفكرياً تختلف عندهم عما هو في سوريا.
  5. أن طالبان تيارٌ واحد جميع ما يصدر عنهم يغلب على الظن أنه متبنىً من قبل الجميع، أما الحركة فهي تيارات مختلفة لا يمكن اعتبار جميع ما يصدر عنها ممثلاً لرأي الحركة الرسمي!!
  6. أن ما كان يصدر عن القاعدة والشيخ أسامة وعبد الله عزام إنما كان لظروف خاصة لساحة الجهاد في محطات تاريخية لها ملابساتها ووقتها وظروفها الخاصة المحيطة بها لا يصحّ الاستدلال بها بعد تغير هذه الظروف وتطور حركة الجهاد العالمي.
  7. أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان. ولذلك ما كان جائزاً من ذي قبل من تدرب عند الشيعة ومعسكراتهم وعند كل كافر بضوابطه فإنه في ظل هذا الحال اليوم في الشام لا يُقبل أن يُرسل جندي للتدرب عند إيران وحزب الله.

تُطرح شبهة خلاصتها: هل ستقبل مني تأويل الصفات مثلاً إذا قلت لك إني متابع لشيخك وأستاذك وأستاذ الكل سيد قطب؟ ثم يُقال لماذا مررتها لسيد قطب ولم تمررها لي؟
الوضع الراهن للطلبة دولياً مقبول وهناك من الدول من تتفهمه وتتفاوض فعلاً معه كقطر وتركيا وغيرهما، فهل الإخوة في أحرار الشام يعدّون أنفسهم دولة أو إمارة حتى يتصدروا المشهد السياسي الخارجي لوحدهم دون التفاهم مع بقية الفصائل؟
الإحالة على كتاب يوسف العييري "الميزان" وفيه شهادة أبي مصعب السوري على طالبان.
كما أنهم يطرحون تخوفات ملخصها الخشية من أن يأتي جيل يرى هذه التحركات والسياسات المداراة أصلاً شرعياً فتزل أقدامٌ إلى ما هو أشد مما لا يرضي الله كالديمقراطية والحكم بغير ما أنزل الله.

بعد ما سبق أقول مستعيناً بالله تعالى:
أما ما يخص شهادة أبي مصعب السوري، فمن قرأها وتأملها يجد أن الشيخ لم ينطلق في إعذار طالبان في مسألة (الأمم المتحدة وطلب الاعتراف) من خلال أفعالهم العظيمة ومواقفهم المشرفة، بل لخصه بأن السبب يعود إلى (الجهل بحال وواقع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي + الإكراه والحاجة).
إلا أن المنتقدين لحركة أحرار الشام فهموا فهماً مغلوطاً من كلام أبي مصعب السوري أن أفعالهم العظيمة ومواقفهم المشرفة هي التي جعلت من فعلهم مستساغاً.

ولتبيان ذلك لا بد أن نبين أن كلام الشيخ أبي مصعب السوري في هذا الموضع عبارة عن قسمين:
القسم الأول: إيجابيات طالبان وصدره بأن الوقوف مع طالبان في مواجهة مناوئيهم مطلوب قبل أن يقوم بسرد الإيجابيات.
القسم الثاني: سلبيات طالبان ذكر فيه الكثير من السلبيات يمكن الرجوع إليها.
بعد ذلك وصل البحث عند أبي مصعب السوري إلى الموضوع محل بحثنا وهو ما يخص العلاقات الدولية والسياسة الخارجية وطلب الاعتراف بالأمم المتحدة، وقد وصف فعل طالبان بأنه خطأ كبير، ثم التمس لهم العذر على النحو الذي ذكرناه سابقاً.

وبالتالي فإن ما ذُكر عن المواقف المشرفة لطالبان إنما هو من أجل الوقوف معها ضد مناوئيها ومعاديها. وإلا فلا يمكن في الشرع أن تستساغ المحرمات والموبقات والانحرافات والضلالات لمجرد المواقف المشرّفة، فإن قيل إن ما فعلته طالبان من الاجتهاد في تحصيل المصلحة ودرء المفسدة، قلنا لهم إذاً ليس هو من قبيل المحرم المطلق إنما هو خاضع للاجتهاد والنظر.
أما موضع السياسة والعلاقات الدولية وطلب الانضمام للأمم المتحدة، فإن أبا مصعب السوري لم يشرعن عملهم ابتداءً من خلال مواقفهم المشرفة، بل اعتبره خطأ كبيراً، ثم أعذرهم بالجهل والإكراه والحاجة.

وإذا أردنا أن ننظر في حال المسلمين في سوريا، فإننا نجد أن الإكراه والحاجة فاق حال الأفغان أو ماثله.
وهنا لا بد أن أذكر فائدة مهمة جداً، أن موانع وقوع الإثم أو الكفر على مرتكبها ليس فيها إلا مانع واحد يُعذر فيه المسلمون في ارتكاب الإثم والكفر مع علمهم بأنه إثم ومع قصدهم للفعل، ألا وهو (الإكراه) أما باقي الموانع فجميعها يكون فيها ارتكاب المسلم للإثم والكفر مصاحباً لفقدانه؛ إما للعلم كما هو في الجهل والتأول، أو للقصد كما هو في الخطأ.
وعندما نتحدث مع أولئك المعترضين فإننا لا نعلق الأمر بأحرار الشام فلا أحرار الشام تتحمله لوحدها ولا تتصدره، بل إن تعلق الأمر يكمن في صحة طلب الشعب السوري وثورته بكافة فصائلها وفعالياتها أو غالبيتها الساحقة؛ سلوك هذا السبيل الذي سلكه الشعب الأفغاني بقيادة طالبان "للإكراه والحاجة" وفق تعبير الشيخ أبي مصعب السوري.
وأما ادّعاء البعض الفرق بين حالة طالبان وحالة فصائل الثورة السورية بأن طالبان ممكّنة وتقود الشعب الأفغاني ولا يوجد في الحالة السورية كذلك، فهذا عند التأمل لا سند له من الحجة والقوة، فإن المشكلة عند المعترضين أنهم يمنعون اجتماع الثورة وجميع فصائلها وقواها على أن يشكلوا قيادة سياسية تسير بهم مسيراً قد يتشابه في بعض محطاته أو مواقفه مع شيء ولو يسير من مسيرة ومواقف الشعب الأفغاني وقيادته، فتراهم في الحقيقة يعطلون نشوء هذه القيادة.
فيُقال لهم إن هذا من قبيل الإكراه والحاجة وهي في سوريا أشد مما هو عليه الحال في أفغانستان أو تماثله، فلم تمنعون ذلك؟
فإن أجابوا بأنهم يريدون سلوك درب العزيمة لا الرخص، قيل لهم: لا تلزموا عباد الله بالعزائم، فإن العزائم محلها فيمن أعطاهم الله من صبر أولي العزم من الرسل وقوتهم، أما عند قيادة الشعوب المسلمة نحو إزالة الإكراه وتحصيل الحاجات والضرورات فإن سلوك مسلك أهل العزائم بهم ليس من العزيمة بل هو من المخالفة الصريحة للسياسة الشرعية ولمصلحة الأمة وحماية بيضتها، وليس من العقل ولا من الشرع ولا من الحكمة منع تحصيل الحاجات والضرورات في حال إكراه الشعب المسلم وحاجته من أجل رغبة شخص أو مجموعة بسلوك العزيمة، فإن آل الأمر إلى تعارضٍ بينهما قدمت حاجة الشعب المسلم والأمة المسلمة على رغبة الفرد والجماعة بسلوك مسلك العزيمة.
وأما قولهم إن مداراة طالبان لها مساحة من التأوّل نظراً لأنهم "أعاجم + ماتريديون وأحناف + يخوضون صراعاً ضد عدو كافر كفراً أصلياً مع احتلاله للبلاد. في حين أن الجهاد في سوريا هو جهاد (عرب + سلفيين جهاديين + يخوضون حرباً أهلية وطائفية ...إلخ".
فالجواب:
إن من أعطى لطالبان العذر في فعلها لم يعطه بعذر التأوّل، بل أعطاه بعذر (الجهل والإكراه والحاجة)، كما مر سابقاً، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن أعذار التأوّل والجهل بقوانين الأمم المتحدة أو بطبيعة المجتمع الدولي، والإكراه والحاجة، ليس ثمة مدخل من شرع أو عقل أو منطق يعلّق هذه الأعذار من تأول وجهل وإكراه بلغة المرء أو توجهه الفقهي أو مدرسته التنظيمية أو طبيعة الإكراه هل جاءه من كافر أصلي أو مرتد!! أو أن هذه الأعذار يتعلق وجودها وعدمها بكون الحرب ضد محتل أو ضد معتدٍ أو صائلٍ!! بل وبلغ البعض أن يصف ما يدور في سوريا وصف النظام وبعض الجهات المعادية للثورة الشامية بقوله "أنها حرب طائفية وأهلية" فهذا مع بطلانه فإنه لا تعلق له كذلك بمسألة وجود الإكراه أو عدم وجوده عند التأمّل.
ومن الاعتراضات قولهم: إن طبيعة الصراع في أفغانستان وطبيعة القضايا المثارة اجتماعياً وفكرياً تختلف عندهم عما هو في سوريا.
والجواب: إن كان الإكراه والحاجة قد تحققت، فلا أثر لاختلاف القضايا الاجتماعية والفكرية المصاحبة لحالة القتل والصيال التي يتعرض لها ملايين المسلمين في سوريا.
وأما قول بعضهم: إن طالبان تيارٌ واحد جميع ما يصدر عنهم يغلب على الظن أنه متبنىً من قبل الجميع، أما الحركة فهي تيارات مختلفة لا يمكن اعتبار جميع ما يصدر عنها ممثلاً لرأي حركة أحرار الشام الرسمي!!
والجواب:

إن الأمر غير متعلق بالحركة لوحدها، وليس من ضمن رؤية حركة أحرار الشام أن تتصدر الأمة دون تفويض ولا اختيار و لا رضاً، وأما عدم الاجتماع على رأي واحد فسبق وبينّا أن هناك عرقلة لأي اجتماع لتشكيل قيادة تقود المسلمين في اتجاه تحصيل المكاسب الشرعية ودرء المفاسد مع التمسك بإسلامنا وشريعتنا وهوية بلادنا الإسلامية، وهذه العرقلة بكل أسف وإن كانت مظاهرها تتبدّى في عدة فعاليات من فعاليات قوى الثورة السورية، إلا أن جذرها وسببها الرئيس إنما هو من قبل الإخوة في جبهة النصرة بلا مستند ولا دليل، وعندما تورد لهم أبحاث المسائل هذه من حيث الأدلة الشرعية وأقوال أهل العلم والمذاهب الإسلامية المعتبرة، لا تجد لهم جواباً يصمد في الرد على تلك الحجج، فيجنحون إلى اعتراضات أخرى ينسفون بها الحجة الشرعية من قبيل التشكيك والتخوّف ونحوه، ومن ذلك قول بعض المعترضين هداهم الله: "إننا نخشى أن يأتي جيل يرى هذه التحركات والسياسات والمداراة أصلاً شرعياً فتزل أقدامٌ إلى ما هو أشد مما لا يرضي الله كالديمقراطية والحكم بغير ما أنزل الله".

ونقول لأولئك المعترضين إن حل هذا التخوف لا يكون من خلال اتهام الآخرين بسيرهم نحو الانحراف والضلال والارتهان واستخدام طرائق الغمز واللمز وسوء الظن، بل من خلال الاجتماع والتخطيط ووضع مواضع الثوابت ومواضع المرونة، والتئام الشورى وأهل الحل والعقد على مستوى الشعب السوري وفصائله وقواه الثورية، لنتجنب الوقوع فيما يمكن أن نخشى من الوقوع فيه.
ولو أردنا أن نخوض في عالم التخوفات والخشية، فإننا سنورد في المقابل من التخوّفات أضعاف ذلك تجاه الجماعات السلفية الجهادية فهل هذا من الإنصاف!. فلا يكون الحل كما ذكرنا سابقاً بالغمز واللمز وسوء الظن، بل بما ذكرناه من الاجتماع والتخطيط ووضع الثوابت وتفعيل المرونة التي حبانا الله بها في إسلامنا، والتئام الشورى الفاعلة الجامعة.
وأما اعتراض من قال: إن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان. ولذلك ما كان جائزاً من ذي قبل من تدرب عند الشيعة ومعسكراتهم وعند كل كافر بضوابطه فإنه في ظل هذا الحال اليوم في الشام لا يُقبل أن يُرسل جندي للتدرب عند إيران وحزب الله.
فالجواب عن ذلك من وجهين:

أن معرفة الفتوى الصحيحة هو محل الخلاف، فما تراه أنت صحيحاً كفتوى يراه غيرك خلاف ذلك، والحل لا يكون إلا بالاجتماع على الفتوى المجامعية التي يجتمع فيها جميع أهل العلم من أهل الفصائل لدراسة النازلة والخروج بالفتوى الصحيحة في هذا الباب، لا بفرض كل جهة لنظرتها الشرعية في هذه النازلة أو تلك، طالما أن الخلاف فيها واقع ضمن الاجتهاد، فلا مخرج في مثل هذا الخلاف إلا بالفتوى التي تخرج بعد أن يستشار في ذلك أهل الاختصاص في الشرع والسياسة والاقتصاد والعلوم والاجتماع والعسكرة وأصحاب العقول والنهى والحكمة والمقدمون في عائلاتهم وقبائلهم وقراهم ومدنهم للخروج بالفتوى الصحيحة التي تراعي الزمان والمكان والحال حتى تخرج الفتوى صحيحة سليمة.
ولذلك طالبنا بتوحيد قوى الثورة وفصائلها في تمثيل شرعي وسياسي واحد، (وإن لم تتوحد الأسماء لأنه أمر شكلي)، ثم بعد ذلك يُصار إلى مدارسة النازلة والخروج منها بالرأي الأصوب.
وأما اشتراط المدارسة قبل التوحد فهذا ليس من العقل ولا من الشرع؛ إذ أن المسائل هذه تناقش من باب المصلحة والمفسدة بحسب الزمان والمكان والحال ولا تعلق لها بتنفيذ رأي هذا الجماعة أو تلك، فعندما تتحد الجماعات سياسياً وشرعياً يُصار إلى مدارسة النازلة والخروج بالقرار والفتوى لتكون ملزمة للجميع بعد الشورى حتى وإن اعترض البعض أو رأى خطأها، وهنا تكمن أهمية توحيد القيادة. حتى يكون ما يخرج منها محل التنفيذ والطاعة.
وقد رفضت جميع القوى المجاهدة والثائرة في بلاد الشام طريقة الإجبار والتسلط والتغلب التي انتهجها تنظيم البغدادي، فلم يبق إلا الاتفاق والاجتماع، دون شروط مسبقة بل على أن نقدم ما فيه الخير والمصلحة ودرء المفاسد والشرور. وقد عُرض على جبهة النصرة كثير من المشاريع التوحيدية على مستوى كهذا الذي نتحدث عنه ولكنها لم تستجب، بل عملت على إفشالها، وهذا واقع والله المستعان.
أن المثال المطروح في الشبهة أعلاه لا يصلح، فما طرح في حالة القاعدة مع إيران وتدربهم في معسكراتها ضمن شروط معينة، جاء في سياق التبرير بأن إيران لم تكن في حالة قتال للمسلمين ولا عداء عليهم، في حين أن حال إيران اليوم في قتالها في سوريا لا يجيز هذا الأمر، وهذه مغالطة لأن إيران غير مطروحة من قبل المجاهدين والثوار، بل الطرح كان متعلقاً بالعلاقات مع الجهات التي قدمت للشعب السوري كل الخير ونعني بذلك تركيا فهي ليست في حال قتال أو عداء مع المسلمين في سوريا.
فإن قال قائل إن تركيا تشترك في حلف الناتو الذي يحتل أفغانستان ويضرب المسلمين ويقتلهم، قيل لهم وإيران كانت في أثناء تدرب القاعدة عندهم تستأصل شأفة المسلمين في الأحواز وتقتلهم وتضطهدهم وتتعاون مع المحتل الأمريكي في أفغانستان والجميع يعرف دور إيران أيضاً في حروب الرافضة في لبنان وما فعلوا من مآسٍ هناك.
غير أن موضوع الناتو ومشاركة تركيا في أفغانستان تركة ثقيلة ورثتها حكومة العدالة والتنمية التركية عن حقبات الحكم العلمانية السابقة، والتخلص من التزاماتها ليس بالمقدور على المستوى القصير والمتوسط، ومع ذلك فإن طالبان تفهمت هذا الأمر وكان لها بادرة طيبة حين أطلقت سراح الأتراك المحتجزين لديها وأعلنت في بيان أن هذا بسبب أخوة الإسلام!!! فما للبعض ملكيين أكثر من الملك!

ومن العجب ما يطرح من شبهة خلاصتها: هل ستقبل مني تأويل الصفات مثلاً إذا قلت لك إني متابع لشيخك وأستاذك وأستاذ الكل سيد قطب؟ ثم يُقال لماذا مررتها لسيد قطب ولم تمررها لي؟
والجواب:

إن هذا قياس فاسد فمسألة تأويل الصفات مسألة من مسائل الأخبار والعقائد لا تعلق لها بالاجتهاد والنظر الفقهي المصلحي، في حين أن ما نتحدث عنه في الموضوع محل البحث هو مسائل تتعلق بالاجتهاد والسياسة الشرعية والنظر في المصلحة وتحقيقها والمفسدة ودرئها، وهذا من التلفيق الرديء في طرح المسائل وبحثها والله المستعان.
وأما قول بعض المعترضين: إن الوضع الراهن لطالبان دولياً مقبول وهناك من الدول من تتفهمه وتتفاوض فعلاً معه كقطر وتركيا وغيرهما، فهل الإخوة في أحرار الشام يعدّون أنفسهم دولة أو إمارة حتى يتصدروا المشهد السياسي الخارجي لوحدهم دون التفاهم مع بقية الفصائل؟

فالجواب:
أحرار الشام لم تتصدر المشهد بل حاول الإعلام تصديرههم في المشهد، وطرحت الحركة دائماً أنها لا تتحمل المسؤولية منفردة، وطُرحت مغالطات من قبل البعض على ما جاء في مقالتي الأخ أبي عز الدين مسؤول العلاقات الخارجية في الحركة، معتبرين كلامها بمثابة تصدير لها، على الرغم أنه أشار إلى الحركة وقرنها بعبارة "حلفائها" وهو يعني بذلك القوى والفصائل الثورية المجاهدة في سوريا كاملة، بل إن العديد من البيانات والمواقف التي صدرت عن الحركة وقاداتها واضحة في أن الحركة لا يمكن أن تتصدر المشهد لوحدها ولا تستطيع ذلك، وأن الحل يكمن في تحمل الجميع المسؤولية والاشتراك بها، وهذا عينه ما حصل في المفاوضات التي خوطبت الحركة فيه من قبل الفصائل في الزبداني والفعاليات المدنية الثورية هناك كالمجلس المحلي للزبداني وطلبوا من الحركة المبادرة، ومع ذلك فإن الحركة لم تتصدر الأمر بل إنها كانت تطلع جميع الفصائل والقوى والهيئات الثورية والإسلامية والعلمية على ما يجري وتستشيرهم ولا تبت بشيء دونهم، وكل ما في الأمر أن الحركة ابتليت بثقة أهل الزبداني فصائلَ ومدنيين. كما أن الحركة لا تعد نفسها دولة، ولكن المعترضين وفي مقدمتهم الإخوة في جبهة النصرة يعطلون ويفشلون ويعترضون أيَّ توحد على صعيد الثورة وقواها لمواجهة استحقاقات المرحلة بما يمكنهم من أن يكون وضعهم مشابها لحال الطلبة ـ وفق تعبيرهم ـ فيكون مقبولاً دولياً، لأن الدول لن تتفهم وتقبل ما لم يكن هناك توحيد في التمثيل السياسي وفي مواجهة التأثيرات الإقليمية والدولية، فلم هذا التعطيل والإفشال والرفض للاجتماع؟!!
وختاماً فإن ما سبق من جواب هو من باب المدارسة والمباحثة مع جميع هذه الجهات المعترضة فيما يطرحونه من مسائلَ وفي مقدمتهم جبهة النصرة، غير أن ما تنتهجه غالبية القوى الثورية والمجاهدة الصادقة ومعهم حركة أحرار الشام إنما هو من باب السياسة وتحصيل المصالح ودرء ما أمكن من المفاسد، ويدعون إلى توحيد الصف والتمثيل السياسي وتوحيد القيادة السياسية التي تتحدث باسم الجميع حتى يتسنى لنا أن نتملك أوراق فرض سيادة شعبنا على أرضه واستقلال قراره بمكوناته الثائرة، وأخذ مصالح شعبنا المسلم بغالبيته بعين الاعتبار.
إن طاولة القرار السياسي المستقل لها أربعة قوائم تتوازن بها (الجهة القائدة + الشعب + الوسط الإقليمي + المجتمع الدولي). وعند التأمل نجد أننا أمام تحدّ كبير يتمثل في ضعف قراءة المشهد الإقليمي والدولي وضعفٍ في إدارة المعركة الداخلية في أرضنا. والحل الوحيد، والوحيد فقط، في ظل هذا الأمر كسب المعركة الداخلية ابتداءً وهو الأمر المجدي والمتاح حالياً، حتى يضطر العالم أجمع أن يرضخ لإرادة ثورة الشام المباركة التي قام بها شعبها الكريم وقواه الثورية عامة.
إن كسب توحيد تمثيل الداخل وقيادته السياسية، هو امتلاك لقائمتي طاولة القرار الداخلية (الجهة القائدة + الشعب) وعندها نلزم المجتمع الدولي بحقنا في انتزاع ملكيتنا لقائمتي قرارنا السياسي الأخريين (الإقليمية + الدولية) لننشئ لأول مرة طاولة القرار السياسي الذي سيحمينا من تخوفاتكم وتخوفاتنا.
وقد طرحتُ في سبيل الهدف المنشود مبادرات كثيرة يمكن أن يجتمع عليها أهل سوريا ترتكز على أمور تحمل سمات الإمكانية والجدوى والقدرة وتتلخص بالآتي:

اعتماد علم الثورة + راية بيضاء عليها كلمة التوحيد، يرفعان معاً، الأول يدل على سوريا والثاني يدل على هوية البلاد.
توحيد القيادة والأركان العسكرية للفصائل "والمحافظة على الأسماء في الوقت الحالي لعدم إمكانية الاندماجات الكاملة" فيكون توحيد القرار العسكري والخطة العسكرية والأوامر العسكرية الاستراتيجية اللازمة لإدارة المعركة على أرض سوريا كاملة كفيلاً بعد عون الله وتوفيقه في تصحيح المسير نحو النصر والتحرير وتحقيق أهداف ثورة الشام المباركة.
عمل تمثيل سياسي موحد، ومخاطبة جميع القوى التي تدعي تمثيل الثورة سياسياً بالإصلاح ومن ثم إرسال ممثل لهم إلى مجلس التمثيل السياسي المقترح تأسيسه من قبل قوة الثورة الشامية المباركة في الداخل السوري.
وضع ثوابت للثورة:
ـ العمل والأهداف في العمل كلها ضمن سوريا وتشمل تحرير سوريا واستقلالها من خلال إسقاط النظام ومعاقبة كل أركانه وملاحقة كل من وقف معه من أفراد وجماعات بغض النظر عن انتماءاتهم.
ـ الإسلام هو دين الدولة، والهوية الإسلامية هي هوية البلاد وهذا ثابت من ثوابتها وضابط لتصرفات وأعمال الجميع من التحرير حتى التمكين، فالإسلام هو هوية ودين ومرجعية الغالبية العظمى في سوريا.
ـ أبناء سوريا بكافة طوائفهم وعرقياتهم شركاء في تحمل المسؤوليات والجميع لهم حقوقهم الكاملة في أرضهم ومقدراتها وحقوق حرية انتمائهم ضمن عقد اجتماعي يراعي هوية البلد الإسلامية وخصوصية الطوائف.
ـ سوريا موحدة لا تقسيم لها وهي جزء من العالم العربي خاصة والعالم الإسلامي عامة.
ـ السلم لمن سالمنا والحرب لمن اعتدى وقاتلنا في ديننا أو احتل أرضنا.
ـ نصرة المظلوم والوقوف معه، وردع الظالم وحجزه عن ظلمه.

هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

 

 

حساب الكاتب على تويتر

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع