زياد الشامي
تصدير المادة
المشاهدات : 5816
شـــــارك المادة
لا يبدو أن مصير محادثات السلام المزمع عقدها في 25 من الشهر الجاري في جنيف ستكون مختلفة عن سابقتها جنيف 1 و2، بل ربما لا تنعقد هذه المحادثات قريبا في ظل الاختلافات الكبيرة بين رؤية هيئة المعارضة العليا للتفاوض بخصوص أبجديات بدء التفاوض ومستلزماته، وبين عبث حلفاء النظام السوري الذين يريدون تحويل عملية مفاوضات السلام إلى استسلام ومسرحية هزيلة بامتياز.
وبعيدا عن عدم قناعة كثير من السوريين بجدوى التفاوض مع نظام قتل من الشعب السوري أكثر من 400 ألف، وشرد أكثر من نصف السكان، ولم يترك مدينة أو قرية إلا وألقى عليها من براميله المتفجرة التي دمرت الحجر وقتلت البشر... الأمر الذي يستدعي محاكمته ومحاسبته على جرائمه بحق الإنسانية لا التفاوض معه.... فإنه حتى لو افترضنا جدلا وجود ضرورة للتفاوض مع طاغية مثله، فإن ما يجري الإعداد له بمحادثات ما يسمى "جنيف3" لا يحمل أي معنى من معاني التفاوض الحقيقي أو الندي.
فمن جهة أولى لم ينفذ النظام السوري ولا أسياده – روسيا وملالي طهران – أي بند من بنود خارطة الطريق التي أقرها مجلس الأمن الدولي بالإجماع بخصوص حل الأزمة السورية، وأهمها : وقف إطلاق النار اعتبارا من 1 يناير 2016م .... حيث لا تزال المقاتلات الروسية تقصف المدنيين والثوار في شمال وجنوب سورية بشكل يومي موقعة العشرات من القتلى والجرحى من الأطفال والمدنيين، ناهيك عن استمرار إلقاء طائرات النظام النصيري البراميل المتفجرة على رؤوس الأبرياء.
ومن جهة أخرى تسعى روسيا لإدراج كل الفصائل الإسلامية التي تقاتل النظام السوري ضمن قوائم الإرهاب، وذلك في محاولة منها لجعل كل معارضي النظام "إرهابيين داعشيين"، ولا يبدو أنها ستستثني منهم إلا بعض فصائل الأكراد والجيش الحر ممن لا يشكل أي خطر على النظام، لتمنع بذلك جلوس أي من الفصائل الإسلامية المعارضة الكبرى على طاولة محادثات جنيف3، ليجلس وفد الطاغية مع نفسه عمليا في تلك المفاوضات العبثية.
ومن هنا يمكن فهم تصريح وزير خارجية روسيا "لافروف" منذ مدة، والذي اعتبر فيه كلا من "جيش الإسلام" و"حركة أحرار الشام" أكبر فصائل المعارضة السورية المسلحة الفاعلة منظمتين إرهابيتين، مشيرا أنه لا يصح الجلوس معهما على طاولة محادثات جنيف3!!
ولا تختلف محاولات النظام السوري تفريغ محادثات جنيف3 من مضمونها قبل أن تبدأ عن سيده الروسي، فقد اشترط وزير خارجية الطاغية وليد المعلم الاطلاع على قائمة المشاركين قبل بدء المحادثات، ناهيك عن اشتراطه التركيز على ما يسمى "مكافحة الإرهاب"، والتي تعني من وجهة نظره ونظر الغرب المحرفة: محاربة كل ما هو إسلامي فحسب... وإلا فإن العالم لم يشهد إرهابا كإرهاب طاغية الشام وداعميه.
في المقابل تحاول المعارضة السورية والدول الداعمة لها قطع الطريق على المحاولات الروسية الرامية إلى التلاعب بمصطلح "الإرهاب" و وصم كل من لا يروق لها من فصائل المعارضة المسلحة به لإبعاده عن أي تسوية سياسية مستقبلية، ومن هنا يمكن فهم الخطوة التي قامت بها المملكة السعودية مؤخرا، حيث جمعت فصائل المعارضة السورية في الرياض للخروج بهيئة عليا للتفاوض تضم جميع فصائل المعارضة السياسية والمسلحة، وعلى رأسها "جيش الإسلام و"أحرار الشام".
وكرد على اعتبار روسيا "جيش الإسلام" و"أحرار الشام" منظمتين إرهابيتين، يأتي إعلان رئيس الهيئة العليا للمعارضة السورية للتفاوض رياض حجاب اليوم عن أسماء وفد المعارضة السورية إلى محادثات جنيف3، حيث تم اختيار العميد أسعد الزعبي رئيسا لوفد المعارضة، بينما تم اختيار جورج صبرا نائبا له، ومحمد علوش المسؤول السياسي بجيش الإسلام كبيرا للمفاوضين.
لم يتوقف الأمر عند تسمية "محمد علوش" كبيرا للمفاوضين في تعبير المعارضة السورية عن استيائها من طريقة روسيا المستفزة في التعامل مع مفاوضات جنيف3، ومن تدخلها السافر في شؤون المعارضة وكأنها هي من تسمي وفدهم المفاوض، بل أعلن "حجاب" اليوم أن المعارضة لن تشارك في مفاوضات السلام "إذا انضم طرف ثالث للمحادثات"، في إشارة إلى محاولة روسيا إشراك جماعات أخرى في العملية غير منبثقة عن مؤتمر الرياض، كما اشترط "حجاب" وقف القصف قائلا: "إن المعارضة لا يمكن أن تتفاوض بينما يموت السوريون نتيجة الحصار والقصف".
كثيرة هي القرائن والمؤشرات التي ترجح فشل مؤتمر جنيف3 بسبب التعنت الروسي النصيري في تحقيق الحد الأدنى من نجاحه، و إذا أخذنا بعين الاعتبار وجود تنسيق وتوافق بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية عموما وبين روسيا وإيران حول طريقة حل الأزمة السورية على الطريقة الروسية، وذلك من خلال الكف عن المطالبة برحيل طاغية الشام كشرط أساس للحل كما تطالب المعارضة السورية منذ بدء ثورة الياسمين، فإن ذلك مما يزيد تلك القرائن ويؤكد فشل المفاوضات قبل أن تبدأ.
المضحك المبكي في هذا المؤتمر أن ألد أعداء الثوار هم من يريدون أن يقرروا من يشارك منهم في هذه المفاوضات ومن لا يشارك، فوزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف هما من يبحثان في وفد المعارضة المقبول للجلوس مع هولاكو العصر!!
فهل يمكن بعد كل ما سبق أن يكون مصير مؤتمر جنيف3 مختلفا عن أخواته جنيف و2؟!
المسلم
حسان الحموي
حسان حيدر
نور الحلبي
علي العبد الله
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة