..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الإرهاب الشيعي مقاومة والمقاومة السنّية إرهاب (1)

أنور مالك

١٦ يناير ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 5939

الإرهاب الشيعي مقاومة والمقاومة السنّية إرهاب (1)
مالك-0.jpg

شـــــارك المادة

لا يوجد للإرهاب تعريف قانوني دولي متفق عليه بين الجميع، ولذلك تجد المعايير المعتمدة في تحديد الجهات الإرهابية تخضع للأهواء الخاصة وحسب مصالح ذاتية لكل طرف.

لهذا، صارت المقاومة للاحتلال إرهاباً عند كل المحتلّين والغزاة دائماً، ودفاع الشعوب عن نفسها ضد أنظمة مستبدّة وطاغية هو إرهاب أيضاً لدى جل المستبدّين والطغاة.

كما صرنا نرى جنرالات المؤسسات العسكرية ينقلبون على الشرعية الشعبية، ويتّهمون من يناهض جرائمهم أنهم من الإرهابيين. بل الأدهى والأمرّ أنه صار كل من يريد أن يتخلص ممن يعارضه ويختلف معه، يعمل بكل الطرق غير المشروعة ليلصق به تهمة الإرهاب، وتوجد أدلة عن الأمن والعسكر في كثير من البلاد العربية قاموا بقتل متظاهرين سلميين ووضعوا أسلحة مع جثثهم، وبذلك يعطون لأنفسهم "شرعية" لما اقترفوه بحق ضحاياهم بلا أدنى وازع أخلاقي ولا وطني ولا قانوني.

كما أن المخابرات في دول عربية بدورها قامت باغتيالات وهجومات على مخافر الأمن، وثكنات العسكر، وذلك كي تتهم المعارضة بالإرهاب، وهذا حدث في الجزائر ومصر، وحتى المغرب الذي استهدفت مخابراته جنوداً بالعيون ثم ألصق التهمة بمتظاهرين صحراويين.

أيضاً نجد وزارات الداخلية سهّلت عمليات فرار لمتطرفين وجهاديين من السجون حتى يخلطوا أوراق ثورات شعبية، وهذا ما جرى في سوريا والجزائر والعراق. بل وصل إلى حد وضع سيارات مفخّخة في شوارع عمومية، أدت لمقتل مواطنين أبرياء، وهذا كي يثبتوا على معارضيهم تهمة الإرهاب.

لقد غدا الإرهاب مجرد شمّاعة تبرّر بها وتعلّق في عنقها شرور الأنظمة والدول والحكومات والمنظومات الدولية، فكل من يرى مصالحه الخاصة مهددة من طرف ما، يتهمه بالإرهاب ثم يفعل فيه ما يحلو له من الجرائم التي يرفضها القانون الدولي، ورغم ذلك لن يتعرّض لأدنى حساب أو عقاب.

لقد أصبح الإرهاب حكراً وحصرياً على الإسلام والمسلمين، رغم أن ما قامت وتقوم به الدول غير المسلمة عبر تاريخها الطويل أكبر من مصطلح الإرهاب في حدّ ذاته، كما أن جرائم الإبادة والعنصرية والتطرّف والغلو موجود في كل الديانات، وبما هو أكبر بكثير مما نراه لدى بعض المسلمين، الذين يتعرّضون للظلم الحقيقي من طرف العالم. ويكفي ما تقوم به الصهيونية من إرهاب عبر منظماتها السرية، أو حتى عبر دولتها التي تسمّيها "إسرائيل"؛ وصل إلى حد إبادة المدنيين في غزة بأسلحة محرمة دولياً، وأيضاً يكفي التاريخ الأمريكي الحافل بالعنصرية والمجازر الجماعية في حق الشعوب العربية والأفارقة والزنوج، وهو ما سبق أن تحدّثنا عنه في مقال على "الخليج أونلاين".

من جهة أخرى، في خضم هذه المتناقضات نجد أن الإرهاب الذي تقوم به مليشيات شيعية تابعة لإيران لم يحارب دولياً، ولا تم إدراجه في قوائم الإرهاب الدولي، كما لم نر الدول الكبرى تحشد الحشود لضرب هذه المليشيات التي تمارس شتى أنواع القتل والتعذيب في حق المدنيين والعزّل، متحدّية بذلك كل القوانين والأعراف الدولية.

في حين أن أي مليشيا أو تنظيم محسوب على أهل السنّة بمجرد ظهوره، ولو في مناطق المقاومة والدفاع عن النفس، وقبل أن يطلق حتى أول رصاصة في وجه المعتدين عليه، نرى العالم يحشد الجيوش لمواجهة الإرهاب المحتمل.

ترى هل الإرهاب الشيعي "حلال" والإرهاب السنّي "حرام"؟

إن كان المعيار الأساسي في التعامل مع المليشيات السنّية أنها ليست تابعة للجيوش الرسمية بل مجرد جماعات وتنظيمات متمردة تهدّد أمن الدول والحكومات العربية والإسلامية والعالم، فهل ينطبق هذا يا ترى على المليشيات الشيعية التي تعيث قتلاً وتدميراً في المنطقة العربية؟

بالتأكيد ما ذكرناه ينطبق على المليشيات الشيعية، وبما هو أخطر وأفظع أيضاً، إذ إن "حزب الله" مليشيا متمردة على الدولة اللبنانية، وعميلة تعمل لحساب إيران في لبنان، وورطته في حروب مثل حرب تموز 2006 التي أدت إلى مقتل الآلاف من المدنيين وتدمير البنى التحتية، كما أن هذا الحزب زحف نحو سوريا رغم أن حكومة بلاده تلتزم "الحياد" في الأزمة السورية، ولم ترسل حتى مراقبين في بعثة الجامعة العربية، وقد ارتكب جرائم حرب في الكثير من المناطق السورية، وأخطرها ما قام به في القصير وغيره، وبذلك أدخل الدولة اللبنانية في مأزق دفع ثمنه عموم الناس من الشعب اللبناني.

فلماذا يا ترى لم يتحرك المجتمع الدولي لإجبار هذا التنظيم على العودة إلى دياره؟

لماذا لم تتم محاربة "حزب الله" رغم أنه يهدد "إسرائيل" بمحوها من الوجود وهي الخط الأمني الأحمر في المنطقة؟

لا يوجد جواب عن السؤال الأخير، إلا أن تهديدات نصرالله للكيان العبري، إما أنها فارغة لا أساس لها وهو صناعة صهيونية بامتياز، وهو الأرجح، أو أن هذا التنظيم الإرهابي أقوى من المجتمع الدولي برمته، وهذا مستبعد بلا أدنى شكّ، لأنه لو كان ذلك صحيحاً لدخل في حرب جديدة ضد "إسرائيل"، أو ما وصل به الحال إلى استقبال مئات التوابيت العائدة من سوريا.

قد يقول قائل إن وجود "حزب الله" في الساحة السورية جاء بطلب من النظام السوري، ولذلك يختلف عن وجود مقاتلين أجانب في صفوف المعارضة الذين تمّ تهريبهم عبر الحدود وينتمون لتنظيمات محظورة دولياً.

هذا أمر يبرّر به كثيرون مواقفهم المؤيدة للنظام السوري، ولكن بشار الأسد فقد شرعيته الشعبية داخل سوريا وعلى المستوى الدولي، باعتراف من دول كبرى، وعلى رأسها الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وأيضاً هيئات مثل جامعة الدول العربية، وهذا ما يعني أنه لم يعد النظام يتمتّع بالشرعية، بل تحوّل إلى نظام إجرامي يستعمل مليشيات إرهابية لقتل الشعب ومحوه من الوجود بطائفية وعنصرية لا سابق لها. فلا يعقل أن من قتل أكثر من ربع مليون سوري أغلبيتهم من المدنيين، وشرّد وجرح وهجّر وأخفى وعذّب الملايين من المواطنين، وارتكب محرقة بحق السوريين، أن يمنح شرعية لاستقبال تنظيمات إرهابية كي تساعده في جرائمه بحق الإنسان والإنسانية.

لنسلّم جدلاً وتجاوزاً بصحة ما يقال، أليست حركة طالبان في أفغانستان كانت نظاماً حاكماً وقائماً وشرعياً، وآوت تنظيم أسامة بن لادن، فلماذا أسقطها المجتمع الدولي وراح يحارب "القاعدة" في كل العالم؟ أليس نظام صدام حسين شرعياً أيضاً، فلماذا اتهم يا ترى بإيواء القاعدة والسلاح الكيماوي وتمّ غزو العراق، رغم أن ذلك لم يحدث مع إيران التي لديها مشروع نووي، ويوجد قيادات لـ "القاعدة" على ترابها وتحت رعاية جهازها الاستخباراتي، والعالم يعلم ذلك؟

لم يقتصر الأمر على تنظيم "حزب الله" الإرهابي الذي يمارس كل ما ينطبق على تنظيمات أخرى وصفت بالإرهاب، بل جرائمه في حقّ السوريين فاقت ما اقترفته تنظيمات إرهابية في مناطق كثيرة وعلى مدار سنوات طويلة. بل نذكر أيضاً تنظيم "أنصار الله" المعروف بالتنظيم الحوثي الذي هو عبارة عن مليشيات متمردة عن سلطة الدولة المركزية والمنتخبة شرعياً وتحت رعاية المجتمع الدولي، وقد اقترف الحوثيون جرائم إبادة طائفية ضد أهل السنّة، وهجموا على المدن، وأعدموا الجرحى، وقتلوا طلاب العلم في مدارسهم وكتاتيبهم وبيوتهم، ثم تمكّنوا من الهجوم على العاصمة بتواطؤ مع نظام علي عبد الله صالح وجهات أخرى، وسيطروا على صنعاء بطريقة استعراضية واستفزازية، وصاروا يتحكّمون في الدولة التي مؤسساتها كلها شرعية ومنتخبة عبر صناديق الاقتراع.

لقد صار الحوثيون يهدّدون دول الجوار ومنها السعودية، ويخططون للتمدد في الخليج العربي الذي تريد إيران أن تراه فارسياً في الواقع كما تسمّيه في خرائطها وخطابها الرسمي، ورغم كل ذلك لم تتدخّل أمريكا ولا شكّلت حلفاً دولياً لإيقاف غزو الحوثية لصنعاء، بل إن أمريكا تقصف مواقع "القاعدة" بطائرات من دون طيّار في اليمن نفسه، ولم تتحرك نحو الحوثيين الذين يتمرّدون على الجيش الحكومي ويرفعون شعارات الموت لأمريكا و"إسرائيل"!

في العراق نجد مليشيات شيعية لا تحصى ولا تعد، وقد كانت تقتل العراقيين السنّة على الهوية، وعلى مرأى الاحتلال الأمريكي الذي يوجد في العراق. لم نسمع يوماً أن "المارينز" تدخل في مكان ما لحماية العراقيين السنّة من مليشيات طائفية تمارس القتل والتهجير والاغتصاب والتعذيب والذبح، بل إن الكثير من السيارات المفخخة التي تضرب مناطق عراقية سنّية، وحتى شيعية أيضاً، تقف خلفها هذه المليشيات، وبإيعاز من المخابرات الإيرانية التي وجودها في بغداد أكثر من وجودها في طهران.

من الأمثلة التي ضربناها سابقاً، يتأكد لدينا أن المنظمات الشيعية ليست إرهابية في نظر المجتمع الدولي، حتى وإن قتلت على الهوية، وتمرّدت على سلطة الدولة، وراحت تبيد المدنيين والعزّل، وتذبح الأطفال بكل حقد ديني وعرقي ومذهبي، في حين أن التنظيمات السنّية دائماً متهمة بالإرهاب، ولو كانت تدافع عن نفسها ضد الإرهاب الإيراني العابر للحدود والقارات.

يتبع...
 

 

 الخليج أونلاين

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع