ياسر الزعاترة
تصدير المادة
المشاهدات : 3357
شـــــارك المادة
لم تبدأ ورطة إيران عمليا مع «الاستكبار» الروسي من امتناع موسكو عن التصويت على قرار مجلس الأمن الذي طالب الحوثيين بالانسحاب من المناطق التي احتلوها، فذلك موقف تم ابتلاعه بقدر ما من التفهم المشوب بالمرارة، لكنه بدأ عملياً منذ اللحظة التي تجرّع فيها الإيرانيون كأس السم، وطالبوا بالتدخل الروسي المباشر في الحرب بسوريا، وصولاً إلى زيارة بشار الأولى خارج سوريا إلى موسكو، والتي بدت كما لو أنها بيعة منه للسيد الروسي، وتهميشا للسيد الإيراني الذي كان يعتقد أنه وضع يده على البلد، أو الجزء الذي يسيطر عليه بشار منه بتعبير أدق، وهو وضع لا تغير فيه كثيرا زيارة بشار إلى طهران التي كان لا بد منها لترميم الموقف، والتي توقعناها منذ لحظة الإعلان عن زيارته لموسكو. نفتح فاصلة لنشير إلى قول بشار الأسد في خطاب له قبل شهور: إن سوريا ليست للسوريين، وإنما لمن يدافعون عنها، ما يعني أن من الطبيعي أن تكون لإيران وأدواتها أكثر مما للروس، فالأخيرون لم يدفعوا سوى القليل؛ مالا وسلاحا ورجالا، بينما قدمت إيران عشرات المليارات حتى الآن، إضافة إلى آلاف القتلى من الأتباع، والمئات من أبنائها. تبدأ الإشكالية الإيرانية مع روسيا من لحظة التوصيف، فالأخيرة اليوم لا تختلف كثيرا عن الولايات المتحدة من حيث كونها قوة إمبريالية تبحث عن المصالح والنفوذ، وما فعلته في أوكرانيا، لم تفعله أميركا مع تمرد دول أميركا اللاتينية عليها في العقدين الماضيين، ومن هنا، فهي بالضرورة لا تقدم وجبات مجانية لأحد. أما العلاقة مع الكيان الصهيوني، فهي في حالة روسيا لا تقل حميمية عنها في حالة الولايات المتحدة، ومن العبث تسويق حكاية المقاومة والممانعة في ظل التدخل الروسي، وما التنسيق المتقدم بين الطرفين الروسي والإسرائيلي سوى دليل بسيط. وإذا قال البعض إننا نمارس التحليل، وربما تسويق الأمنيات، فإن الشكوك الإيرانية حيال «الاستكبار» الروسي لم تعد من الأسرار، وما لا يقوله السياسيون، تتولى المواقع والصحف ومراكز الدراسات التعبير عنه، فهذا مركز دراسات الدبلوماسية الإيرانية، وهو من أهم مراكز البحث في إيران يقول صراحة إن «دخول الروس إلى الساحة السورية يهدد المصالح الإيرانية؛ ليس في سوريا فحسب بل في المنطقة كلها». ولا يتوقف الأمر هنا على تهديد المصالح، بل وصل الحال حد اتهام طيران الروس بقصف مواقع للحرس الثوري بسوريا، كما فعل موقع «سحام» المقرب من القيادي الإصلاحي مهدي كروبي، ولم يتردد كثيرون في اتهام موسكو بالتواطؤ مع الصهاينة في اغتيال سمير القنطار، بل إن باحثين ذهبوا إلى التشكيك في الأسباب التي أدت إلى تصاعد الخسائر في صفوف حزب الله والحرس الثوري، وردها إلى القصف الروسي. بعيدا عن تفصيلات كثيرة من هذا النوع، فإن الثابت أن التناقض بين الروسي والإيرانيين في سوريا لم يعد سرا، لكن الأمر يتجاوز سوريا بحسب مركز دراسات الدبلوماسية الإيرانية، ذلك أن بوتن ليس شيوعيا ينشر أفكاره، بل هو قائد قوة تبحث عن مصالحها، ويمكنها تبعا لذلك أن تدخل في صفقات من شتى الألوان مع الآخرين من خصوم وأعداء إيران، لاسيَّما أنه لا يطمئن تماما إلى الوضع داخل إيران، لجهة تصاعد النفوذ الإصلاحي الذي سيكون أقرب إلى الغرب منه إلى روسيا.
أما الأهم، فهو أن قدرة بوتن على احتمال الخسائر ليست كبيرة؛ لا بشريا ولا اقتصاديا، وهو ما قد يدفعه إلى ترتيب صفقات تتجاهل الهواجس الإيرانية الأقرب إلى الأحلام الطائفية؛ منها إلى الواقعية السياسية. هكذا، يتأكد العقلاء من عبثية مشروع التمدد الإيراني، وكلفته الكبرى باستعداء غالبية الأمة، مع الأحلاف الأخرى التي تحدثنا عنها آنفا، لكن الفرصة ستبقى متوافرة لصفقة متوازنة مع تركيا والعرب توفر تعايشا ومصالح للجميع، وهي صفقة يمكن أن تتم بعيدا عن الاستكبار الأميركي والروسي في آن، لو توفر المنطق والرشد.
العرب القطرية
عبد الرحمن الراشد
عارف العبيد
أحمد موفق زيدان
حسان القطب
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة