..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الغوطة تُباد... فلا أقل من الاتحاد

زياد الشامي

١٥ ديسمبر ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7066

الغوطة تُباد... فلا أقل من الاتحاد
الان 00.jpg

شـــــارك المادة

لم تكن المرة الأولى التي تُقصف فيها غوطة دمشق بمختلف الأسلحة الفتاكة -بما فيها السلاح الكيماوي الذي أودى بحياة مئات الأطفال والمدنيين الأبرياء بصمت في أغسطس عام 2013م– ولكنها قُصفت أمس بأسلحة روسية أشد فتكا وأكثر تدميرا، ولم تكن المرة الأولى التي تُستهدف فيها المدارس والمساجد والأسواق الشعبية، ولكنها كانت بالأمس أكثر وحشية ودموية.
نعم... لقد تكرر قصف مدينة دوما –وغيرها من مدن الغوطة الشرقية بريف دمشق– بالأمس، واستشهد أكثر من 80 مدنيا حسب التقديرات الأولية، بينهم ما لا يقل عن 40 طفلا، بالإضافة لعدد كبير من المصابين بينهم 60 حالة بتر، ناهيك عما سببه القصف من هدم لــ 10 مبان وثلاثة مساجد على الأقل.
لم يستنكر العالم -الذي يزعم حماية حقوق الإنسان- هذا العمل الإجرامي، ولم تستنفر أمريكا وأوروبا لمواجهة هذا "الإرهاب" الروسي النصيري الصفوي الممنهج ضد الأطفال والمدنيين السوريين كما فعلت بعد هجمات باريس... بل مرت المجزرة مرور الكرام على أدعياء حقوق الإنسان، لا لشيء سوى لأن الدماء التي تسيل هناك دماء مسلمين من أهل السنة، ومرتكب المجزرة عميل أو متواطؤ مع الغرب والأمريكان.
لم تكن هستريا القصف الروسي على مواقع الثوار والمدنيين في مختلف المحافظات السورية عموما –وعلى مدن وبلدات الغوطة الشرقية بالأمس خصوصا- من فراغ، بل هي نتيجة لفشل التدخل العسكري الروسي الذي لم يحقق شيئا ملموسا على الأرض حتى الآن، وانتقاما من صمود المجاهدين في جبهة ريف حلب الجنوبي، ومحاولة للرد على استعادة الثوار للمناطق التي سيطر عليها النظام السوري ومليشياته منذ مدة هناك، بل وتحقيق المجاهدين لتقدم ملحوظ على أكثر من جبهة في الشمال السوري، وخصوصا في ريف حماة الشمالي بعد سيطرتهم عصر أمس على قرية البويضة، وعلى عدة حواجز في هناك، واغتنامهم مدافع وأسلحة وذخيرة من قوات النظام.
وإذا ما أضفنا إلى صمود الثوار وتقدمهم في أكثر من مواجهة، الخسائر المادية والمعنوية للنظام السوري والمليشيات الرافضية على مختلف الجبهات، فإن ذلك قد يفسر تلك الهستريا في القصف الروسي على الغوطة الشرقية وغيرها من المدن السورية، والتي باتت سياستهم مع كل هزيمة أو خسارة ميدانية.
فقد أكّد الثوار مقتل ما يزيد على 13 عنصرا من قوات النظام جراء عمليات اقتحام المعارضة قرية البويضة شمالي حماة أمس، كما أكد جيش الفتح مقتل ما لا يقل عن 80 من المليشيات الإيرانية أثناء معركة استعادة كامل قرية "بانص" في ريف حلب الجنوبي كما أكد الإعلامي المعروف هادي العبد الله على صفحته على "تويتر".
ويكفي دليلا على تلك الخسائر البشرية والمادية الكبيرة للنظام والمليشيات الرافضية ما أعلنه "حزب اللات" أمس عن مقتل 14 من عناصره في ريف حلب خلال الــ48 ساعة الماضية، ناهيك عن توابيت الموت التي تصل تباعا إلى طهران، والتي تضم ضباطا من أعلى الرتب وعسكريين من الحرس الثوري وقوات الباسيج.
إن هستريا القصف الروسي على مواقع الثوار وحاضنتهم الشعبية لا يبدو أنها ستتوقف، وما المجزرة التي تكررت أمس في غوطة دمشق إلا دليلا صارخا على تلك السياسة المستمرة، فلا أقل إزاء ذلك من عدم الفرقة والاختلاف بين الثوار، ولا أدنى من الوحدة والاتحاد لمواجهة هذا العدو الوحشي الذي لن يفرق في قصفه أو هستريا انتقامه لهزائمه بين فصيل وفصيل أو بين مجاهد وآخر.
أقول هذا الكلام بعد اللقاء الصحفي الذي عقده أبو محمد الجولاني زعيم تنظيم جبهة النصرة في سورية مع عدد من الصحفيين وبثته بعض وسائل الإعلام، والذي انتقد فيه مؤتمر الرياض والمشاركين فيه، ولم تخلو عبارات الجولاني من التخوين والتآمر على الثورة السورية، وهو ما قُوبل بطبيعة الحال برد من أبرز قياديي الفصائل الإسلامية الكبيرة والمعروفة (أحرار الشام، جيش الإسلام، أجناد الشام، الجبهة الشامية)، لم تخل أيضا من عبارات يخشى معها من وقوع خلاف واختلاف في أشد الأوقات حاجة فيه لاجتماع كلمة الفصائل المقاتلة ضد الطاغية وحلفائه والاتحاد.
إن من أبسط أولويات المرحلة التي تمر بها الثورة السورية اليوم عدم الانجرار إلى التخوين، وخصوصا بين من شهدت لهم السنوات الخمس من عمر ثورة الياسمين بالقتال ضد طاغية الشام والمليشيات الرافضية الداعمة له، دون أن يظهر دليل واحد على عمالة أو خيانة أو ما شابه ذلك من الاتهامات الخطيرة.
وإذا كان أعداء الأمة والثورة السورية قد نحّوا خلافاتهم جانبا في سبيل إجهاض هذه الثورة المباركة وحفاظا على مصالحهم وأطماعهم الدنيوية، فمن باب أولى أن يفعل قادة الفصائل المقاتلة ضد هولاكو العصر ذلك، امتثالا لقول الله تعالى في كتابه العزيز: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} آلأ عمران/103، وخشية من آثار الفرقة والانقسام والتنازع في قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ...} الأنفال/46، ووفاء لدماء الشهداء الذين يسقطون يوميا، وحفاظا على المكتسبات التي حققوها حتى الآن بعد اجتماعهم وتوحدهم في جيش الفتح وأمثاله.

 

 

المسلم

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع