زياد الشامي
تصدير المادة
المشاهدات : 6232
شـــــارك المادة
لطالما اتخذت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية من عدم توحد فصائل المعارضة السورية ذريعة لترك الطاغية يبطش بالشعب السوري قتلا وتعذيبا وتهجيرا، ويسوي الكثير من المحافظات السورية بالأرض، دون أن يعتبروا ذلك إرهابا يبرر تدخلهم لإنقاذ ما تبقى من البلاد والعباد.
وعلى مدى خمس سنوات من عمر ثورة الياسمين كانت تلك الذريعة القناع الذي يخفي وراءه الغرب والأمريكان حقيقة تآمرهم على تلك الثورة اليتيمة، من خلال السكوت على جرائم الطاغية التي وصلت إلى استخدامه السلاح الكيماوي ضد الأطفال، ناهيك عن مباركة التدخل العسكري الصفوي والروسي دفاعا عن هولاكو العصر، ومنع تزويد المعارضة السورية المسلحة بالسلاح النوعي الذي يحسم المعركة...
ومع فشل كل ما سبق في إجهاض ثورة الياسمين، لم يجد الغرب بدا من تحريك صنيعته "داعش" لتبني هجمات باريس وأمريكا... التي استخدمها الغرب كذريعة للانقلاب على المطالبة المزعومة بإسقاط الطاغية، والعودة إلى سيناريو الحوار والتفاوض مع الأخير على المرحلة الانتقالية، مراهنة على تفرق المعارضة السورية وعدم اجتماعها في تثبيت حكم الطاغية.
ونظرا لإدراك حلفاء وداعمي ثورة الياسمين - وفي مقدمتهم بلاد الحرمين وتركيا – بما يحاك ويُدبر للشام وثورتها من قبل روسيا وإيران بدعم أمريكي غربي واضح، وخصوصا بعد محاولات "بوتين" دمغ و وسم جميع فصائل المعارضة المسلحة "بالإرهاب"، تمهيدا لاستبعادها عن طاولة الحوار الممهدة لحل الأزمة السورية سياسيا بعد فشل إجهاض الثورة عسكريا، كان لا بد من خطوة تقطع الطريق على روسيا وإيران، وتزيل ما يتذرع به الغرب طوال خمس سنوات.
تمثلت تلك الخطوة في دعوة جميع فصائل المعارضة السورية السياسية والمسلحة في الداخل والخارج للاجتماع بالرياض، للاتفاق على موقف موحد من الطاغية، ووضع رؤية واضحة لمستقبل سورية، وتشكيل هيئة عليا للمفاوضات لتتولى مهام اختيار الوفد التفاوضي، وتكون مرجعية المفاوضين مع ممثلي النظام السوري نيابة عن المجتمعين لاحقا.
وبالفعل قد حصل كل ذلك، ووقعت جميع الفصائل المدعوة للمؤتمر على البيان الختامي بما فيها حركة أحرار الشام، وكان التوافق والإجماع على رحيل الطاغية عن الحكم مع بداية المرحلة الانتقالية صارخا، وألا يكون لأركان ورموز نظامه مكان في أي ترتيبات سياسية واضحا، فماذا كان رد الولايات المتحدة الأمريكية والغرب وروسيا والرافضة تجاه ذلك.
أما الولايات المتحدة الأمريكية التي طالما طالبت باجتماع المعارضة فقد مارست نفاقها المعروف والمشهور، من خلال ترحيبها ظاهريا بنتائج المؤتمر، من خلال وصف المتحدث باسم خارجيتها جون كيربي الاتفاق بأنه "خطوة حاسمة" باتجاه التفاوض مع الحكومة السورية مطلع الشهر المقبل، ليبقى تحقيق وتنفيذ بنود ذلك المؤتمر الذي أجمع عليه السوريون، وفي مقدمتها: "رحيل الطاغية ورموز حكمه" رهن المصالح الأمريكية.
وأما الغرب فلم نسمع له أي تعليق أو تصريح على خطوة طالما كانت ذريعته لعدم دعم ومساندة الثورة، ولسان حال ساستها يقول: لا نستطيع الاستغناء عن طاغية الشام رغم إصراركم واجتماعكم أيها السوريون على وجوب رحيله، فلم نجد نظاما يحفظ مصالحنا ويحمي حدود الصهاينة أفضل منه، ولا يبدو أننا سنجد!!
أما إيران فقد أدركت خطورة هذا المؤتمر قبل انعقاده، ولذلك فقد هاجمته بشدة قبل أن يبدأ على لسان نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الذي قال لوكالة فارس أن المؤتمر سيؤدي إلى فشل محادثات السلام السورية بين دول كبرى في الغرب والشرق الأوسط، دون أن يذكر سبب هذا الفشل؟!
من جهتها لم تكترث روسيا -التي طالما زعمت أن السوريين وحدهم من يقررون مصير الأسد- بنتائج المؤتمر الذي أكد على وجوب رحيل الطاغية، بل اعتبر وزير خارجيتها "سيرغي لافروف" أمس الجمعة أن الإصرار على إزاحة الأسد قبل أن يعمل بشكل وثيق مع روسيا في مكافحة ما يسمى "داعش" "خطأ فادح"، ولا أدري كيف يحارب "الإرهاب" من كان أكبر إرهابي عرفته البشرية؟!
كما أن نائب وزير الخارجية الروسي "غينادي غاتيلوف" استمر في الترويج لفكرة موسكو الخبيثة المتعلقة بلوائح المنظمات الإرهابية في سورية، والتي تريد من خلالها إدراج معظم –إن لم نقل جميع– الفصائل المقاتلة ضد الطاغية ضمن لوائح "الإرهاب"، وحصر وصف الاعتدال بمعارضة "الداخل".
وبدلا من أن يُساق طاغية الشام إلى محكمة الجنايات الدولية لمحاكمته على جرائمه ضد الإنسانية، نراه يظهر على وسائل الإعلام ليعلن بكل وقاحة أنه لن يتفاوض مع جماعات مسلحة ككيانات سياسية!!
ولعل من الأدلة الشديدة الوضوح على دعم الغرب لاستمرار حكم عائلة من الطراز الفريد في العمالة لهم ولربيبتهم "إسرائيل" "كعائلة الأسد"، سكوتهم على تجاوز الطاغية لخطوطهم الحمراء المزعومة، بل واتهامه الولايات المتحدة وفرنسا والغرب -عموما- بعدم الجدية في محاربة "داعش".
وختاما يمكن القول: إنه مع بعض الملاحظات التي أبداها البعض على مؤتمر المعارضة السورية بالرياض، والتي من أهمها : إشراك بعض معارضة الداخل - هيئة التنسيق مثلا - في الوفد التفاوضي... إلا أن نتائج المؤتمر المعلنة إيجابية، ويكفي دليلا على ذلك أنها أربكت حسابات روسيا وطهران، وأحرجت أمريكا والغرب.
وتبقى الكلمة الأولى والأخيرة لإنهاء الحرب الدائرة بسورية للأرض والميدان لا للسياسة والكلام، فلولا سلاح المجاهدين بالشام لما لجأ الشرق والغرب إلى المفاوضات وشعارت السلام.
المسلم
أحمد دياب
سعيد الحاج
فاروق شريف
صباح أيوب
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة