ياسر الزعاترة
تصدير المادة
المشاهدات : 2901
شـــــارك المادة
شهران مرا على بدء العمليات الجوية الروسية في سوريا، والنتيجة لا تبدو منسجمة مع الأهداف المعلنة، ولا مع الزفة الضخمة التي رافقت الإعلان عن انطلاقها، والتي شارك فيها شبيحة إيران وبشار في كل قُطر عربي على نحو بدا معه أن المعتصم قد استجاب لنداء المرأة المظلومة، وجاء بجيوشه الجرارة كي يخلصها من الظلم!!
يوميا تتحفنا وسائل الإعلام الروسية بإحصائية عن عدد الضربات التي تم توجيهها لـ «الإرهابيين» في سوريا (كل من يقاوم النظام هو إرهابي بطبيعة الحال)، وغالبا ما يقال إنها لمواقع تنظيم الدولة بهدف الإخراج الإعلامي، بينما تقول الوقائع إن أعدادا هائلة من النساء والأطفال وعموم المدنيين قد قتلوا أو جرحوا جراء تلك الغارات.
الطيران الروسي وجَّه ضربات في مختلف مناطق سوريا التي يسيطر عليها الثوار من كل الفصائل، بما في ذلك مناطق الجنوب، ولكن بعد تنسيق واضح مع الصهاينة لأن الأمر هنا يعنيهم، وهو أمر لا يمكن أن يستوقف شبيحة بشار الذين يرددون كالببغاوات يوميا قصة جرحى المعارضة الذين يعالجون في المستشفيات الإسرائيلية، وهم قلة قليلة كانوا برسم الموت، وعلاجهم جزء من تسويق الوجه الإنساني للعدو لا أكثر، ولو ذهب إليهم جندي سوري أو أحد شبيحة النظام، وقد حصل ذلك، لما تغير الموقف.
على الأرض يتحرك مقاتلو حزب الله، وما تبقى من جيش النظام، إلى جانب عناصر الحرس الثوري والمرتزقة الذين جلبهم سليماني بحشد مذهبي واضح من كل أصقاع الأرض، بينما يكتفي الروس (حتى الآن) بالجهد الجوي، ولكن النتيجة لم تتجاوز بعض التقدم هنا وهناك، مقابل تقدم أكبر للثوار في عدد من المناطق، مع تكبيد خسائر كبيرة للعدو، وها إننا نسمع يوميا عن خسائر في صفوف الحرس الثوري وحزب الله.
لندع هنا الجدل الدائر حول الخلاف بين إيران وروسيا في سوريا، والذي بدأ يخرج عمليا إلى العلن، ونتوقف قليلا عند قول أحد المحللين المقربين من النظام (طالب إبراهيم) إن قرار الذهاب إلى فيينا لم يكن قرار النظام، بل قرار الروس، وبالطبع على غير رغبة من محافظي إيران الذين ربما اعتقدوا أن عليهم تحقيق بعض التقدم قبل الذهاب نحو خطوة من هذا النوع، تماما كما فعلوا في اليمن حين صبوا جهدهم مع الحوثيين من أجل إحداث بعض التقدم، ومن ثمَّ الذهاب إلى جنيف بوضع أفضل.
القرار الروسي لا يعكس العقلية التجارية لبوتين الذي لا يريد أن يخسر أكثر في علاقاته مع العرب وتركيا، والاكتفاء من الوضع العربي والإسلامي بإيران وحلفها، بل يعكس بدرجة أكبر إدراكا لحقيقة أن الضربات الجوية ليست كافية، حتى لو واكبها فعل على الأرض من قبل إيران وأتباعها، بدليل ما جرى منذ التدخل الجوي ولغاية الآن. وها إن بوتن نفسه يعترف في تصريح نادر بهذه الحقيقة بقوله: «المهام تنفذ، وتنفذ بشكل جيّد... لكن هذا غير كافٍ بعد لتطهير سوريا من المسلحين والإرهابيين، وحماية روسيا من الهجمات الإرهابية المحتملة».
هذا يؤكد أن بوتن ليس بعيدا عن إدراك الأبعاد الكبيرة لفشله في سوريا، فضلا عن إمكانات ذلك الفشل في ظل ميل أميركا والغرب لذلك، ولا شك أن بعض الاتصالات التي جرت خلال الأسابيع الأخيرة قد بلغته، والتي لا يمكن إلا أن تنطوي على توافق خليجي تركي على زيادة تسليح المعارضة دون اعتراض أميركي غربي، وما يعنيه ذلك على صعيد ميزان القوى الاستراتيجي، ولا شك أن قصة الطائرة الروسية لم تكن خارج دائرة الحسابات، وما تعنيه من إمكانية استهداف المصالح الروسية في كل مكان.
خلاصة القول هي أن أفق الإنجاز الروسي في سوريا يبدو مسدودا، ولا مجال لغير نزيف طويل، لهم وللإيرانيين، من دون أن يعني ذلك وضعا جيدا للآخرين، وإن كانوا أقدر على احتمال النزيف. وما دام الأمر كذلك، فإن التسوية هي الحل، وهي تسوية سيحددها ميزان القوى، وإن بدا أن استمرار الحرب هو الخيار المرجح، في المدى القريب على الأقل، لكن ميل بوتن للتسوية لم يعد يخفى، مقابل تشدد إيراني قد يتراجع بمرور الوقت، ولا يُستبعد أن يتم التفاهم عليه في لقاء الغد بين «القيصر» وبين «المرشد» خامنئي في طهران.
العرب القطرية
أحمد أبازيد
نزيه الأحدب
زياد المحمود
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة