علي حسين باكير
تصدير المادة
المشاهدات : 4521
شـــــارك المادة
لا يزال الإيرانيون رغم كم المبادرات والمناورات يتمسكون بشكل قوي جدا بالأسد، علماً أن مصيره في النهاية وبغض النظر عما إذا كان اتفاق فيينا سينجح أم لا محتوم لناحية عدم وجود أي دور له في مستقبل سوريا. ولذلك، فعدا عن التفكير في كيفية الحفاظ على الأسد في هذه المرحلة، وانطلاقا من هذه النقطة بالتحديد هناك معضلة أخرى تشغل الإيرانيين حاليا وهي التفكير في كيفية الحفاظ على النفوذ الإيراني في سوريا ما بعد الأسد.
الأهداف الاستراتيجية لإيران في سوريا في المستقبل هي الحيلولة دون قيام سوريا قوية، عربية، أو سنية، بالإضافة إلى ضمان أن تكون محايدة على الأقل بين الخليج العربي وإيران، وبين تركيا وإيران، وبقاء موقفها لناحية دعم حزب الله.
لا نبالغ إذا ما قلنا إن إيران شأنها شأن أي محتل في العالم، لا يغادر البلاد نهائيا إنما يسعى إلى وضع طفيلياته التي رباها في مواقع ومسؤوليات مختلفة عند خروجه لضمان نفوذه ومصالحه.
حاليا يبدو أن هناك عدة خيارات يقوم النظام الإيراني بدراستها بشكل جيد لفعل ذلك، فقد سخر خلال السنوات القليلة الماضية كل طاقاته للحفاظ على وكيله في دمشق في السلطة ولا يريد في نهاية المطاف أن يذهب كل ذلك سدى، فسوريا بالنسبة إلى إيران كانت حتى العام 2011 المرتكز الأساسي لمشروعها في اختراق قلب العالم العربي لعقود والحفاظ على نموذجها التي تسعى إلى تصديره إلى باقي البلدان العربية (حزب الله).
لقد حكمت إيران سوريا لسنوات طويلة عبر فرد من الطائفية العلوية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يعود مثل هذا الأمر مجددا، لذلك تسعى إيران إلى طرق أخرى ملتوية تحفظ من خلالها نفوذها ومصالحها وأفضل طريقة لفعل ذلك هي إما تفكيك سوريا إلى كانتونات، وبالتالي تكون لها مطلق القيادة للكنتون العلوي، وإما سوريا ضعيفة، موحدة شكليا لكنها مقسمة عمليا، وفي هذه الحالة يتم الاستفادة من تسليح وتمويل الأقليات (الأكراد والعلويين والشيعة) وتوظيفهم في المشروع الإيراني خاصة أن الجماعات الأخرى ستكون تحت سيف العقوبات الدولية ومحاربة «الإرهاب».
أما الخيار الثالث والأكثر مثالية حاليا فهو العمل على تشكيل نظام سياسي قائم على المحاصصة الطائفية في هياكل الدولة تحت عنوان (حقوق الأقليات)، وعلى تمثيل (غير طائفي وفق التفسير الإيراني) في الحكومة.
في مشاركتها الأولى في اجتماعات فيينا، كان لدى الإيرانيين عدة مطالب من بينها أن تكون الحكومة السورية (غير طائفية)!، وقد شدد الإيرانيون على ضرورة أن يرد ذلك في البيان الختامي، وكان لهم ما طلبوه.
نعم، لا بد أن القارئ قد تفاجأ الآن. هذا ليس مؤشرا على تغير أو تحول في سلوك النظام الإيراني أو أنه قد تخلى عن الطائفية كوسيلة أو أداة في مشروعه، وإنما طلب حق يراد به باطل، بمعنى آخر، «حكومة غير طائفية لأهداف طائفية»!.
فالتفسير الإيراني لمعنى «حكومة غير طائفية» في سوريا يعني حكومة غير سنية أو حكومة لا تمثل الأغلبية. إيران تعلم أن هناك حوالي %80 من الشعب السوري هم من السنة، وسيكون من الصعب الحفاظ على أي نفوذ لإيران في سوريا المستقبل في ظل هذه التركيبة فضلا عن علاقات ثنائية إذا جاء من يمثل هؤلاء بشكل كامل في الحكم.
كيف سيفيد هذا الطرح إيران؟ إيران تبحث عن نموذج حكومي يعطيها مستقبلا القدرة على التعطيل.
هناك توجه خطير الآن برأيي لنقل صلاحيات رئيس الجمهورية التنفيذيّة إلى رئيس الحكومة وتركيزها في يد رئيس الحكومة والحكومة مجتمعة وهذا سيسهل على إيران المهمة.
يكفي أن تمتلك إيران القدرة على التعطيل في مجلس وزراء من هذا النوع حتى تضمن نفوذها ومصالحها. لا شك أن بقايا طفيلياتها من مختلف الطوائف لا يزالون موجودين في سوريا والمفارقة أنهم ليسوا من التيار الإسلامي، إن استطاعت إيران ضمان مكان لهم تحت عنوان «حكومة غير طائفية» واستطاع هؤلاء تشكيل قدرة تعطيلية فسيكون ذلك مدخلا لضمان نفوذ إيران.
لا يعني ذلك أننا نطالب بحكومة طائفية أو بنظام إسلامي في سوريا، في جميع الأحوال الأمر يجب أن يعود إلى الشعب السوري، لكن من وجهة نظرنا، يجب على السوريين أن يلعبوا بذكاء أكبر.
لا مشكلة في التشديد على نظام علماني وحكومة غير طائفية لكن أن يكون ذلك بوعي وعلم منعا للاختراق الإيراني. يبقى موضوع نقل صلاحيات رئاسة الجمهورية إلى رئيس الوزراء ومجلس الوزراء مجتمعة، وأرى أنها إن حصلت في ظل السيناريوهات أعلاه فستكون خطوة خطيرة على المدى القصير والمتوسط.
العرب القطرية
جمال خاشقجي
ترك برس
برهان غليون
أحمد أبو دقة
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة