ياسر الزعاترة
تصدير المادة
المشاهدات : 2860
شـــــارك المادة
من الصعب القول إن هجمات باريس هي نسخة فرنسية من 11 سبتمبر، فلا الهجمات كانت بمستوى هجمات سبتمبر، ولا فرنسا بقوة الولايات المتحدة عام 2001، لكن المؤكد أن الكثير من التداعيات ستترتب على الهجمات التي كان لها دوي هائل ترددت أصداؤه في كل أرجاء الأرض. كانت الولايات المتحدة التي ضربها تنظيم القاعدة في 11 سبتمبر هي عدوه الأبرز، وهي «رأس الكفر» بحسب أدبياته، بل في قاموس الغالبية الساحقة من المسلمين، بخاصة في تلك الأثناء، لكن فرنسا ليست كذلك، حتى بالنسبة لتنظيم الدولة ذاته. وإذا قيل إن الهجمات كانت ردا على مشاركة فرنسا في التحالف الدولي ضد التنظيم أو الدولة، فإن واقع الحال أن مشاركتها كانت هامشية، تماما مثل مشاركة معظم الدول باستثناء الولايات المتحدة (وروسيا لاحقا) التي تتكفل بالجزء الأكبر من نشاط التحالف، فضلا عن قيادته.
واقع الحال أن ما دفع تنظيم الدولة نحو استهداف فرنسا لا يتعلق بحضورها في التحالف الدولي، بل بالقدرة على تنفيذ عملية متميزة داخل أراضيها، ولو ملك التنظيم قدرة على تنفيذ هجمات من هذا النوع في الولايات المتحدة لفضل ذلك بكل تأكيد، لكن الأخيرة دفعت عشرات المليارات منذ2001 ولغاية الآن من أجل الحيلولة دون ذلك، وكل المحاولات التي بذلها تنظيم القاعدة منذ ذلك التاريخ لتنفيذ هجمات باءت بالفشل.
بالنسبة إلينا، لا يتعلق الرفض للهجمات بالناحية السياسية، بل بالقضية المبدئية المتعلقة برفض قتل مدنيين غير محاربين من قبل أناس يعيشون أكثرهم في البلد ويحملون جنسيته، وقد اعتبر أسامة بن لادن في رسائله (وثائق أبوت آباد) أن تنفيذ عملية من قبل شاب يحمل الجنسية الأميركية (شاهزاد)، وأقسم قسم الولاء لأميركا «غدرا»، مضيفا أن «الغدر في ديننا لا يجوز»، لكن تنظيم الدولة له مرجعيته الفقهية التي ترى ذلك جائزا كرد على عدوان يطال بدوره أطفالا ونساءً، حتى لو قيل إن ذلك ليس مقصودا.
في البعد السياسي، ومن زاوية مصالح التنظيم ذاته، يمكن القول إن الهجمات خاطئة تبعا لكونها ستضاعف من الحملة الدولية ضده، وهنا يرد أنصاره بأن ذلك واقع في كل الأحوال، لكن الحقيقة أن تقليل الأعداء هو جزء من أدوات الحروب والسياسة>
أما قصة الاستدراج للتدخل البري والإثخان في العدو، فلا تصلح مع من يقولون إنهم دولة، وإن صلحت سابقا في حالة تنظيم مثل القاعدة الذي كان يرى أن استدراج أميركا لأجل استنزافها وإضعافها هو هدف بحد ذاته.
الآن يمكن القول إن تدخلا بريا ما لم يعد مستبعدا، ولو على نحو محدود بالتعاون مع قوًى على الأرض، ربما تكرارا لتجربة الصحوات في العراق، لكن إشكالية ذلك تتعلق بالثمن والقناعة، وهنا تنهض مشكلة الحل في سوريا والعراق، ودور الروس في إنجاز ذلك.
يأتي هنا البعد الأهم في هجمات باريس ممثلا في إمكانية أن يدفع نحو تسوية أسرع للملفات العالقة في المنطقة، بقوة دفع روسية غربية، وربما عربية تركية إذا كان العرض معقولا، وإذا ما ذهب بوتن الخائف من كلفة التورط وطول الحرب في هذا الاتجاه، فلن تملك إيران غير تجرع كأس السم، والقبول بالتسوية.
هذا في البعد السياسي الأشمل، لكن هجمات باريس ستترك آثارا أخرى لا يمكن تجاهلها، يتعلق بعضها بوضع الجاليات المسلمة في الغرب التي ستتأثر، بخاصة في فرنسا بالهجمات، وهنا يمكن استدعاء أجواء ما بعد 11 سبتمبر، والتي شملت العالم أجمع، من حيث حركة الأموال والعمل الخيري، ومن حيث الهجمة على المناهج والأفكار، بخاصة أن في الدول العربية أناسا جاهزين لربط الهجمات بالأفكار، في منطق سقيم لا علاقة له بالواقع الذي يؤكد أن العنف ليس نتاج الأفكار، وإن توسلتها في الترويج والحشد، بل نتاج ظروف موضوعية لا يتوقف إلا بزوالها، وهنا في الوضع الراهن، يتعلق الأمر بظروف موضوعية في سوريا والعراق واليمن، أو بعدوان إيران على غالبية الأمة إذا شئنا دقة التعبير.
العرب القطرية
سمير صالحة
عبد الله موسى الطاير
أمير سعيد
خالد مصطفى
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة