ماجد كيالي
تصدير المادة
المشاهدات : 2674
شـــــارك المادة
ظل المشهد السوري طوال السنوات الخمس الماضية، في حالة تنازع بين مشروعيْن سياسيين. أولهما تقسيم البلد، أو إعادة بنائه وفق معايير اللامركزية، بدعوى الأخذ في الاعتبار التنويعات الإثنية والطائفية. وثانيهما، انتهاج نوع من الحلول التي تتضمن تعويم نظام بشار الأسد، ولو لمرحلة انتقالية محددة، بدعوى الحفاظ على مؤسسات الدولة، والخوف من الفراغ، أو لتوفير البديل المناسب؛ الأمر الذي تم تأكيده في محصلة اجتماعات فيينا (24 أكتوبر). بديهي أن هذين الخياريْن يتأسسان على حال استمرار الصراع بين النظام والمعارضة دون استطاعة طرف التغلب على طرف آخر، كما يتأسسان على حفاظ الأطراف الدولية على هذه المعادلة، ناهيك عن ظهور خطر ثالث يتمثل في الجماعات الإسلامية المتطرفة.
والحقيقة أن السوريين في كل ذلك، يواجهون معضلة تتمثل في غياب أي عملية سياسية لإخراج بلدهم من حال الخراب العميم الذي يفتك به من كل حدب وصوب، وعلى كل الأصعدة، أي البشر والعمران والدولة والجغرافيا والموارد. والقصد من ذلك لفت الانتباه إلى أن مشكلة السوريين لا تتمثل في وجود هذا المشروع أو ذاك، بغض النظر عن الموقف منه، وإنما هي تتمثل، على نحو أدق، في الافتقاد المريب لأي عملية سياسية جدية، أو لأي جهد، يمكن أن يؤسس لتوافق دولي وإقليمي وعربي، يؤدي إلى وقف تعميم القتل والخراب والتشريد الجاري منذ أكثر من أربعة أعوام. وعلى أي حال فقد فاقم من هذا الوضع دخول روسيا الفجّ على الخط، عن طريق استخدام قوتها العسكرية، ولا سيما سلاح الطيران، إن في القصف الوحشي للمناطق التي لا تخضع للنظام، أو في تشكيل غطاء حماية لقوات النظام في هجماتها على المناطق التي يسيطر فيها الجيش الحر.
ويبدو من مجمل التطورات الحاصلة، وضمنها اجتماع فيينا الرباعي (الجمعة الماضي)، أن أوان الحلول لم يحن بعد من وجهة نظر اللاعبين الكبار، ولا سيما بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، وأن الصراع على سوريا لم يحسم بعد، من وجهة نظر الأطراف الدولية والإقليمية، وأن كل الجهود متركزة على استهداف داعش، دون المس بالنظام، رغم أنه المسؤول عن كل ما يجري في سوريا، وضمنه نشوء وصعود داعش ذاته.
أما الفكرة الأخرى المتعلقة بالتقسيم، فهي تذكر بالأفكار السياسية المتسرعة والنمطية، التي سادت إبّان الاحتلال الأميركي للعراق، والتي كانت تروج لفكرتين مفادهما، أن الولايات المتحدة تريد استعمار العراق والبقاء به ونهب ثروته النفطية، وأنها فوق كل ذلك تنوي تقسيم العراق.
ومع كل الانتقادات والإدانات للسياسة الأميركية في العراق، وضمنها غزوه، وفرض ترتيباتها السياسية فيه، إلا أنها جاءت عكس تلك الادعاءات، إذ أن الولايات المتحدة تركت العراق، وسلمته لـ”أصحابه” موحدا، بعد أن أخرجت جيشها وفق جدول زمني معين.
أما ما حدث بعد ذلك، فتقع مسؤوليته على كاهل العراقيين أنفسهم، وبالضبط، على الطبقة السياسية المسيطرة، التي تبينت عن طبقة سياسية غارقة في الفساد وضيق الأفق والطائفية.
القصد من ذلك هو أن عهد الاستعمار التقليدي انتهى منذ زمن إلى غير رجعة، وأن أشكال التبعية اليوم، سيما في عصر العولمة، باتت أكثر تشعبا وتعقيدا، وهي أعمق من العلاقات الاستعمارية المعروفة.
هذا ينطبق أيضا، على فكرة التقسيم إذ لم يعد ثمة ما يفيد بأن فكرة “فرق تسد” ما تزال تعمل، لأن الدول الكبرى وشركاتها، بات يهمها التعامل مع أجسام واسعة ومع مصالح ممتدة، أي أن القانون العام اليوم يدفع في اتجاه التوحيد أو التكتل، وليس في اتجاه التفرق.
السوريون معنيون بأن يخشوا أشياء كثيرة أخرى، بدلا من خشيتهم في احتمالات تسوية سياسية أو في احتمالات التقسيم، وكلاهما أمران غير يقينيين، لا سيما بعد أن انتهى النظام عمليا.
ومعنى ذلك أن السوريين مطالبون بالتحسب من استمرار مسار تشردهم، واستمرار الحرب المدمرة، وتغول الجماعات المتطرفة، والافتقاد لأي مسار يمكنهم من ترميم أحوالهم كشعب، وعدم قدرتهم على توليد كيان سياسي يمثلهم.
العرب اللندنية
فيصل القاسم
ياسر الزعاترة
عبد الوهاب بدرخان
بشير البكر
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة