مجاهد مأمون ديرانية
تصدير المادة
المشاهدات : 3621
شـــــارك المادة
بعد المقدمات السابقة أدخل في صُلب الموضوع ولُبّه: ما هي مآخذنا على جبهة النصرة وما الذي نطلبه منها؟ لن ننشغل بالفروع والصغائر التي يُتوقَّع صدورُها عن أي فصيل، يكفي أن نركز على المسائل الكبرى، وسوف أعرض واحدةً منها في كل حلقة من هذه المقالات.
أول ما نطلبه من جبهة النصرة هو أن تكفّ عن تكفير الأعيان -أفراداً وهيئات وفصائل وجماعات- وأن تترك هذا المنهج في التكفير فإنه مدمّر للجهاد، وهو المدخل الذي دخلت منه داعش أولَ مرة، وما سار في هذا الطريق أحدٌ إلا انتهى إلى ما انتهت داعش إليه لا محالة.
لقد سمعنا الحكم بتكفير هيئات ثورية في كلام صريح واضح لأمير النصرة الذي كفّر الائتلاف وكفّر هيئة الأركان، وما نزال نسمعه من كثير من عناصرها الذين يكفّرون فصائل كاملة من الجيش الحر، بل ومن الفصائل الإسلامية الأخرى (رغم كراهيتي لهذا التفريق بين المجاهدين وعدم موافقتي عليه) والحجّة التي يحتجّ المكفّرون بها دائماً هي الاتصال بالدول وتلقي الدعم منها، أو القبول بدولة القانون والمؤسسات والانتخابات والبرلمانات.
وكلا الأمرين مردود، فإن الاتصال بالكافر لا يكفّر إلا إذا كان على سبيل الموالاة، أما الاتصال لتحقيق مكاسب للثورة أو دفع مضارّ محتمَلة عليها فإنه من السياسة الشرعية المطلوبة، ويدخل في هذا الباب تلقّي الدعم اللازم لإسقاط النظام، ما لم تترتّب على تلقّيه مفسدةٌ أكبرُ من مفسدة انتصار النظام... ولا أدري كيف يمكن أن توجد مفسدةٌ أكبرُ من انتصار وبقاء النظام.
أما دولة القانون والمؤسسات فإنها النقيض لدولة الحزب الواحد والحكم الشمولي والظلم والفساد والاستبداد وليست نقيضاً لدولة الإسلام. وما البرلماناتُ والانتخابات التي ينكرونها بالمطلق إلا أداةٌ من أدوات الحكم، والأدوات ليس لها دين، فهي لا تكون مسلمة أو كافرة ولا تكون صالحة أو فاسدة إلا بما يَنتج عنها من آثار.
إنّ البرلمانات التي تساوي بين إرادة الخالق والمخلوق أو تقدّم رأيَ العباد على رأي الشارع هي مؤسسات كفرية بالتأكيد، ولكنْ ليس هذا ممّا يَلزمها حتماً في كل حال، بل يمكن أن تُضبَط بضابط دستوري أعلى يمنع تجاوز الشريعة وتعطيلَ الفرائض وإباحةَ المحرمات، وعندئذ لن يكون "النظام البرلماني" عدواناً على الشريعة، بل سيكون فقط نظاماً سياسياً يوفر الحماية من الطغيان والاستبداد، ومَنْ رفضَه وحاربه فإنه يدعم -شعرَ أم لم يشعر- بقاءَ وهيمنةَ الطغيان والاستبداد.
إن التكفير بابُ شرٍّ كبير فتحَتْه جبهةُ النصرة على الثورة وعلى الجهاد الشامي، حتى صار تكفير كثير من الفصائل كلمةً دائرةً على ألسنة عناصرها بلا أدنى رهبة ولا تردد. لقد كان شيخ المجاهدين في العصر الأخير، الشيخ عبد الله عزام رحمه الله، كان خصماً عنيداً لهذا المنهج، وبلغ من صرامته في تطبيقه أنه كان يطرد كل مَن يجترئ على التكفير ويمنعه من المشاركة في معسكراته الجهادية، وعلى هذا النهج سار القائد خطاب، فمَن أولى بالاقتداء: هؤلاء الأعلام الذين شهدت لهم الأمة، أم الدواعش الذين صار التكفيرُ واستحلالُ الدم عندهم أهونَ من شرب الماء؟
إنّ الفيصل الحقيقي بيننا وبين داعش هو استسهال التكفير وتوزيع تهمة الردة والصحوات على الأفراد والجماعات، فمَن تابعهم في هذا المنهج فهو منهم ولو اختلفت الأسماء والرايات.
الزلزال السوري
أبو بصير الطرطوسي
حسن سالم
عمار النوري
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة