عبد الرحمن خضر
تصدير المادة
المشاهدات : 3483
شـــــارك المادة
احتل التدخل الروسي الأخير في سوريا مساحات واسعة في الصحف ومواقع الإنترنت ما شكل قلقا لدى السوريين المعارضين للنظام من أن تستخدم هذه الضجة في حرب نفسية جديدة على السوريين، ولعب الإعلام اللبناني المحسوب على محور “الممانعة والمقاومة” دوراً كبيراً في تهويل الأمر منذ البداية متابعاً نهجه المناهض للثورة السورية منذ انطلاقتها، وشارك في ذلك بعض الجهات الإعلامية المعارضة للنظام،
وكان إعلام النظام السوري أبرز المشاركين في هذه الحملة ووصل الأمر به إلى بث أغان وطنية روسية على قنواته الرسمية مقرونة باستعراضات عسكرية للجيش الروسي، وساعدت المعلومات التي بثتها المصادر الأميركية عبر تسريبات لوكالات الأنباء في توفير مادة غنية لتوجيه الأنظار نحو التدخل الروسي في سوريا، حيث تحدثت التسريبات الأمريكية عن رصد تحركات روسية في الساحل السوري شملت وصول طائرات روسية جديدة إلى سوريا ووصول عسكريين روس ومدرعات وأرفقت المصادر الأمريكية كل ذلك بصور التقطتها الأقمار الاصطناعية تثبت ذلك، آتت هذه الحملة أكلها عند بعض المعارضين السوريين فأصبح شغلهم الشاغل حجم الترسانة العسكرية الروسية ومدى فعالية طائراتها وصواريخها!.
لا أريد التقليل من أهمية الحدث ولكنه في الحقيقة لا يعدو أن يكون عائقاً جديداً يضاف للمعوقات التي حالت بين الشعب السوري وحريته، فالوجود الروسي في سوريا هو كوجود ميليشا حزب الله اللبناني والميليشيات الطائفية الأخرى و”داعش”، وكما تمكن السوريون من التكيف مع وجود هؤلاء سيتكيفون مع الوجود الروسي.
وبالعودة إلى ما يبثه إعلام النظام فإنه من البديهي أن الامكانات العسكرية يجب أن تبقى سراً فلا تريد أي دولة أن يعلم أعداؤها عن مدى قوتها وحجم ما تمتلكه من سلاح، لكننا نرى النظام السوري يذيع أخبار ما يصل إليه من سلاح ويكشف عن أنواع جديدة من الأسلحة الروسية لم يتم استخدامها من قبل، فلماذا يفعل النظام السوري ذلك؟
إن كل ما يقوم به اعلام النظام السوري والروس لا يعدو أن يكون حرب روسية باردة جديدة وروسيا لديها خبرة قديمة في هذا المجال، وتهدف هذه الحرب لكسر شوكة الثوار السوريين في ظل تنامي قوتهم بعد سيطرتهم على إدلب بشكل كامل وتوجههم إلى معقل النظام في الساحل السوري.
من جهة أخرى فإن أياً من الأطراف الدولية لن يقبل بتفرد روسيا في القضية السورية ونشر قواتها على أراضيها بسوريا، فإيران التي أنفقت أموالا طائلة في دعمها للنظام السوري مقابل حفاظها على نفوذها في المنطقة وتأمين خط إمداد لحزب الله لن تقبل بتنحيتها جانبا وتسليم الدفة للروس، والولايات المتحدة لن تقبل أيضا من منافسها القديم الدائم أن يسيطر على إحدى أهم دول الشرق الأوسط و لن تقبل كذلك بنشر قوات روسية بالقرب من حدود حليفها العراقي.
إن كل ما يطمح إليه الروس هو الظهور بمظهر القوي المنافس للولايات الأميركية المتحدة والحفاظ على أسطولهم مقابل سواحل مدينة طرطوس السورية وربما أصبح الروس يرون أن تقسيم الدولة السورية بات قريباً فأرادوا أن يكونوا أحد اللاعبين فيه بتثبيت مناطق نفوذ لهم في سوريا، خاصة أنهم باتوا مقتنعين بأنهم لن ينالوا ذلك بالسياسة بعد وقوفهم الطويل ضد الثورة السورية وبعد فشل كل محاولاتهم الرامية لإجهاضها، لقد ظهرت هذه النوايا الروسية مؤخرا خاصة في الاجتماعات التي جرت بين بوتن أوباما مؤخراً حيث أكد بوتن عن عدم نيته إرسال جنود إلى سوريا، وهذا ما يفسر عدم وجود قلق أميركي حيال الأمر منذ البداية، يبدو أن الأمريكيين قد كانوا مطلعين على نية روسيا بالتدخل منذ البداية ومتفهمين لرغبة روسيا في أن يكون لها حصة في “كعكة سوريا” لتقبل روسيا بتغيير النظام السوري.
الأكيد أن إرسال روسيا لطائراتها لن يؤدي إلى تغيير عسكري حقيقي لصالح النظام السوري على الأرض لكن هذا التدخل ربما يفسح المجال أمام استلام الروس للملف السوري من جانب النظام الأمر الذي سيقصر من عمر النظام على عكس ما يريد مؤيدو النظام السوري والنظام نفسه من هذا التدخل.
الغربال
حمزة إسماعيل أبو شنب
بيسان الشيخ
مجلة العصر
العصر
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة