..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

"فورين بوليسي" في نقد شديد لأوباما: دع سوريا والعراق للقيصر والمرشد الأعلى!

مجلة العصر

٣٠ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2635

والمرشد00.jpg

شـــــارك المادة

أصبحت الآن خطة أوباما للخروج من منطقة الشرق الأوسط واضحة، هذا ما خلُص إليه مقال الكاتب والمحلل السياسي "ديفيد روثكوبف"، رئيس مجلس إدارة مجموعة "إف بي" المسؤولة عن نشر مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية.والخطة التي يعنيها هي إطلاق العنان لكل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمرشد الأعلى الإيراني على خامنئي، لتولي زمام الأمور في القضية السورية.

وتحدث المحلل السياسي "روثكوبف" عن توافق وجهات النظر الروسية والإيرانية تجاه سوريا، حيث أعرب بوتين عن رغبته في شن حملة "أكثر فعالية" ضد تنظيم "داعش"، ذلك أن الرئيس الروسي يرى في نظام الأسد حصنا منيعا ضد انتشار التطرف وتمدده إلى روسيا، ولا يعتقد أن الولايات المتحدة قامت بجهود حقيقية لدحر تنظيم داعش.

وانتقد الكاتب بشدة الولايات المتحدة التي تبدو غير مستعدة للتصعيد الروسي، رغم أن كل رؤساء البيت الأبيض يدركون منذ زمن أن هذه الخطوة آتية لا محالة.

وفي الوقت نفسه، وجه كاتب المقال انتقادات لاذعة للرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي لم تقدم كلمته الأخيرة في الأمم المتحدة أي إجابات حول الخيارات المطروحة لحل الصراع السوري، خصوصا وأن الجهود المبذولة لدحر تنظيم داعش حتى الآن لم تحقق النتائج المرجوة، إذ لا يزال يكتسب قوة فعلية بوسائل مهمة.

ووفقا للكاتب، فإن هذا كله ربما يكون جزءا من خطة كبرى لرئيس الولايات المتحدة، الذي يرغب في الخروج من المنطقة ويرفض إرسال قوات أمريكية على الأرض، ويريد أن يتولى حل هذا الصراع طرف آخر من داخل المنطقة، وحصل أوباما بالفعل على ما يريده من خلال التدخل العسكري الروسي والإيراني في سوريا.

ويتابع الكاتب: "إن خطة أوباما باتت واضحة تماماً الآن، سنترك سوريا والعراق إلى الروس والإيرانيين، إذ مزقت الحرب البلدين وتحول وضعهما إلى الفوضى، خصوصا وأن الولايات المتحدة ليس لديها إرادة سياسية حاليَا للمزيد من التدخل".

ويطرح الكاتب العديد من التساؤلات حول الأخطاء التي يمكن أن تترتب نتيجة تلك الخطة وكذا التداعيات الطويلة المدى للسماح للروس والإيرانيين بالاستمرار في إستراتيجياتهم الواضحة والناجحة لتوسيع نطاق نفوذهم في المناطق المجاورة لهم، من خلال تأجيج الصراعات داخلها، والذي يعقبه التدخل المباشر لكسب المزيد من النفوذ على حساب الخراب والدمار في تلك المناطق، ناهيك عن إضعاف خصومهم في الوقت نفسه.

ويرى الكاتب أن مثل هذا النهج هو الذي منح روسيا أجزاءً من جورجيا وأوكرانيا، وجعلها أيضاً تستعرض عضلاتها في بيلاروسيا والبلقان، كما إنه النهج ذاته الذي اتبعته إيران لتوسيع نفوذها من لبنان إلى اليمن، وكذلك بالطبع في سوريا والعراق.

ويشير الكاتب إلى أن خطة أوباما تتجاهل أن روسيا وضعت نفسها بقوة كمنافس للولايات المتحدة في العالم، وأن بوتين –الذي يعاني من كارثة اقتصادية وديموغرافية على المستوى المحلي- لم يبق له سوى ورقة أخيرة للحفاظ على معدلات تأييده داخل بلاده التي تتجاوز 80%، ويتمثل في "استعادة العظمة الروسية" من خلال العدوان الخارجي وزيادة الإنفاق العسكري تحديث.

ويضيف الكاتب: "يتجاهل أوباما أيضاً تآكل التوازن الحرج الذي يحدث حالياً بين الكتلتين السنية والشيعية في منطقة الشرق الأوسط، إذ تشهد الكتلة السنية تراجعاً شديداً وانتكاسات متتالية ذاتية في كثير من الأحيان، وبالقطع تتحقق مكاسب إيرانية جراء تلك الخسائر، ولا يلتفت أوباما إلى حقيقة أن هذين اللاعبين، السنة والشيعة، هما الأكثر خطورة في العالم".

ويعتقد الكاتب أن الولايات المتحدة تخلت عن مبدأ الحرب العالمية الثانية "الانتصار مهما كان الثمن"، وساد طوال فترة حكم الرئيس أوباما مبدأ آخر يتمثل في "الخروج مهما كان الثمن".

ويقول الكاتب: "رغم انتقادات من يصفون أنفسهم بأنهم واقعيون لإتقان الرئيس أوباما المنقطع النظير في التركيز على الجوانب السلبية لأي إجراء محتمل أن تتخذه الولايات المتحدة، فإن المدافعين عن أوباما يلجئون دائماً إلى التبرير المشروع أن غزو العراق كان له تأثير كبير فيما نشهده اليوم، ولكنهم يتجاهلون حقيقة بالغة الأهمية، تتمثل في أن ما فات حدث بالفعل، ومن ثم علينا أن نواجه ما نحن فيه الآن، علينا الاعتراف أن غزو العراق كان بالفعل كارثة حقيقية، وأن الربيع العربي كان إلى حد كبير جرحاً ذاتياً لبعض أنظمة الحكم، وعلينا أن نعترف في الوقت نفسه أننا نواجه خيارات سيئة في سوريا".

ويشير الكاتب إلى أنه عندما يغادر رئيس أمريكي تاركا وراءه وضعا رديئا وخيارات سيئة، فإنه لا يزال هناك ضرورة إلى توضيح كيفية المضي قدما في الحفاظ على مصالح الولايات المتحدة ومواجهة شبح المقاتلين الأجانب وتيارات تدفق اللاجئين إلى أوروبا والعواقب الإستراتيجية للسيطرة الطويلة المدى على الشرق الأوسط.

ويتساءل الكاتب: "ماذا عسانا أن نفعل في مواجهة ما حصدناه من التذرع بحجج، مثل الأمور صعبة جداً، ولا أريد المشاركة، إذ قام خصومنا باستغلال الفرصة وبادروا ونجحوا في إيجاد موطئ قدم دائم لأنفسهم بإعادة توزيع القوة والنفوذ في منطقة إستراتيجية مهمة في العالم".

ويضيف الكاتب: "وقريباً سيتضمن ذلك أيضاً أفغانستان حيث تعثرت الخطة الأمريكية في تحقيق أهدافها، والواقع أن إيران تسعى بالفعل لتحقيق نفوذ أكبر في أفغانستان، حيث يعكس الاقتتال السياسي في كابول وصعود تنظيم "داعش" إلى تزايد عدم الاستقرار في تلك الأرض الممزقة".

ويوضح كاتب المقال أن وسائل انتصار الفريق الروسي الإيراني على المتطرفين لن تكون سهلة، ويرى أن القضاء على مثل هذه التنظيمات المسلحة ليس هدف موسكو وطهران الأساس في الوقت الراهن، إذ يسعى الطرفان إلى إيجاد موطئ قدم يضمن لهما نفوذا حاسما في أي تسوية سياسية تتعلق بسوريا، وسيكون متاحا لهما إما الحفاظ على بقاء بشار الأسد في مكانه، أو بدلاً من ذلك ضمان قيادته لفترة انتقالية، ثم تتاح لهم القدرة على تحديد خليفته أو الاعتراض عليه، وهو ما يعني مواصلة نفوذهما في دمشق، بما يتفق مع متطلبات الإستراتيجية الإقليمية لكل منهما.

ووفقا لكاتب المقال، ستكون كل من الولايات المتحدة وأوروبا وسنة العرب سعداء تماماً بذلك مقابل دحر داعش ووقف تدفق اللاجئين، ومن المحتمل أن تنجح المناورة الروسية الإيرانية، ويحصد العالم ما يريد بما في ذلك أوباما الذي ربما يرى في ذلك انتصاراً.

ويرى الكاتب أنه ينبغي على واشنطن قبل أن تتخلى عن قيادة الآخرين أن تجيب عن العديد من التساؤلات المهمة، ومنها: هل سيتم العمل بالطريقة نفسها في العراق؟ وهل سيكون هدفهم هذه المرة استعادة سيطرة بغداد على الدولة بأكملها أم ضمان سيطرتها على جزء من البلاد وفقط؟ وماذا سيحدث إذا استمر نشاط "داعش" بصورة قوية وتم الدفع بالتنظيم في اتجاه الحدود الأردنية؟ وماذا سيعني الأمر إذا كانت المحصلة النهائية هي استمرار تقليل مصالح السنة في العراق وزيادة التهديد الإيراني في المنطقة؟".

ويختتم الكاتب بالإشارة إلى أن خصوم الولايات المتحدة، مثل المرشد الأعلى الإيراني على خامنئي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزعيم تنظيم "داعش" أبو بكر البغدادي، هم الفائزون الذين استفادوا من غياب الرؤية والعزيمة والوحدة بين قادة الغرب في تعزيز مكانتهم والدول أو أشباه الدول التي يمثلونها.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع