سمير السعداوي
تصدير المادة
المشاهدات : 3013
شـــــارك المادة
لا شك في أن صورة الطفل الغريق إيلان على شاطئ بوضروم التركية تستحق أن تكون صورة العام، هذا ما لم نشهد فظاعات أشدّ قبل نهايته. صورة تلخص مأساة المهاجرين واللاجئين وهي طغت بهذا المعنى على فيديو الطفلة الفلسطينية اللاجئة ريم التي أبكت المستشارة الألمانية إنغيلا مركل ما دفعها إلى وقف قرار ترحيلها وأسرتها من ألمانيا. صمت إيلان أكثر بلاغة من أي كلام، بلاغة فاقت إتقان ريم الألمانية بطلاقة أدهشت الألمان، على نعومة أظافرها هي الآتية من مخيمات اللاجئين في لبنان. وستمضي ريم نحو حياة أفضل، ومعها آلاف الأطفال الذين حالف أسرهم الحظ في الوصول إلى ألمانيا حيث هناك حاجة ماسة إلى جيل جديد من الشبان والشابات ونقص كبير في الأيدي العاملة... وسيبقى إيلان رمزاً للمأساة الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية. لكن الحدث على فظاعته، طغى على قضية أكثر خطورة ترافقت معه، تلك التي أبرزها تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، أشار إلى أن 13 مليون طفل محرومون من التعليم في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نتيجة الحروب.
وبمعنى آخر، فإن نحو 40 في المئة من أطفال المنطقة، لا يرتادون المدارس بسبب الصراعات العبثية في أوطانهم. وبتفصيل أدق، تحصي الـ «يونيسيف» 2.4 مليون طفل في سورية و3 ملايين في العراق ومليونين في ليبيا و3.1 مليون في السودان 2.9 مليون في اليمن، حرموا من التعليم وهم في شكل آخر مرشحون للغرق في الجهل والتخلف، أو في مياه المتوسط، إذا تجرأت أسرهم على المغامرة بـ «قوارب الموت» بحثاً عن فرصة للعيش. تقرير الـ «يونيسيف» وعنوانه «التعليم على خط النار»، لا ينذر فحسب بأن جيلاً كاملاً مهدد بالضياع بسبب دمار المدارس أو تحولها ثكنات، بل أيضاً ينبئ بأمر مخيف وهو تحول هؤلاء الأطفال بدورهم إلى مقاتلين يجندون في سن صغيرة في الصراعات، وتصبح المأساة كرة الثلج وتغرق المنطقة في دوامة الأمية والجهل إلى ما لا نهاية.
لكن التقرير لم يشكل على ما يبدو مفاجأة للباحثين والمتخصصين الذين كانوا يعلمون أساساً، قبل هبوب رياح «الربيع العربي»، بوجود 7 ملايين طفل خارج المدارس في المنطقة حيث لا تهتم دول عدة بتأمين التعليم لهم جميعاً. وقبل أن يجنح بعض مراقبينا إلى إلقاء اللوم كالمعتاد على دول الغرب التي تكاد في ظل «طوفان» المهاجرين إليها، تتحول ضحية لما جنت أيديها من تجاهل، لئلا نقول تواطؤاً، في مآسي المنطقة منذ النكبة وما قبلها، فإن ثمة جهداً محلياً يمكن بذله من باب أن «الأقربين أولى بالمعروف». بديهي أن الأطفال المحرومين من التعليم لن يستطيعوا كلهم الانتقال إلى أوروبا حيث التعليم إلزامي ومفروض قانوناً كالطبابة والسكن وغيرهما من وسائل العيش، وبالتالي فإنهم بغالبيتهم باقون حيث هم، وحيث يتعين توفير وسائل العيش بكرامة لهم، بحدها الأدنى. طبعاً في إمكان المجتمع الدولي المساعدة سواء باستقبال مهاجرين ولاجئين أو بالمساهمة في صياغة مشاريع سلام في الدول التي تدور في دوامة العنف، لكن وقف السلوكيات المحلية «الهدّامة» كما يصفها البعض، هو المفتاح للإفساح في المجال أمام تحقيق الأمان، الشرط رئيسي لدوران عجلة الحياة. بخلاف ذلك، كلهم إيلان أو «عيلان» كما تلفظ في مسقط رأسه في عين العرب السورية، أو كلهم فريسة سهلة للتطرف والإرهاب، في ما توفره الحروب من أرضية خصبة لذلك. ويبقى تدارك الأمر، مسؤولية جماعية للمنطقة.
الحياة اللندنية
أيمن هاروش
أحمد راشد سعيّد
محمد نور حمدان
محمد صالح المنجد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة