فاضل الحمصي
تصدير المادة
المشاهدات : 6377
شـــــارك المادة
عاد النشاط مؤخراً إلى الملف الدبلوماسي السوري في أروقة السياسة العالمية، وذلك بعد طرح المبعوث الدولي إلى سوريا "دي مستورا" لخطة جديدة، وتبني مجلس الأمن لها، تلك الخطة التي اعتبر البعض أن تطبيقها سيكون إنهاءً لبيان جنيف1، والذي يعتبر نقطة الالتقاء الوحيدة للحل السياسي في الملف السوري بين الدول الكبرى في العالم.
تتضمن الخطة الجديدة تشكيل مجموعات عمل تضم ممثلين عن النظام وممثلين عن المعارضة وممثلين عن منظمات المجتمع المدني، وقسّم دي ميستورا العملية السياسية إلى ثلاث مراحل، تبدأ الأولى بالتفاوض بين النظام والمعارضة للاتفاق على المرحلة الانتقالية، التي لم يحدد مدتها، تتضمن وقفاً دائماً لإطلاق النار، وإصلاح القطاع الأمني وصولاً إلى تشكيل سلطات انتقالية.
والمرحلة الثانية يتم فيها إنشاء هيئة حاكمة انتقالية بسلطة مطلقة في جميع الشؤون العسكرية والأمنية وتشرف على المجلس العسكري المشترك.
أما المرحة الثالثة فيتم فيها الوصول إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية برعاية الأمم المتحدة.
بالعودة إلى عمل دي مستورا نفسه، وقبل أن يتوصل إلى هذه الخطة، فالرجل وقع في الخطأ نفسه الذي وقع فيه الأخضر الإبراهيمي من قبل، ولكن بطريقة معكوسة، حيث بدأ الأخضر الإبراهيمي مهمته إبان تقدم لقوات المعارضة، وسيطرتها على أجزاء كبيرة، في ظل ضعف شديد، حينها، لقوات النظام، والتي خسرت مواقع كثيرة، وخرجت عن سيطرتها أكثر من نصف مساحة سوريا.
بعد ذلك، وفي منتصف 2013، وبعد معركة القصير تحديداً، استعاد النظام تماسكه، مدعوماً بالميليشيات الأجنبية التي استقدمها من لبنان والعراق وغيرهما، ونتيجة لتغير معطيات الواقع على الأرض، وكذلك عدم قدرة الإبراهيمي على التعاطي بفعالية مع تلك المتغيرات، لم يعد لتحركات المخضرم الجزائري أي فائدة، ما اضطره في نهاية الأمر إلى الاستقالة.
على عكس سلفه، بدأ دي مستورا مهمته في ظل تقدم لقوات النظام، وتفكك شديد لقوات المعارضة، التي تمزقت وتشتت جهودها بين جبهات قوات النظام وجبهات تنظيم داعش، الذي بات بدوره وحشاً مفترساً، وبات المؤثر الأكبر في مسار الأحداث على الأرض.
مع تقدم مهمة "دي مستورا"، تغيرت الظروف الميدانية مجدداً، ونجحت قوات المعارضة بكسر معادلة تقدم قوات النظام، الذي عاد إلى طور الضعف، وخسر محافظة إدلب، وأجزاء من ريف حماه ومناطق واسعة من درعا، وقواته ما زالت في طور التقهقر، ولا يبدو أن استعادتها للتوازن ممكن بعد الآن، وهو ما لم يراعه "دي مستورا" في خطته الجديدة، والتي أصر فيها على ترجيح كفة النظام، الأمر الذي سيجعل العديد من الفصائل العسكرية، والدول الداعمة لها، تدعم خيار الحسم العسكري، وبذلك تكون خطة دي مستورا هي المسمار الأخير في نعش الحل السياسي للأزمة.
لم تطرح الخطة الجديدة أي شيء عن مصير الأسد، هذا الأمر الذي كان السبب الرئيسي لجعل بيان جنيف1عرضة لاختلاف التفسيرات والتأويلات، وبالتالي عدم الاتفاق على آلية لتنفيذه، وكان السبب الرئيسي كذلك في فشل جنيف2، وإن لم يتم تحديد مصير الأسد في أي خطة، فإن ذلك سيكون كفيلاً بإفشالها.
الأسد نفسه اعترف بتغير الوضع الميداني، حيث لمّح في خطابه الأخير إلى بداية مرحلة جديدة من عمر حكمه، وذلك عبر اعترافه بالنقص الحاصل في جيشه وافتقاده للعنصر البشري، وإعلانه أن "سوريا لمن يدافع عنها"، وهو ما يُعتبر إشارة إلى بدأ مرحلة سيطرة الميليشيات، السورية والأجنبية، وهو نفى بذلك أي احتمال لعودة سوريا إلى ما كانت عليه، وكلامه هذا، على ما أعتقد، سيكون أثره ظاهراً على الأرض في الفترة القليلة القادمة، فلماذا لا يعترف "دي مستورا" بالتغير الميداني الحاصل؟
كان الإبراهيمي واضحاً، وقال أن الاستقالة هي الطريقة الوحيدة للاعتراض على إهمال المجتمع الدولي والإقليمي للوضع في سوريا، ثم اعتذر من الشعب السوري وأعلن استقالته، وسياق المعطيات بشكل عام ينبئ عن فشل محتم لخطة دي مستورا، الذي لم يغيّر من طريقة تعاطيه مع مجريات الأحداث، فهل سيستقيل "دي مستورا" مُفسحاً المجال لغيره؟ أم أنه سيتابع مهمته الفاشلة حتى النهاية؟
زمان الوصل
وليد بركسية
محمد عياش الكبيسي
برهان غليون
أحمد أبازيد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة