..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الإدارة الذاتية في السويداء.. استدراج سياسي أم حاجة ثورية؟

علاء رجب تباب

٧ سبتمبر ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3526

الإدارة الذاتية في السويداء.. استدراج سياسي أم حاجة ثورية؟
00 الدروز.jpg

شـــــارك المادة

رغم محاولات السويداء المتكررة لتجنب الواقع الثوري والاكتفاء بالمراقبة، غير أن رعونة نظام الأسد في محاولة إخضاع السوريين لـ"لا أريكم إلا ما أرى"، دفعت، بحسب مراقبين، حتى المحايدين إلى الانضمام إلى صفوف الثورة المطالبة بالحرية وإسقاط الاستبداد السياسي. فهل هذا التحرك أسقط ورقة الأقليات، ليكشف العورة التي كانت تخفي قباحة إجرام الأسد عن البعض بحسب مراقبين، أم أنها صرخة سرعان ما تتلاشى على أعتاب الحوار مع الأسد؟

لكن ما مدى أن يكون اغتيال النظام للشيخ وحيد البلعوس، يهدف بطريقة أو بأخرى، لزج الجنوب السوري في حالة من الفوضى المسلحة مع المرتزقة والتنظيمات المتطرفة؟

وهل يرمي الأسد من خلال حادثة الاغتيال، بالتزامن مع العديد من التحركات الدولية، لدفع أبناء السويداء إلى إنشاء إدارة ذاتية يصفها البعض بـأنها" النطفة الأولى للتقسيم"؟

ولا سيما أنّ الأسد اعترف في خطابه الأخير باستراتيجيته في التخلي عن بعض المناطق بشكل مقصود؛ بغية وجود مناطق أكثر أهمية بالنسبة لنظامه وسياسته، ما اعتبره برهان غليون، الرئيس الأسبق للمجلس الوطني السوري، بأنه مباركة واضحة من قبل الأسد لمشروع التقسيم.

- السويداء

محافظة السويداء واحدة من المحافظات السورية تقع في الجنوب الشرقي من دمشق، وتحدها محافظة دمشق من الشمال، ومحافظة درعا من الغرب، والبادية السورية والصفا من الشرق، والأردن من الجنوب. تبلغ مساحتها (6550)كم²، ويمتد طول المحافظة من الشمال إلى الجنوب (120)كم، ويبلغ عرضها من الشرق إلى الغرب (66)كم.

الأغلبية التي تقطن محافظة السويداء هم من الدروز الموحدين، حاول النظام إرضاءهم ببعض الوظائف في مؤسسات الدولة طيلة الفترة الزمنية لحكمه، حيث ركّز وجودهم في مجالات الثقافة والتعليم والإعلام والتلفزيون السوري. يشتهر أهلها بالكرم والثقافة والشجاعة وطيب المعشر، إلا أن هذه المدينة بقيت على الحياد منذ بداية الثورة، باستثناء بعض التحركات والمظاهرات السلمية التي طفت ببداية الثورة، لكن سرعان ما همدت لأسباب مجهولة غير معروفة؛ ما شكل حالة استغراب عند الكثيرين، ولا سيما أنّ هذه المدينة معروفة بحسها وتاريخها الثوري والنضالي.

- الدوافع والانعكاسات

في يوم الجمعة الماضي، بعد استهداف موكب الشيخ وحيد البلعوس، الذي عرف بمعارضته لنظام الأسد وصاحب الموقف المعتدل والكلمة المشهورة: "إن جيراننا في حوران هم مستقبلنا الباقي، وإن الاستبداد سيرحل ويتركنا لمصائرنا، ولن تكون السويداء عدواً لحوران، ولن يكون هناك قطيعة ودم بين السهل والجبل"، تناولت وسائل الإعلام بياناً قيل إنه صادر عن تجمع رجال الكرامة في محافظة السويداء، جاء فيه "أن جبل العرب منطقة محررة من عصابات الأمن وزمرهم"، متعهداً بـ"استمرار عمل المؤسسات العامة والخدمية بإشراف الإدارة الذاتية المنبثقة عن الهيئة المؤقتة لحماية الجبل". هذا ودعا التجمع "كل أبناء الجبل من عسكريين ومدنيين في كل المواقع للقدوم إلى الجبل والمشاركة بحمايته". بالوقت ذاته كلف تجمع رجال الكرامة لجنة التفاوض السياسي بالتواصل مع الحكومات وهيئات ومؤسسات المجتمع الدولي؛ لإيصال الحقائق واعتماد وضع الجبل تحت بند منطقة آمنة أو منطقة حظر جوي، وفتح معبر حدودي مع الأردن بالتنسيق مع حكومته.

لؤي صافي المفكر السياسي بتصريح خاص لـ"الخليج أونلاين" يرى "أن هذا التحرك يضيق الحلقة حول نظام الأسد"، مضيفاً: "أن انتفاضة جبل العرب وإعلان رجال الكرامة الجبل منطقة محررة من عصابات الأسد حدث مهم في تنامي حالة الثورة ضد النظام. مرة أخرى يثبت النظام لكل سوري بأنه نظام إجرام، تقوده عصابة لا تحمل أي مقوم من مقومات القيادة السياسية".

لكن الغريب في الأمر، أنّه تم نفي البيان السابق، إلا أن مصادر مطلعة أكدت لـ"الخليج أونلاين"، بأن البيان صدر ولكن تم سحبه فيما بعد، ولم تتمكن مصادرنا من معرفة الأسباب الكامنة خلف سحب هذا البيان بعد صدوره، ما يشكل استفهاماً، إن كان سحب البيان ناتجاً عن حوار مع الأسد أم أنه نتيجة تخوف التجمع من الوقوع بالفخ السياسي الذي يشكون بأن نظام الأسد يستدرجهم اتجاهه؟

- أبعاد الحراك

يرى فايز سارة، عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري، "أنّ تطورات السويداء تحمل وجهين؛ الأول هو أنّ النظام يريد فعلاً تفجير الوضع بالسويداء، لينهي الازدواجية التي فرضتها عليه تحركات تلك المنطقة بوقت سابق، فهو اليوم لم يعد يقوى على التصنع في تقبل مساومة بعض المعارضين وقبول الحوار مع الطرف الآخر، لذا فيريد نقل السويداء لحالة من السيطرة الكاملة لها، خاصة وأن النفس العام في السويداء غير مؤيد للنظام، وهم ضمنياً لا يريدون أن يحسبوا على نظام لا مستقبل له، ولكن ما كان يمنعهم من اتخاذ هذه الخطوة، الخوف من أن يحوّل الأسد السويداء لخرابة جديدة في سوريا".

سارة، حذر بتصريح خاص لـ"لخليج أونلاين"، من "تسلل تنظيم داعش الإرهابي لمدينة السويداء عن طريقة منطقة اللجاة من أجل إحداث بلبلة في السويداء". بالسياق ذاته كانت قد حذرت قيادة الائتلاف الوطني السوري أيضاً بتصريح رسمي لها، من استخدام نظام الأسد لـ"استراتيجيته المعهودة بدفع تنظيم داعش للتغلغل في أراضي السويداء؛ بغية خلط الأوراق وإحداث الفوضى فيها"، داعياً المجتمع الدولي إلى الإسراع في" حماية المدنيين بالسويداء ومنع النظام من الانتقام منهم".

بالسياق ذاته، أشار محمد صبرا، المعارض السوري ورئيس حزب الجمهورية، لـ"الخليج أونلاين" إلى "أن اغتيال الشيخ قد يكون الهدف منه خلط الأوراق وزعزعة الجنوب عبر ترك ثغرة تمر منها قوى الظلمة والظلام المتمثلة بأداة القتل داعش". مضيفاً بالقول: "لقد حاول البعض أن يجعل انتفاضة الكرامة التي قادها الشيخ البلعوس ورفاقه محصورة في مدينة السويداء، لكن الشيخ كان يؤكد دائماً في جميع خطاباته على أن الكرامة هي لجميع السوريين، وأنه عدوٌ لكل من ينتهك كرامة السوريين".

- الإدارة الذاتية وأبعادها

استبعد فايز سارة، بتصريح خاص لـ"الخليج أونلاين"، أن تشكل فكرة إنشاء إدارة ذاتية في السويداء نطفة التقسيم الأولى في منطقة الجنوب، وقال:" أهل السويداء ليسوا مع التقسيم، فكافة المتغيرات المحيطة بهم لا تساعد على ذلك، سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو حتى الجغرافية. الإدارة الذاتية شكل من أشكال الإدارة العامة ولا تمت للسياسة بصلة، فنظام البلديات بباريس، هو إدارة محلية لكل شؤون السكان، ماعدا السياسة والدفاع والأمن والتي بطبيعة الحال تعود لقيادة مركزية واحدة".

مشيراً أثناء الحديث إلى "أن الإدارة الذاتية في السويداء تختلف عن الإدارة الذاتية في المناطق الكوردية، والتي تسيطر عليها مجموعة من المليشيات المسلحة، ما يجعل الإدارة في مناطق الكورد تتسم بطابع سياسي أكثر كونها ذات طابع مدني". وأضاف سارة: "وجود مجالس محلية أو إدارة ذاتية لشؤون السكان المدنية، أمر مهم، وإن أحد أكبر المشاكل التي واجهت الجيش الحر بعد سيطرته على المناطق، هو عدم وجود بلديات ذات خبرة قادرة على إدارة الشؤون المدنية، والغوطة الدمشقية لو كان فيها إدارة موحدة، كان حالها أحسن بكثير ممّا هي عليه اليوم".

إلا أن محللين آخرين يرون أنّ البيان الذي نسب لتجمع شيوخ الكرامة "يحمل بصمة سياسية لحدّ ما، والرضا عن هذه البصمة ربما يكون آنياً ومؤقتاً لضرورة المرحلة ووجود شاغر سياسي في تلك المنطقة، ولكن لا يمكن البتة القبول بأي صلاحيات سياسية في دوائر المجالس المحلية والبلديات أو ما يسمى بالإدارة الذاتية".

 

 

 

الخليج أونلاين

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع