..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

إرهاصات سقوط النظام

محمد واني

٦ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2502

إرهاصات سقوط النظام
000 ساقط.jpg

شـــــارك المادة

لاشك أنّ الاستراتيجية الجديدة للدول الغربية الكبرى في منطقة الشرق الأوسط هي إثارة الصراع الطائفي السني الشيعي لفترة قادمة قد تطول لسنوات طويلة من خلال التركيز على الميليشيات والمنظمات العقائدية المسلحة وتغذيتها بالأموال والأسلحة وتهيئتها لقيادة زمام الأمور بدلاً عن الجيوش النظامية، بمعنى آخر أن هذه الدول الغربية تحاول جاهدة تكريس الثقافة الطائفية الميليشياوية الضيقة في المجتمعات بدلاً عن الثقافة الوطنية والتركيز على هويات ثانوية والانكفاء على زوايا صغيرة بحسب عبارة مستشار الأمن الوطني السابق"موفق الربيعي" الذي صرّح لصحيفة نيويورك تايمز من " أن الهويات الثانوية ـ الثقافية والدينية والإثنية ـ هي السائدة ونحن جميعاً انكفأنا إلى زوايانا الصغيرة". وأضاف "نحن منذ العقد الماضي نبحث عن هوية جديدة".

وهذه الهوية الجديدة التي كان يبحث عنها "الربيعي" وجدها عقب الحرب الطائفية المدمرة التي خاضها السنة والشيعة في العراق عامي 2006 و2007 والتي راح ضحيتها مئات الآلاف من الطرفين، وكذلك بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011 وهي الهوية "الطائفية"، ففي كلتا الحالتين انكفأ المتصارعون إلى الطائفة واحتموا بها ودخلوا في أحلاف "إقليمية" قائمة على هذا الأساس..

هكذا فعل رئيس الوزراء العراقي السابق" نوري المالكي" عندما اختزل الوطن في الطائفة وفي حزبه بالذات وهكذا فعل "بشار الأسد" عندما احتمى بالميليشيات الشيعية الإيرانية والعراقية للمحافظة على كيانه القمعي، ولم تكن فتوى المرجع الشيعي "علي السيستاني" بتشكيل ميليشيا الحشد الشعبي الشيعي (يوليو 2014) لمواجهة ميليشيا الدولة الإسلامية "داعش" إلا إيذاناً بدخول المنطقة رسمياً في صراع طائفي طويل قد يستغرق، كما قلنا عقود من الزمن، وتتعرض فيه المنطقة لويلات ومآسي طويلة لا تقل عن المآساة التي شهدتها الحرب الطويلة الدامية، بين الطائفتين المسيحيتين "الكاثوليك والبروتستانت" عامي 1618 و1648والتي سميت ب"حرب الثلاثين عاماً "والتي ذهب ضحيتها الملايين من الطرفين..

الكثير من السياسيين والمثقفين والمراقبين لشؤون المنطقة غاب عنهم حقيقة أنّ المنطقة مهيئة لمثل هكذا صراع طويل، وأهم دولها المرشحة لقيادة هذا الصراع وتحمل نتائجه الوخيمة هي سوريا والعراق، فظنوا أنّ الوضع في سوريا بالذات لا يختلف عن الوضع في باقي دول الربيع العربي، وتوقعوا سقوط النظام فيها في أي لحظة بمجرد اندلاع المظاهرات الشعبية فيها إسوة بليبيا ومصر وتونس ولكنهم كانوا خاطئين جدا، لأنّ سوريا تختلف كلياً عن تلك الدول لأنّها مدعومة من قبل منظومتين قويتين؛ منظومة طائفية تشرف عليها إيران وأخرى دولية بقيادة روسيا، إضافة إلى موقعها الاستراتيجي في المنطقة ومصالح إسرائيل الكبيرة في بقاء الأسد في سدة الحكم مهما كان الثمن، صحيح أنّ هذا النظام الأرعن سيسقط لا محال ويرمى في مزبلة التاريخ في النهاية، ولكن يحتاج إلى وقت أطول وجهد أكبر وتضامن دولي أكثر، وبدون هذه التحضيرات فلن يكون معنى للإرهاصات والتوقعات التي أطلقها بعض السياسيين والكتاب والمؤسسات البحثية بتحديد فترة زمنية محددة لسقوط النظام السوري قياساً بالأنظمة السياسية لدول الربيع العربي، سواء بحسن نية أو بغيرها، فالمتضرر من هذه التوقعات اللامسؤولة دائماً كان الشعب السوري، ورغم مرور أكثر من أربع سنوات على الثورة المباركة وسقوط أكثر من 250 ألف إنسان بريء، فمازلنا نرى تلك النظرة التبسيطية للصراع القائم في سوريا تظهر هنا وهناك من خلال التصريحات وعبر وسائل الإعلام والتي تؤكد أنّ" النظام السوري يلفظ أنفاسه الأخيرة"، وأنّه يتآكل داخلياً ويتهاوى ويعيش أيامه الأخيرة وبعضهم اعتبر استعانة النظام بالعصابات الطائفية في العراق وإيران ولبنان دليل على عجزه وتهاويه والعجيب أنّ أحد قادة الجيش الحر توقع قبل سنتين أنّ النظام سيسقط خلال أربعة أشهر على أقصى تقدير!!.. مهما كانت الدوافع من تلك التصريحات والإرهاصات فإن الدقة مطلوبة دائماً..

 

 

أورينت نت

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع