..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

قوارب الموت بأوروبا و«أسلحة دمار شامل بالعراق»!

أحمد حسن الشرقاوي

٥ سبتمبر ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2929

قوارب الموت بأوروبا و«أسلحة دمار شامل بالعراق»!

شـــــارك المادة

فجأة ومن دون سابق إنذار، اهتمت وسائل الإعلام العربية والعالمية بأزمة الهجرة غير المشروعة لدول الاتحاد الأوروبي بشكل غير مسبوق رغم أن حروب المنطقة العربية، خصوصا في العراق والشام مستمرة منذ سنوات!!
كما أن قوارب الموت وعمليات الهجرة لم تتوقف يوما واحدا طوال تلك السنوات، وعصابات التهجير ومافيا البشر تعمل دون توقف وبلا كلل أو ملل، والحكومات الأوروبية بدورها تناقش المشكلة وتضع القوانين وتدرس الحلول لها منذ سنوات.

ماذا حدث إذن في الفترة الأخيرة؟!
ولماذا كل هذا الاهتمام بالأزمة في وسائل الإعلام؟!
أعتقد أن الكثيرين لم يقفوا أمام هذا السؤال رغم أهميته.
قد يقول قائل إن وتيرة عمليات الهجرة وتدفق الآلاف من اللاجئين ازدادت بشكل كبير خلال الفترة الماضية، وهو ما يبرر أسباب اهتمام وسائل الإعلام الغربية والعربية بتلك المشكلة.
نعم، ربما يكون سببا وجيها.
لكن السؤال الذي يقف خلف هذه الإجابة: هل تعتقد أن هذه الموجة المكثفة الحالية من اللاجئين من جنوب المتوسط وشرقه نحو الشمال والغرب جاءت بشكل طبيعي؟!
وهل يمكنك إثبات أن عصابات تهجير البشر تحركت في وقت واحد في المناطق الكردية في العراق وسوريا وتركيا وفي دول جنوب المتوسط خصوصا مصر وليبيا في وقت متزامن وبطريقة منسقة؟!!
الحقيقة أنني سألت نفسي هذا السؤال، ولم أستطع الإجابة عنه، لكنني أعرف بحكم خبرتي بالعمل في المجال الإعلامي، أن الاهتمام بمثل تلك الظواهر يبدأ في وكالات الأنباء العالمية لتتلقفه الصحف والقنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية وغيرها.
وعندما راجعت تقارير وأخبار وكالات الأنباء العالمية الكبرى عن الهجرة غير المشروعة لأوروبا في كبريات وكالات الأنباء العالمية مثل رويترز (Reuters) والأسوشيتد برس (AP) ووكالة الأنباء الفرنسية (Agence France Presse-AFP) وجدت أن أعدادها تضاعفت عدة مرات في أغسطس 2015 عما كانت عليه في يوليو ويونيو السابقين عليه، وبمقارنتها بنفس الفترة من العام الماضي وجدت أنها قفزت قفزة كبرى لا تقارن بما سبقها.
وبالتالي فمن المتوقع أن تستمر في التزايد، وبالتالي يتعين علينا الوقوف أمام الهدف منها والغاية المتحققة من ورائها.
مواقع تلك الوكالات باللغتين الإنجليزية والفرنسية أو نسخها باللغة العربية علي الإنترنت ستؤكد لك القرينة لكنها لا يمكن أن تقدم تفسيرا واضحا.
التفسير رأيته بنفسي عندما عملت مراسلا للتلفزيون المصري في بريطانيا عبر القسم التلفزيوني لوكالة الأنباء الأميركية (Associated Press Television News-APTN) في مقره الرئيسي في لندن لمدة تصل إلى خمس سنوات متواصلة، ورأيت كيفية توجيه انتباه وسائل الإعلام العربية للموضوعات المراد لهم الانشغال بها بحيث تشعر أن شبكة الإعلام العالمية متصلة الحلقات ويسيطر عليها الغرب، وأن وكالات الأنباء أحد أهم الوسائل في ترويج ما يراد للدول المختلفة أن تهتم به أو بالأحرى تنشغل به.
ويكفي أن أسوق لكم موضوعا واحدا عاصرت تفاصيله المملة الطويلة التي انشغلنا بها وشغل بها العالم وهي قضية: «أسلحة الدمار الشامل لدى العراق»، وكيف روجتها وكالات أنباء تتمتع بالمصداقية والمهنية العالية مثل رويترز والأسوشيتد برس والفرنسية وغيرها، وصارت أكبر أكذوبة في التاريخ العربي المعاصر.
لا أقول إنه لا توجد زوارق للموت أو هجرة غير مشروعة مثلما لم توجد أسلحة الدمار الشامل المزعومة، لكنني أناقش الزخم الإعلامي الذي رافق الظاهرتين لنعرف الهدف المرجو من ترويجهما.
في لحظة تداخلت في ذهني أفكار كثيرة، رأيت تصريحات زعيم عصابة الانقلاب في مصر عبدالفتاح السيسي في سنغافورة لتقدم التفسير الغائب وتوضح ما التبس من مفاهيم، حيث إن السفاح عندما سئل- خلال زيارته لسنغافورة الأسبوع الماضي- عن انتهاكات حقوق الإنسان وقانون الإرهاب «القاسي» الذي أصدره بنفسه في غيبة البرلمان، تهرب من الإجابة، وقال ببجاحة: «الأمر القاسي بحق هو أن نحول أبناء الشعب المصري البالغ تعدادهم 90 مليونًا إلى لاجئين في أوروبا يفقدون حياتهم لدى عبورهم المتوسط بصورة غير شرعية، ورئيس الدولة المصرية تقع على عاتقه إعاشة هذا الشعب بأكمله وضمان حياته في أمنٍ واستقرار».
وأضاف: «لن نترك مصر تسقط، وننتظر من يقدم لها مواد الإغاثة والمساعدات الإنسانية، وقريبا سيكون لمصر برلمانها الجديد الذي له الحق في مناقشة كافة القوانين».
والواضح من تلك الإجابة أنه يبرر كل أعمال القمع ويعترف بها ضمنيا، كما يغازل حكومات الغرب بالدور الذي يقوم به نظامه الانقلابي الفاشي في الحد من ظاهرة قوارب الموت التي تحمل المهاجرين إلى شواطئ القارة العجوز (أوروبا)، بينما يحارب في الوقت ذاته ما يعرف باسم الإرهاب نيابة عن تلك الدول وهذه الحكومات.
ولعل ذلك ما دفعنا في المجلس الثوري المصري لإصدار بيان عاجل تمت ترجمته للغة الإنجليزية لتوزيعه على وكالات الأنباء العالمية وكافة وسائل الإعلام، حذرنا فيه من أن السبب الرئيس في أزمة الهجرة غير الشرعية وقوارب الموت هو دعم الحكومات الأوروبية والغربية للنظم الاستبدادية في منطقتنا.
تصريحات السيسي نشرتها كافة وكالات الأنباء العالمية الكبرى، بينما بيان المجلس الثوري المصري لم يهتم به أحد، بل إن وسائل إعلامية عربية كبيرة وقنوات فضائية وصحف لم تنشره أو حتى تشير إليه!
وبالتالي، لا يمكنني استبعاد الاحتمال القائل إن ظاهرة الهجرة غير الشرعية صناعة إعلامية كما أن السيسي هو نفسه ظاهرة إعلامية، صنعها الإعلام وآلته الجهنمية وهو مستمر في دعمها وتقوية دورها الوظيفي في النظام العالمي. ولكن التاريخ يثبت أن تلك الظواهر لا تعدو أن تكون «فقاعات مؤقتة» مثلها مثل أكذوبة «أسلحة الدمار الشامل في العراق». لكن الشعوب العربية تفيق بكل- أسف- بعد فوات الأوان!.

 

 

العرب القطرية

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع