أحمد موفق زيدان
تصدير المادة
المشاهدات : 3416
شـــــارك المادة
يصعب حصر حصاد خسائر ثورة الشام بظهور الدواعش في مقال صغير كهذا، فدون ذلك كتب ومجلدات، وللأسف لا يزال شباب الإسلام يُغتر ويُخدع من قبل مجاهيل لا يُعرف لهم قائد معروف مشهور بين قومه فضلاً عن غير قومه، ولا يُعلم لهم شيخ معروف يُفتي لهم فتاوى تخص الدماء والأعراض، سوى مجاهيل انترنتيين يغردون لهم فيتبعونهم، وحين أتفحص هذه الظاهرة العجيبة الغريبة يزول عجبي واستغرابي ودهشتي ممن سيتبع الدجال غداً حال ظهوره، فإن كان ثمة آلافاً يتبعون دجاجلة كهؤلاء فهل سنستغرب ممن يتبع الدجال الأكبر..
لا زلت أتذكر حين كنت أغطي ثورة الشام في حلب الشهباء مطلع عام 2013 لم يكن الدواعش قد ظهروا حينها، كان أيقونة الثورة في حلب يومها الشيخ الشهيد الصالح عبد القادر الصالح الملقب بحاجي مارع أبو محمود قائد لواء التوحيد رحمه الله، يومها كان كالأب لكل المجاهدين ممن كانوا من لوائه أو خارج لوائه، يومها كانت أكثر من ستين بالمائة من حلب الشهباء محررة، كان الكل آمناً على نفسه وماله وعرضه إلا من طاغية الشام، اليوم أصبح أعداء الثورة الدواعش يخشى منهم المدنيون أكثر مما يخشون من النظام المجرم نفسه ما داموا قد تقاسموا المفخخات المستهدفة للمظلومين الآمنين مع العصابة البرميلية فكانت المفخخات الأرضية من نصيبهم والمفخخات الجوية من نصيب العصابة البرميلية.
وحين أتذكر تغطيتي أيضا للثورة في دمشق وفي الغوطة الغنّاء كان الكل هناك على وفاق واتفاق قبل ظهور الدواعش، لكن البلاء العظيم الذي ابتلى الله تبارك وتعالى الشام بظهور هؤلاء القتلة الذين ظاهروا النظام المجرم على المجاهدين في كل بقعة شامية وغير شامية، ولا يزالون، فمع كل تقدم باتجاه معاقل الساحل الطائفي نرى الضربة والطعنة النجلاء تأتي من الخلف على شكل اقتحامات ومفخخات لمواقع المجاهدين وهو ما يعيق تقدمهم ويجعلهم يلتفتون إلى ما ورائهم، ويوزعون قدراتهم وإمكانياتهم بين عدو صائل مجرم وقتلة مجرمون يظاهرون كل طاغية..
وتوزعت طعنات الدواعش فكانت الطعنات العسكرية بإشغال المجاهدين بجبهات عدة، وكذلك الطعنات السياسية بتشويه صورة الشام على أنها مجموعة قتلة دواعش لا يأمن المسلمون منهم على أموالهم وأنفسهم فما بالك غير المسلمين، وهناك الطعنات الشرعية التي يضلون بفتاويهم وأقوالهم بعض الشباب فيفرقون بين المرء وزوجه وبين المجاهدين أنفسهم، وحتى ممن كانوا بالأمس معهم فيستهدفونهم بالمفخخات كما حصل غير مرة مع جبهة النصرة، في حين يسلم منهم العدو الصائل المجرم..
أطال الدواعش في مأساة الشعب السوري، ووفروا الغطاء الذهبي للأميركيين بالتدخل الجوي لكان ليس ضد العصابة البرميلية الذي انتظر الشعب السوري طويلاً أن يتحرك المجتمع الدولي المنافق ضدها، ولكنهم بأفعالهم وبإجرامهم قدموا الأعذار والتبريرات للمجتمع الدولي في أن يحشد أكثر من ستين دولة ضدهم ويختلق هذا المجتمع المنافق عدواً له، ليبرر تخاذله ونفاقه تجاه السوريين، فكانت اللحظة الذهبية للعصابة ولأسيادها في طهران ليروّجوا بأن أهل السنة عبارة عن قتلة مجرمين لم يتحّملهم حتى شعبهم في الشرقية فهاموا على وجوههم، بعد أن أثخنوا الجراح بالمئات منهم قتلا وذبحاً.
يحصل هذا بينما مطار دير الزور وبعض أحيائها آمنة مطمئنة للنظام البرميلي، ما دام الدواعش قد انشغلوا بذبح الأهالي بحجة ما أطلقوا عليه الصحوجية، وحين وجدوا الوقت كانوا يصرفونه على طعن المجاهدين في حلب وإدلب ودمشق وغيرها، أو يحرفوا مسيرة المعركة كلها باتجاه كوباني للإيقاع بين الكرد والعرب فتنفذ من خلاله إيران لاستغلال هذا الظرف، بينما دفعت ثمنه تركيا فادحاً بإرغامها بالانضمام إلى التحالف الدولي وهي التي قاومته ورفضته لسنوات، هكذا أرغمها وأجبرها الدواعش على الدخول فيه لفرض منطقة آمنة منهم يأمن فيها المجاهدون والسوريون المدنيون على أنفسهم..
خسرت الشام وخسر من ورائها المسلمون الكثير بظهور داعش، ويعلم الله وحده حجم هذه الخسائر على الحقيقة التي بعضها مرئية وأكثرها غير مرئية قد تظهر وتتبين بعد سنوات وربما بعد عقود..
المسلم
عزمي بشارة
إياد أبا زيد
عمر عبد المجيد البيانوني
أحمد نوفل
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة