ياسر الزعاترة
تصدير المادة
المشاهدات : 3203
شـــــارك المادة
تلك من أغرب المقابلات التي استمعت إليها شخصيا مع بشار الأسد، أعني مقابلته مع قناة المنار الناطقة بلسان حزب الله. فقد كشفت بفجاجة طبيعة الوصاية التي يمارسها الحلف الإيراني؛ وحزب الله أحد أدواته، على سوريا وعلى قائدها المقاوم العنيد!! في الشكل كان الإجهاد باديا على بشار، كأنما استيقظ من نومه للتو، وارتدى قميصا كانت ياقته معوجة من أحد جانبيها. وقد يرى البعض أنه يخوض معركة ومن الطبيعي أن يكون هذا حاله (لم يكن كذلك في المقابلات السابقة)، لكن واقع الحال أن إيران هي من تخوض المعركة، وحزب الله هو من يستقبل الجثث، وهو من عليه أن يبرر كل يوم بطرق شتى مشروعية هذه المعركة التي يخوضها إلى جانب يزيد وهو يرفع راية الحسين!
الجانب الكاريكاتوري في المقابلة، وهو الذي بدأنا به يتمثل في أن حزب الله أرسل أحد مذيعي قناته (المصري عمرو ناصف) كي يأخذ من الأسد تصريحات مبرمجة تعدل أخطاءً يرى الحزب أنها صدرت عن «الرئيس» في آخر خطاباته قبل أسابيع، والذي اعترف فيه بالإنهاك الذي يعانيه جيشه. ولأن الهزيمة كانت سافرة في الخطاب المذكور، كما شمل أخطاءً أخرى، فقد كان على المنار أن تأخذ من بشار أقوالا جديدة تعدل الموقف.
بدأ ذلك بالحديث عن تفاؤله بالنصر، وهو منحها شيئا من ذلك، قائلا إن الصمود كان أولا بسبب دعم الشعب، وثانيا بدعم الأصدقاء، فيما يعرف الجميع أنه لولا إيران تحديدا لانهار نظامه منذ زمن، من دون أن ينكر أحد أن أقلية طائفية ما زالت تقاتل إلى جانبه، وإن بدا دورها هامشيا في المراحل الأخيرة (لم يتذكر المذيع أن الرئيس الذي يجلس قبالته لا يسيطر سوى على خمس مساحة التراب السوري). وحين أراد المذيع أن يزيد جرعة التفاؤل بالحديث عن ربع الساعة الأخيرة في الأزمة؛ ليس استنادا بالطبع إلى معطيات عسكرية، بل إلى أخرى سياسية تتمثل في الجهود الروسية وبعض المواقف العربية المساندة.. حين أراد المذيع ذلك، لم يحصل على المطلوب، فهنا كان بشار واقعيا بربطه ذلك بوقف الدعم الخارجي للإرهابيين كما يسميهم!! بعد ذلك حاول المذيع أن يأخذ من بشار ردا «ثوريا» على الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، وذكّره بقصة تغيير قواعد الاشتباك التي تحدث عنها نصر الله، لكن بشار خذله هنا، حيث أكد أن حرب الإرهابيين هي الأولوية، وأنهم عملاء إسرائيل، ومن الضروري محاربتهم قبل حرب إسرائيل.
وحين قال له المذيع إن هذا الكلام قد يجرّئ العدو على مزيد من الاعتداءات، عاد يكرر نفس الكلام، ولم ينطق بكلمة تهديد ضد الصهاينة، ولو من باب مجاملة المذيع وجبر خاطره (تذكرون تهديده قبل حوالي عام)!! من جانب آخر أراد المذيع (مشغلوه بتعبير أدق) أن يأخذوا من بشار كلاما ينسخ ما ذكره في الخطاب السابق عن إنهاك الجيش، وهنا جاء رده بين بين، حيث أكد بعد إلحاح المذيع أنه قال ذلك لتحفيز الشباب على الالتحاق بالجيش، أي أنه لم يغير، لكنه لم يؤكد من جديد حالة الإنهاك. وتستمر الوصاية من المذيع (مشغلوه مرة أخرى)، فيذهب نحو ذلك الكلام المفاجئ (معروف بالنسبة إلينا) في الخطاب الماضي، حين قال إن سوريا ليست للسوريين، وإنما لمن يدافع عنها، وهنا حصل المذيع أو الحزب على تصحيح فلسفي لم يكن كافيا، فاضطر إلى وضع الكلمة في فم بشار بالقول، تقصد من السوريين، فقال نعم من السوريين، مع أن الكلام السابق كان فضائحيا، لأنه قال ليست للسوريين فقط، بل لمن يدافعون عنها، أي أنها في النتيجة لإيران وأتباعها، أو لمشروع طائفي بتعبير أدق. بعد ذلك، حصل المذيع، بحسب طلب من أرسلوه على تأكيد جديد من بشار بأن الموقف الروسي لن يتغير، مع مديح طويل عريض عن «مبدئية الموقف الروسي»، مع أن عاقلا لا يقول ذلك بحال (ماذا عن موقف بوتن في اليمن لو سألنا نصر الله؟!)، وكان الحديث عن روسيا في سياق الاستجداء، بما في ذلك القبول بحوارها مع معارضين سوريين كانوا بتصنيف بشار تابعين لقوى معادية، وليسوا وطنيين كما هو حال الائتلاف السوري!! حصل المذيع أيضا (إلى جانب وجبة تبجيل لإيران ونصر الله) على وجبة هجاء للسعودية والأردن وكذلك لأردوغان (السلطان الإخواني أو الإخوانجي حسب تعبيره)، وكان الأهم هو الحصول على مديح طويل للموقف المصري، وطبعا لأن تعويل إيران الآن هو على السيسي، فيما كشف بشار أن هناك اتصالات أمنية مهمة تمت خلال الأسابيع الأخيرة. الخلاصة أننا كنا إزاء مقابلة جديدها هو الجانب الكاريكاتوري ممثلا في وصاية حزب الله، بالوكالة عن السيد الإيراني على بشار، وصولا إلى وضع الكلام في فمه حتى لا يسبب إحراجا للسادة الذين يحتلون البلد، وقال هو شخصيا في الخطاب السابق إنها لهم، طبعا لأنهم من يدافعون عنها!
العرب القطرية
علي العبد الله
مصطفى علوش
أنور مالك
شعبان عبد الرحمن
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة