علي حسين باكير
تصدير المادة
المشاهدات : 3884
شـــــارك المادة
يتفاءل البعض في إمكانية حصول تغيير إيجابي في السياسة الخارجية الإيرانية في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي، ويشير هؤلاء المتفائلون إلى إمكانية حصول تسويات إقليمية نتيجة هذا التحول في السياسة الخارجية الإقليمية. لكن ومن باب ما عودنا عليه الإيراني فإن تغييراته عادة ما تكون تكتيكية والغرض منها ليس إحداث تحول في سلوكه بقدر ما هو وسيلة لخدمة أهدافه الاستراتيجية.
من الممكن للمتابع للسياسة الخارجية الإيرانية أن يلاحظ مؤخرا ثلاث سمات تغلب على تحركاتها الإقليمية، الأولى الانخراط والثانية العزل والثالثة الابتزاز.
من الواضح أن ثمة سمة تركز على عملية «الانخراط» الدبلوماسي الإيراني مع عدد من دول المنطقة على أنه الوجه الإيجابي لطهران والذي يتمثل في إبداء الرغبة بالانفتاح والتعاون، لكن حقيقة هذا الانفتاح ما هو إلا محاولة لتفعيل السمة الأخرى لسياسة إيران الإقليمية وهي «العزل». التركيز الإيراني على الدول الصغيرة في الخليج العربي هدفه في النهاية محاولة عزل المملكة العربية السعودية، البعض قد يرى في مثل هذه الخطوة تصرفا غبيا لكن الإيرانيين لا يعتقدون ذلك، هم يرون ربما أن التأثير على مواقف بعض الدول الخليجية ودفعها على الأقل لأن تقف موقف الحياد في الصراع الجاري بين طهران والرياض سيكون بحد ذاته مكسبا عظيما لطهران، لا يحتاجون لأكثر من ذلك. الجميع يستطيع أن يرى الاختلاف البارز في السياسات الخليجية حيال بعض الملفات ذات العلاقة بإيران. علاقات النظام الإيراني بسلطنة عُمان أكثر من ممتازة، وعلى الرغم من أنه من الصعب لطهران أن تنشئ علاقات لها بنفس التميز على الصعيد السياسي مع دول أخرى داخل دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أن علاقاتها الاقتصادية ممتازة جدا مع دبي على سبيل المثال، ومن الممكن للإيرانيين استخدام هذه العلاقات الاقتصادية لتحقيق غايات سياسية مستقبلا.
وأمام هذين النموذجين، لدينا أيضا دولة الكويت التي تتعرض بشكل مستمر لضغوط إيرانية في اتجاه تحقيق سياسة الحياد. أما قطر التي تعتمد في صعودها الإقليمي على الغاز بشكل أساسي، فهي تشترك مع إيران في أكبر حقل للغاز في العالم، ولذلك ليس هناك أي مصلحة بالدخول في صراع مع إيران. أما السمة الثالثة للسياسة الخارجية الإيرانية وهي «الابتزاز» فيتم استخدامها اليوم بشكل جلي ضد كل من تركيا وباكستان.
الجانب الإيراني يعلم أن الاتفاق النووي سيفيد تركيا على الصعيد الاقتصادي على الأقل على المدى القصير، ولذلك فهو يحاول مقايضة المنفعة الاقتصادية بموقف سياسي من قبل أنقرة في القضايا الإقليمية يكون بمثابة تنازل. لا تزال إيران تتحدى تركيا إزاء موقفها من الوضع في سوريا وقد صعدت مؤخرا من هذا الموقف بمعارضتها الشديدة لمطالبة أنقرة بإنشاء منطقة آمنة داخل سوريا، معتبرة أن ذلك تعد على السيادة السورية.
كما أرسلت طهران رسائل مباشرة لتركيا بمعارضتها الهجوم الذي تقوم به ضد حزب العمال الكردستاني وزادت مؤخرا من وتيرة هجومها الإعلامي على الرئيس رجب طيب أردوغان مكررة نغمة دعم تركيا لتنظيم «داعش».
ولم يتوان وزير الخارجية محمد جواد ظريف عن نشر مقال سلبي له في صحيفة «جمهوريت» التركية المعارضة قبل زيارته الأمر الذي كان بمثابة سبب إضافي في عدم منحه موعدا لمقابلة أردوغان كما قيل، في تعبير واضح وصريح عن رفض سياسة طهران الابتزازية. نفس المبدأ يتم تطبيقه أيضا إزاء العلاقة مع باكستان، فبموازاة التواصل معها يتم تذكيرها دوما بوجود ورقة الهند.
العلاقات الإيرانية - الهندية تتقدم حقيقة بشكل كبير جدا مؤخرا، وقد لاحظنا الضغط الهائل الناجم عن مفاعيل الاتفاق النووي الإيراني - الأميركي على باكستان حتى قبل الموافقة عليه، وقد تجلى ذلك بشكل واضح في التردد الباكستاني إزاء تقديم الدعم اللازم للمملكة العربية السعودية في عاصفة الحزم رغم إعلان استمرار التزامها بالدفاع عن المملكة حال تعرضها لأي خطر خارجي.
العرب القطرية
غازي دحمان
أحمد رحال
العصر
معن البياري
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة