..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

سياسة راشدة

عباس شريفة

٢١ يوليو ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 4206

سياسة راشدة
شريفة 009.jpg

شـــــارك المادة

يجب أن نعلم أن سقوط الأندلس لم يكن بسبب التخلف الحضاري وإنما كان بسبب التفكك السياسي الذي أتبعه صراع مسلح إلى أن وصل لحضيض السقوط.
يجب أن تصحّح المفاهيم الفقهية لدى من أطلق القول بأنّ مذهب أهل السنة في انحراف الحكام هو الصبر بإطلاق حتى وصلت إلى مآزق يصعب عليها الخروج منه.
الدرس الأول المستفاد من نكبة المسلمين عبر التاريخ هو غياب دور الأمة ومصدر قرارها من أحزاب وعملاء ومستبدين.

الترويج لمفهوم التغلُّب من أجل إنهاء حالة التشرذم كمن غسل ثوبه بالخمر فما زاد إلا أن هرب من شر إلى ما هو شرٌّ منه، فلا بديل عن الشورى.
الفقهاء الذين يقولون بانعقاد الإمامة بالغَـلَـبَة قالوا هذا من باب تزاحم المفاسد، وهو لا ينفي عن صاحبه الجُرْمَ والمعصية، ولكنهم وقعوا في نظرة أحادية: رأوا مفاسد الخروج على المتغلب ولم يروا مفاسد الاستبداد وإعطاء الشرعية لسارق صادر خيار الأمة!
بعض الجماعات الإسلامية تمارس تناقضاً أصلع، فهي تمارس سياسة التغلُّب من جهة، وتدعي لنفسها أنها على منهاج النبوة، أيُّ كذب وأيُّ افتراء!!
حتى تخرج على الحاكم الجائر عند الجامية الجهادية يجب أن ترى بعينك لا تسمع كفراً لا فسقاً، ويكون بواحاً وليس خافياً.
إذا تجاوزنا مسألة الحاكمية والبراء والولاء عند الجامية والسلفية الجهادية فهما متفقان في مسألة الخروج على الحاكم الجائر.
الجامية والسلفية الجهادية يرون مبرِّر الخروج على الحاكم هو الكفر الأكبر البواح، وليس الجَور والظلم سببا كافياً للخروج عندهم.
أما فَهْمُ العُلماء للخروج "أن تروا كفراً" لا يشترط أن يخرج من الحاكم فقط، "وكفراً" قالوا هو الكفر الأصغر وليس الكفر الأكبر المُخْرِج عن المِلّة.
قالها أحد الغربيين: أفضل طريقة لإسقاط المشروع الإسلامي هو السماح بتجربة حكم إسلامية فاشلة!
لا دولة بلا إمامة، ولا إمامة بلا بيعة، ولا بيعة إلا عن شورى، ولا شورى إلا برضى واختيار، ولا رضى واختيار إلا بِحُرِّيّة، ولا حريّة مع الاستبداد.
قلُصَ مفهوم الشورى بأن جُعِلَتْ مندوبة غير واجبة في حكمها، ثم صارت معلِمة غير مُلزمة في نتائجها، ثم حُصِرَت بأهل حلٍّ وعقد، ثم نُسِفَت بالغَـلَـبَة!
مرت الأمّة في الخطاب السياسي المُنزَّل انتهى بالخلافة الراشدة، ثم الخطاب الإسلامي المُؤَوّل انتهى بسقوط العثمانيين، ثم الخطاب السياسيّ المُـبَـدّل.
للأصيل الحـقُّ في عزل الوكيل متى شاء، إذ هو صاحبُ الحق، فعقد الإمامة كغيره من العقود التي يمكن فسخها.
لو كان الخروج على أئمة الجور خارجية لكان الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير هم رؤوس الخوارج! فلا نخلط بين الخروج السياسي والعقدي.
في النظام السياسي الإسلاميّ: الأُمّة هي مصدر السلطة، مُـمَـثّـلَةً بنفسِها ونُقبائها، والوحي هو مصدر التشريعي الأصليّ والتَـبَـعِيّ.
النظام السياسي الإسلاميّ ربّانيّ متفرّد، ليس نِظاماً ديمقراطياً يكونُ التشريع فيه للأغلبية، وليس نظاما ثيوقراطياً السلطة فيه حق إلهيٌّ مُنَزّل.
كان حقّ الأمّة يُصادر في مرحلة الخطاب السياسي المُؤَوّل ويسكت العلماء خشية فتنة السيف والأذيّـة، فيأتي من يقول هذا هو الإجماع السكوتيّ!!
سكوت العلماء عن الاستبداد السياسيّ في مرحلة المُلك العضوض اتّخذها البعضُ حُجّة ونَـسَبَ لهم الإجماع السكوتيّ، السُّكوت تحت القهر ليس بِحُجَّة!!!
لا دين بلا دولة، ولا دولة بلا إمامة، ولا إمامة بلا بَيْعة، ولا بيعة إلا عن شورى، ولا شورى إلا بِرِضىً واختيار، ولا رضى واختيار إلا بِحُـرِّيّـة.
قال ابن حزم في شأن الإمامة: لا خِلاف بين أحدٍ من أهل الإسلام في أنّه لا يجوز التوارث فيها.
وقد أجمع المسلمون على أنّ المال في بيت مال المسلمين حقٌّ للأمّة، ليس للإمام أن يتصرف فيه إلا بحسب المصارف التي حدّدها الشرع.
قال أبو المعالي: إذا جار الوالي وظهر ظلمُه، فلِأهل الحلّ والعقد التواطؤ على دَرْئِه، ولو بشهر الأسلحة ونصب الحروب.
أصبح إقامة الإمام والمحافظة على وجوده غايةً بعد أن كان وسيلة، وصار حُكْمُ الإمامة تعبُّديّاً محضاً، وقد وجد الغرب من يكفيه مؤونة تشويه الجهاد والشريعة والخلافة بمَطِيَّةٍ حمقاء من الغُلاة بعدما فشل بنسخها ومحوها من الذاكرة.
كان همّ الاستعمار منصبّـاً على مَحْوِ ثلاثة أشياء من ذاكرة المسلمين:
أ- الخلافة
ب- الشريعة
جـ- الجهاد

فلمَّـا فشل بمَحْوِها عَمَدَ إلى تشويهها في ذاكرة الأمّة .
وكل أنواع الفساد تَخْرُجُ من رَحِمِ الاستبداد السياسيّ {الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ. فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ}
قال أبو يعلى الحنبلي: (لأن الإمامة لا تنعقد للمعهود إليه بنفس العهد، وإنما تنعقد بعهد المسلمين) الأحكام السلطانية
فجعل ذكر الشورى بين الصلاة والزكاة في سورة الشورى، وهما من أركان الإسلام، ليؤكد مكانتها في الدين، وأنها من فرائضه وأبرز خصائصه.
وكان علماء السلف يوارون في فتواهم بعدم انعقاد بيعة المكره فيقولون: (إن طلاق المُـكْرَه لا يَقَعْ)
وللأمّة الحقّ في ممارسة الرِّقابة على جهاز الحكم إلى أعلى سلطة فيه، قال أبو بكر: (فإن أنا أحسنت فأعينوني وإن أنا أسأت فقوموني)
مبدأ (منا أمير ومنكم أمير) مبدأ المحاصصة السياسية مرفوض شرعاً .. مبدأ اعتبار الكفاءة (إن خير من استاجرت القوي الأمين) واجب شرعاً.
ولا يمنع الإمام المعارضة السياسية طالما أنها لم تستعمل العنف، ولم يقاتل عليٌّ الخوارج حتى جرّدوا السيف ولم يمنعهم الفيء والمساجد!
الاستبداد والديمقراطية كلتاهما تحجبان الحقيقة عن البصيرة:
الأولى بحجاب أسود بالقوة الخشنة.
والثانية بحجاب أبيض بالقوة الناعمة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمة: لو قُـدِّر أنّ عمر وطائفةً معه بايَعُوه وامتنع سائر الصحابة عن البيعة، لم يَصِرْ بذلك إمامَ منهاج السنة، ولو قُـدِّر أنّهم لم ينفذوا عهد أبي بكر ولم يبايعوه، لم يَصِرْ إماماً سواء ذلك جائز أم غير جائز (والكلام عن عهده لعمر)
استشار عبد الرحمن بن عوف حتى النساء المخدرات في تنصيب الإمام وعن رأيهم في علي وعثمان ".. البداية والنهاية.
ومفهوم أهل الحَلِّ والعَـقْـدِ يكْـتَـنِـفُـهُ الكثير من الغموض، ويشترط فيهم أن يقدروا على الحلّ فيحل الناس من ورائهم، ويعقدوا فتعقد الناس من ورائهم.
فإن أردت: لا سياسة إلا ما وافقَ الشرعَ، أي لم يخالف ما نطق به الشرع فصحيح.. وإن أردت ما نطق به الشرع فغلط وتغليط للصحابة " ابن عقيل.
فالأصل في السياسة هو الابتداع من الوسائل والضوابط الكفيلة في تحقيق مصالح العباد وضبطها وإن لم ينُصّ عليه الشرع.
هذا موضع مَزَلَّةِ أقدامٍ ومَضَلّة أفهامٍ، وهو مقام ضنك في معترك صعب، فرّط فيه طائفة وجعلوا الشريعة قاصرة لا تقوم بمصالح العباد، وأفرط فيه طائفة أخرى فسوغت منه ما يُناقض حُكمَ الله ورسوله، وكلا الطائفتين أُتِـيَـتْ مِن قِـبَـلِ تقصيرها في معرفة ما بعث الله به رسوله، وأيُّ حُكْمٍ خرج من المصلحة إلى المفسدة، أو من الحِكمة إلى العَبَث، فليس من الشريعة بشيء وإن أُدخل فيها بسوء التأويل" ابن القيم.
الضعف السياسي للحركات الإسلامية جاء بسبب أخذهم أحكامَ السياسة الشرعية بما استقرّت عليه في عصر المَكَـنَـة وبدون تدبُّرٍ للسيرة النبوية!
وفرّط قوم آخرون فأخذوا الفقه الحركيّ من السيرة النبوية بحرفيّـته وبإسقاطٍ جامدٍ دون النظر إلى ما استقرت عليه الأحكام الشرعية!!
لا يمكن للأحزاب حمل مشروع الأمة، واقع الحزبية متناقضٌ تماماً مع غاية التمكين، وتكسيرُ أصنامها أولُ خطوةٍ للخروج من التيه إلى الرشد.
السياسة الشرعية (سياسة الدنيا بالدين)، ولكن قبل ذلك يجب علينا (حراسة الدين بالدنيا)
قد يقول البعض: مَلَـلْـنا من التنظير، نُريدُ عملاً، وهل وقع الإجهاضُ في أعمالِنا وتجاربِنا إلا مِن خَلَـلِ الأُطُرِ النظرية فكانت جهوداً تفتقد للبصيرة!!
أصحاب عقدة الحزبية وصلوا إلى حالة من المرض النفسي، فهم على استعدادٍ أن يكرروا مئاتِ التجارب الفاشلة على أن يراجعوا مناهجهم الصنمية!
بلغني قائل منكم يقول والله لو قد مات عمر بايعت فلانا فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرها...
معنى كلام عمر فلتة (أي فجأة لم يرجع فيها إلى عوام المسلمين، وإنما بادر إليها كبراء الصحابة لعلمهم بأحقية أبي بكر) أبي بكر فلتة وتمت عمر بن الخطاب...
قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي تابعه تغرة أن يقتلا. البخاري
كانت السلطة السياسية والقضائية والتشريعية تجتمع في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء من بعده من الخلوف فأعطوا لأنفسهم نفس الصلاحيات.

---------------------------

تغريدات الشيخ عباس شريفة (أبو تيم) تحت عنوان: (سياسة راشدة)

 

 

مشاركات نور سورية

 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع