..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

بداية التطبيع بين إيران و«الشيطان الأكبر»

رندة تقي الدين

١٥ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2720

بداية التطبيع بين إيران و«الشيطان الأكبر»
الاكبر 000.jpg

شـــــارك المادة

بعد عشر سنوات من المفاوضات مع إيران حصل الرئيس أوباما أخيراً على ما طمح إليه وهو ترك إرث بتوقيع الاتفاق النووي مع إيران. كم كان إرثه أهم وأضخم لو استخدم كل الزخم والثقل اللذين وضعهما مع إيران للتوصل إلى حل سلمي عادل ومتوازن بين الفلسطينيين وإسرائيل؟ ولكن مكاسب إدارة السيد أوباما من الاتفاق حول النووي الإيراني يليه تطبيع مع هذا البلد هي أهم وذات جدوى أكبر بكثير في نظره من حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وماذا بعد هذا الاتفاق؟

أولاً سمعنا الكثير في تحليلات الإعلام الأميركي أن أسعار النفط هبطت بنسبة ٢ في المئة إثر الإعلان عنه. لكن جميع الخبراء والمتابعين للسوق النفطية يؤكدون أن أسعار النفط بدأت تهبط منذ شهر بسبب أزمة اليونان وخصوصاً مع اضطراب سوق الأسهم في الصين الذي أدى إلى المزيد من مبيعات النفط بعد أن جمدت الصين التعامل بجزء من الأسهم فلجأ كثيرون إلى بيع النفط. والكل يجمع على أن كميات النفط الإيراني لن تظهر في الأسواق بكميات ملموسة قبل نهاية هذه السنة أو السنة المقبلة.

إن هذا الاتفاق بين الدول الست وإيران هو بالفعل بداية صفحة جديدة للمنطقة بأسرها لأنه مقدمة لا مفر منها للتطبيع بين الولايات المتحدة وإيران ولن يكون مستغرباً أن يقوم أوباما قبل نهاية ولايته بزيارة إيران بعد أن أنجز التطبيع مع كوبا.

وقد يرغب في ترك صورته يصافح المرشد الإيراني علي خامنئي في طهران. إلا أن هذه الرموز العديدة ليست بأهمية ما سيحصل بعد هذا الاتفاق. فإيران ليست البلد الديموقراطي المهتم برفاه شعبه.

هذا الاتفاق ورفع العقوبات سيكون لمصلحة «الحرس الثوري» الذي يوزع عائدات الدولة على وكلائه في لبنان وفي طليعتهم «حزب الله» ونظام الأسد وميليشيات العراق المؤيدة لإيران التي كانت تتلقى أموالاً أقل من إيران إثر انخفاض سعر النفط للمزيد من التخريب والهيمنة.

تبلغنا عبر الإعلام الغربي أن مسؤولاً أميركياً لم يكشف عن اسمه ولا ندري لأي سبب أكد أن الإدارة الأميركية ستبقي «الحرس الثوري» الإيراني على لائحة الإرهاب.

ويمكن وصف السياسة الأميركية بأنها بطلة الغموض والازدواجية. فهي تقول عن «الحرس الثوري» إنه تنظيم إرهابي وفي الوقت نفسه ترغب في تطبيع العلاقة مع النظام الإيراني وعنصره الأساسي هو «الحرس الثوري».

سيترك أوباما إرثاً كارثياً لمنطقة الشرق الأوسط حيث يعطي فرصة أكبر لبشار الأسد أول مهنئي النظام الإيراني بتوقيع الاتفاق كي يستفيد من المزيد من الأموال الإيرانية والمزيد من المساعدات العسكرية لـ «حزب الله» للاستمرار بالقتل والتهجير.

كما سيستفيد الحوثيون من الدعم الإيراني للمزيد من القتال في اليمن وسيزداد العراق تمزقاً إثر مكاسب إيران من هذا الاتفاق. قال أحدهم إن النفس الطويل الذي جعل من الإيرانيين أكبر صانعي السجاد وحياكته علّم النظام على حياكة الحجج والدوران حول تنفيذ التزاماته.

واستعجال إيران لقبول ما طلب منها بالنسبة إلى التفتيش الذي يمثل خرقاً لسيادتها سببه أن النظام و"الحرس الثوري" بحاجة ملحة للمال الذي لم يذهب إلى الشعب المتعطش إليه بل لمجازفات خارجية وتغذية زعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

إن شعب إيران عريق والبلد له تاريخ وتراثه غني ولكن صانعي سياسته من المرشد إلى قاسم سليماني وغيره من المتشددين في منطقة الشرق الأوسط يتبعون سياسة غير مشجعة على التفاؤل بتداعيات هذا الاتفاق. إلا أن رغبة أوباما وأمثاله في الولايات المتحدة كبيرة جداً لفتح صفحة جديدة في السياسة الأميركية، حتى إن أحدهم كان يحلم بأن يعمل سفيراً للولايات المتحدة في طهران.

إن المرحلة المقبلة في الشرق الأوسط مقبلة على تغييرات عديدة وعميقة واسم أوباما سيبقى في تاريخ الولايات المتحدة الرئيس الذي قام بتطبيع علاقات أميركا مع نظام نعتها بـ «الشيطان الأكبر» ودعا باستمرار إلى موتها.

 

 

الحياة اللندنية

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع