مجاهد مأمون ديرانية
تصدير المادة
المشاهدات : 3023
شـــــارك المادة
كنا نظنّ أن نظام الأسد ليس له مثيل في استغباء الأنصار والمؤيدين، ثم اكتشفنا أن له أمثالاً سبقوه وتفوقوا عليه في سياسة الاستغباء.
أرادت جبهة النصرة أنت تغطي على جريمتها الأخيرة وأن تبرّر عدوانها الصريح على فصيل ثوري مخلص لا يقلّ عنها إثخاناً في العدو، فبثَّتْ أمس تسجيلاً مصوراً غبياً يُفترَض أن يُثبت تورط حزم في قتل الشيخ يعقوب العمر، شرعي النصرة في إدلب، قبل سبعة أشهر.
لماذا يذكرني هذا التسجيل بالاعترافات التي بثّها التلفزيون الحكومي السوري لأحمد البياسي وآلاء موريلّي؟ هل هي البسمة المصطنَعة على الوجه الكليل؟ هل هو تكلّف الاسترخاء والطبيعية؟ هل هو التدفق في الشهادة، وكأن الرجل كان ينتظر لقاءه بالكاميرا على أحرّ من الجمر، وكأنه أمضى أسبوعاً وهو يتوسّل للمحققين لكي يسمحوا له بتسجيل الاعتراف؟!
ما غاب عن بال العباقرة الذين بثوا التسجيل هو أن تسعة أعشار السوريين يعلمون أن مقتل الشيخ يعقوب -رحمه الله- كان حلقة من حلقات الصراع الداخلي الذي يدور في أروقة النصرة منذ عدة أشهر، وأن المتهَم الرئيسي باغتياله هو الجناح المتشدد الذي يحكم النصرة حالياً، وأن قتله كان ضرورياً لتنظيفها من رموز التيار الإصلاحي المعتدل وتسليم مفاتيحها للغلاة الذين يقودونها منذ ذلك التاريخ إلى الهاوية. كما يعلم عشرة أعشار السوريين أن جبهة النصرة حققت قبل عدة أشهر مع أبي عبيدة، شرعي "أحرار الشام" الذي اتُّهِم بالاغتيال، وأنها جرّمَته وقامت بإعدامه! فهل تراهن النصرة على غبائنا أم على ضعف ذاكرتنا؟
* * *
لن ننسى أن الشيخ أبا عبد الله الخولي ذهب إلى النصرة على رجليه وبإرادته الكاملة، ذهب في سفارة صلح بين النصرة وجبهة ثوار سوريا يوم لم يكن بين النصرة وحزم أي خلاف، فكان الجواب هو اعتقاله فوراً، والإعراض عن كل المطالبات التي كررتها حركة حزم طوال أربعة أشهر لإطلاق سراحه.
يبدو أنهم كانوا بحاجة إليه من أجل هذه المسرحية تحديداً، وحيث إن حزم ليست من الفصائل الكبرى في الشمال فإن قادتها لا حصانةَ لهم ويجوز للنصرة اعتقالهم كما اعتقلت عشراتٍ غيرَهم من قادة الكتائب الصغيرة الضعيفة، أما النصرة فإن المساس بأحد من عناصرها جريمة يستحق الفصيل الذي يرتكبها القتال حتى الاستئصال. ويلٌ لكم من حساب الله يا ثوار الشمال، يا من سكتّم عن الاعتداء على الضعفاء وبررتم الظلم للظالمين.
قال النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم لرسول مُسَيلمة: "لولا أن الرسل لا تُقتَل لقتلتك". هذا وهو رسول شَرّ، فكيف برسول الخير؟ عند داعش والنصرة لا حصانة للرسل ولو كانوا رسل خير. ذهب الشيخ أبو عبد الله إلى النصرة في سفارة صلح فاعتقلته ولفقت له تهمة باطلة، وما أراه إلا مقتولاً. لم تذهب النصرة بعيداً، إنما استنسخت ما قامت به الأخت غير الشقيقة، داعش، حينما ذهب إليها الشيخ جلال بايرلي في سفارة صلح بين داعش وكتائب الهجرة إلى الله، فما كان من سفاح داعش في الساحل، أبي أيمن العراقي، إلا أن عاجله بإطلاق النار فقتله على الفور. قتله الله وحَرَّقه بنار الجحيم.
ما أرى الرجل إلا قتيلاً، تقبله الله، فلن تجرؤ النصرة على إظهاره لأنه سيحرق "الفلم" كله. أتمنى أن أكون مخطئاً، وأتحدى جبهة النصرة -لو كانت صادقة وليس عندها ما تخفيه- أن تسلّمه إلى المحكمة الشرعية الموحدة في حلب وريفها لتحاكمه محاكمة عادلة شفافة، أما أن تكون هي الخصم والقاضي والجلاد فما رأينا هذا التجاوز والشذوذ في ثورتنا إلا في فصيلين، داعش والنصرة.
إذا أرادت جبهة النصرة أن تعدم أبا عبد الله الخولي وأن تقضي على حركة حزم فلتصنع ذلك بشرف، كفانا ألاعيب سخيفة لا تنطلي حتى على الأطفال، وحبّذا لو تخبرنا: "من التالي"، فإن أهل سوريا مختلفون في الإجابة عن هذا السؤال.
الزلزال السوري
رضوان الأخرس
أسامة الملوحي
محمد حايك
سارة مطر
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة