..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

النظام السوري يتهاوى

بشير زين العابدين

١٨ إبريل ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 5270

النظام السوري يتهاوى
Bashir_Zein_al-Abdeen1-245x300.jpg

شـــــارك المادة

الانفلات الأمني في القرداحة ومحيطها:
تتسارع وتيرة تردي النظام في سوريا، وتتفشى مظاهر الانفلات الأمني في محافظة اللاذقية بين: عصابات الشبيحة، وفرق الدفاع الشعبي، وطائفة المرشديين، ودخول "حزب الله" طرفاً في تلك الصراعات.
ففي منتصف شهر أبريل الجاري سرت شائعات حول مقتل منذر بن جميل أسد بعد فترة وجيزة من توقيفه على خلفية "التآمر على أمن البلاد"، وذلك في إشارة إلى اتصاله بعمه رفعت أسد في الخارج، ويعتبر منذر من أبرز قيادات "الشبيحة" التي كانت تشارك قوات النظام عمليات القمع قبل اندلاع الخلاف بين الطرفين.

ويأتي خبر اعتقال منذر (ومقتله) بعد أسبوعين من إعلان وفاة شقيقه فواز بن جميل أسد في مشفى الندى باللاذقية في 27 مارس، مما أدى إلى إضعاف جهاز الشبيحة الذي بدأ يفقد بريقه لصالح تشكيلات جديدة كقوات "الدفاع الشعبي" وكتائب "حزب الله السوري".
وشهدت محافظة اللاذقية سلسلة مواجهات دامية أسفرت عن مقتل عدد من القيادات الطائفية أبرزها محمد توفيق أسد الملقب "شيخ الجبل" الذي قتل على أيدي عناصر لبنانية في مدينة القرداحة منتصف شهر مارس الماضي، ورجحت المصادر أن يكون النظام "هو من قام بتصفيته بسبب معارضته لتنامي دور "حزب الله" في حفظ الأمن بمناطق العلويين بعد أن كانت عصاباته هي المسؤولة عن ذلك.
ويأتي مقتل محمد أسد ضمن سلسلة تصفيات شملت زعماء عصابات الشبيحة وعلى رأسهم هلال أسد الذي قتل قبل ذلك في مدينة كسب، وبهجت أسد الذي قتل بالقرب من مدينة طرطوس من قبل جماعة مجهولة تطلق على نفسها اسم: "أنصار الوطن"، إلا أن أصابع الاتهام تتجه إلى ماهر أسد الذي يعمل على استبدال عصابات الشبيحة بمجموعات أمنية يتم تمويلها من قبل آل مخلوف، إلا أن فرار حافظ مخلوف في شهر سبتمبر الماضي قد أدى إلى إضعاف هذه المجموعات الأمنية حديثة التشكيل وأسهم في تعزيز حالة الانفلات في مناطق العلويين.
وكانت النظام قد استعان بميلشيات "حزب الله" للفصل بين "شيخ الجبل" وآل الخير إثر مواجهات وقعت بين الطرفين، مما أدى إلى تورط عناصر الحزب في الخلافات الداخلية، ووقوع مواجهات وانفجارات واغتيالات في مدينة القرداحة ومحيطها.
وقد عبر دريد أسد عن مشاعر الغضب من دور "حزب الله" عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" (14 أبريل) متهماً "جماعة خلدون بن عدنان مخلوف" بالاعتداء على سائقه الخاص، وأضاف دريد في تعليقه: "الحادث ليس برسم القضاء لأنه لا يوجد قضاء يطال هؤلاء... الحادث برسم حزب الله ورئيس الجمهورية والعميد ماهر الأسد"، ولاقى تعليق ابن عم الرئيس تجاوباً كبيراً من قبل الموالين للنظام.
ونتيجة لتنامي مظاهر الانفلات الأمني طلب ماهر أسد جلب تعزيزات أمنية من محافظة حوران وإعادة تموضعها في محافظة اللاذقية، إلا أن هذه الإجراءات قد أثارت بدورها حفيظة رئيس جهاز الأمن السياسي السابق رستم غزالي الذي اعترض على سحب عناصر أمنية من محافظة حوران وترك مدينة درعا والقرى المحيطة بها مكشوفة أمام تقدم المعارضة.
كما اعترض غزالي على تسليم قيادة العمليات بجبهتي القنيطرة وحوران إلى الميلشيات اللبنانية والإيرانية دون تنسيق أو تخطيط مسبق، وظهر في شريط مصور يبرر إقدامه على نسف قصره في بلدته قرفا بجنوب سوريا ليتبيّن فيما بعد أنه قد قام بذلك لمنع تحول قصره إلى مقر عمليات للميلشيات الإيرانية.
وعلى خلفية تلك الأحداث رفض رستم غزالي الانصياع لتعليمات رفيق شحادة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية المكلف من قبل ماهر أسد بتوفير المزيد من العناصر الأمنية في القرداحة ومحيطها، وأسفر الخلاف بين المسؤولين الأمنيين عن اشتباك بالأيدي بين رستم غزالي ورجال شحادة الذين انهالوا على رئيس الاستخبارات العسكرية بالضرب وألحقوا به إصابات ألزمته مشفى الشامي.
وتحدثت مصادر أمنية عن وقوع خلاف بين الشقيقين بشار وماهر حول معالجة أزمة الصراع بين قادة الأجهزة الأمنية، ولجوء بشار إلى حل وسط يقضي بعزل رئيسي جهاز الأمن السياسي وشعبة الاستخبارات العسكرية، وتعيين محمد محلا خلفاً لرفيق شحادة ونزيه حسون بديلاً عن رستم غزالي رئيساً للأمن السياسي، في حين ترجح المصادر أن غزالي قد لقي حتفه ليلحق بركب سابقيه: آصف شوكت وهشام بختيار وداوود راجحة.
التراجع الإيراني:
أشار تقرير مجموعة الأزمات الدولية إلى أن النظام أصبح: "أسوأ حالاً مما كان عليه منذ السنة الماضية على الصعيد العسكري والاقتصادي"، خاصة وأنه يعاني من نقص حاد في صفوف قواته المسلحة.
ونتيجة لفشل محاولات الزج بالتشكيلات الطائفية الجديدة في أتون المعارك الدائرة؛ فقد تزايد اعتماد النظام على الميلشيات الإيرانية التي تكبدت خسائر فادحة خلال الأسابيع الأربعة الماضية، ويبدو أن خطة استعادة حلب التي خطط لها اللواء قاسم سليماني قد تلاشت بالكامل نظراً لعدم ثقة قائد فيلق القدس بضباط النظام السوري، واعتقاده أن الهزيمة التي لحقت بقواته في معركة "دير العدس" كانت نتيجة انحياز لواء سوري للمعارضة، وكذلك الحال بالنسبة لتفجير العقبة بحلب (13 أبريل) والذي كان يقف خلفه ضابط سوري منشق.
وعلى الصعيد نفسه؛ تتنامى مشاعر السخط في صفوف "حزب الله" بعد مقتل نحو 40 من عناصرهم في معركة الزبداني (12 أبريل) والتي أسفرت عن سيطرة المعارضة على حاجزين عسكريين واستيلائهم على دبابات وعربات عسكرية وأسلحة وذخائر وصواريخ من طراز "كونكورس" المضادة للدروع.
ويتردد الحديث في صفوف الحرس الثوري الإيراني عن تورط ضباط النظام في بيع الأسلحة والذخيرة للمعارضة وتواطؤ بعضهم مع المعارضة لوقف القتال فيما بينهم والزج بالميلشيات الإيرانية في مواجهات غير متكافئة، ويؤكد تقرير مجموعة الأزمات الدولية أن إيران و"حزب الله" أصبحوا يعتبرون بشار عبئاً ثقيلاً، خاصة وأن قواته تقف عاجزة إزاء المعارك الدائرة بحي جوبر على بعد نصف كيلو متر عن ساحة العباسيين في قلب العاصمة دمشق وتلك التي كانت تدور في حي اليرموك على بعد ثماني كيلو مترات ونصف كيلو عن القصر الرئاسي دون أن يتدخل النظام لحسمها.
وتدفع حالة انعدام الثقة بكتائب "حزب الله" لفرض ترتيباتها الأمنية دون تنسيق مع جيش النظام وذلك بهدف حماية أنفسهم وتقليل حجم الخسائر التي وقعت في صفوفهم خلال الأسابيع الماضية، فقد قام عناصر الحزب بفرض طوق أمني حول عدد من أحياء دمشق القديمة ونشروا كاميرات مراقبة وأزالوا "بسطات" الباعة المتجولين بالقرب من سوق الحميدية وأغلقوا جميع الطرق المؤدية إلى حي باب توما وحي القيميرية، إضافة إلى أحياء الجورة والأمين والشاغور التي أصبحت تسمى: "مربع حزب الله الأمني".
وأشارت وكالة "آكي" الإيطالية إلى أن مقاتلي "حزب الله" وعناصر الحرس الثوري الإيراني قد انسحبوا من معظم الجبهات السورية وانكفئوا إلى مراكز في دمشق ومحيطها وكذلك في القلمون وفي مناطق شمال غرب دمشق قريباً من الحدود مع لبنان، وذلك نتيجة لعدم جدوى الانتشار في المناطق المشتعلة، إضافة إلى الخسائر البشرية الفادحة التي مُنيت بها هذه الميلشيات.
تحولات الميزان العسكري:
تشير التطورات في الجبهات الشمالية والجنوبية إلى تحول الميزان العسكري لصالح المعارضة، حيث شهدت معادلة الصراع تحولات جذرية تمثلت فيما يلي:
1- انهيار الخطة العسكرية التي أعدها قاسم سليماني وانكفاء قواته في دمشق ومحيطها.
2- انتهاء معادلة: "سيطرة النظام على المدن مقابل سيطرة المعارضة على الريف" حيث بدأت المدن تتهاوى أمام تقدم المعارضة.
3- تحول الإستراتيجية العسكرية للنظام إلى نمط دفاعي وفقدان عنصر المبادرة.
4- لجوء قوات النظام إلى تنفيذ عمليات انسحاب كيفي من مواقع إستراتيجية.
5- فشل سياسة التجنيد الطائفي إثر هزائم "الدفاع الشعبي" و"حزب الله" السوري.
6- عدم فاعلية سلاح الجو في تأمين المدن أو وقف تقدم المعارضة في جبهات حوران وإدلب وحلب.
7- ضعف الكفاءة القتالية للميلشيات التابعة لإيران جراء التطورات الإقليمية.
8- تفكك التشكيلات العسكرية التقليدية للنظام مقابل توحيد فصائل المعارضة واعتمادها تكتيكات قتالية متطورة.
وتشير مصادر عسكرية غربية إلى أن المعارضة قد حققت اختراقات غير مسبوقة في حروب المدن من خلال المواكبة ما بين العمليات النوعية ضد الدفاعات الخارجية، والقصف الصاروخي عالي الدقة لاستهداف نقاط الأمن الداخلية بالاعتماد على صواريخ (TOW) المتطورة.
وفي تطورين ملفتين للانتباه؛ نجحت كتائب المعارضة في استخدام الأسلحة الثقيلة كالمدفعية والدبابات والمضادات الأرضية ومدافع الهاون في عمليات اجتياح مدينتي إدلب وبصرى الشام، كما أضافت إلى سجل إنجازاتها اعتماد تقنيات متطورة في استخدام سلاح الإشارة والتشويش على نظم اتصال العدو.
والحقيقة هي أن مكاسب المعارضة في معركة إدلب (28 مارس) لا تقف عند بسط السيطرة على المدينة؛ بل تمتد أبعد من ذلك لتشمل سيطرتها على "حندرات" وعلى معمل الأدوية بالقرب من كتيبة الدفاع الجوي، وإخضاع مناطق استراتيجية في ريف اللاذقية أبرزها: "كتف الجلطة" و"تلة الشيخ محمد" باتجاه قمة "النبي يونس".
وكذلك الحال بالنسبة للجبهة الجنوبية الشرقية التي تشكل فيها "جيش الفتح" من 12 فصيلاً معارضاً يضم نحو 20 ألف مقاتل، وتم اجتياح مدينة بصرى الشام (25 مارس) من ثلاث جهات بعد تنفيذ عمليات نوعية استهدفت الدفاعات الخارجية للمدينة، والقصف الصاروخي على المقار الأمنية في الداخل، وأسفرت المعركة عن مقتل نحو أربعين عنصراً من قوات النظام والضابط الإيراني علي هاشميان وقائد ميلشيات "اللجان الشعبية"، وفرار من تبقى منهم باتجاه السويداء، وعمت حالة الهلع في معبر نصيب الحدودي مما دفع بعناصر النظام للانسحاب دون قتال، تبعها سقوط حاجز قرية "برد" العسكري الذي يفصل بين محافظتي درعا والسويداء، وقرية "جدية"، وكتيبة المدفعية المجاورة لها والتي تقع على خط المواجهة مع قوات النظام المتمركزة في مدينة الصنمين.
وترددت أصداء تلك الانتصارات في مدينة ودمشق وريفها؛ حيث حققت كتائب المعارضة تقدماً ملحوظاً على أطراف حي جوبر من جهة المتحلق الجنوبي، وتمكنوا من السيطرة على عدد من المواقع بالغوطة الشرقية وتدمير نقطة للنظام في بلدة المليحة (10 أبريل) كان النظام يتخذها منصة لإطلاق الصواريخ.
أما في مدينة درعا فيسود الارتباك بين عناصر الشبيحة إثر انسحاب الجيش النظام واقتراب المعارضة منها، وكذلك الحال بالنسبة لمدينة حلب التي تشهد انسحاباً للنظام من بعض مواقعه إثر تفجير السبع بحرات ومبنى فرع المخابرات الجوية بجمعية الزهراء (13 أبريل).
وانعكس غياب الحرس الثوري الإيراني بصورة إيجابية على كتائب المعارضة التي فتحت ثمان جبهات في وقت واحد مستفيدة من تراجع قوات النظام.
وتتزامن تطورات المشهد العسكري في سوريا مع تحولات المعادلة الأمنية التي أحدثتها "عاصفة الحزم" على الصعيد الإقليمي؛ حيث نجحت المملكة العربية السعودية في تحقيق إنجازات عسكرية بغطاء أممي وتمكنت من استعادة بعض التوازن الإقليمي.
وتتحدث المصادر عن توافقات إقليمية تتزعمها الرياض وأنقرة لدعم المعارضة السورية بطريقة يمكن أن تفضي إلى نتائج ملموسة على الأرض، والعمل على توفير غطاء جوي لكتائب المعارضة بهدف الإطاحة ببشار أسد.

وتأتي تلك التطورات في ظل تزايد الإدراك الإقليمي بضرورة تأمين قوات عربية في المرحلة الانتقالية ريثما تتمكن القوى المحلية الفاعلة من بناء جيش وطني وصياغة نظام أمني وإطلاق مسيرة سياسية تحقق الأمن والاستقرار.
ولعل الصيغة الأمثل لحسم الصراع تكمن في الاستهداف المعلن والصريح لرؤوس الفتنة في سوريا كما يحصل في اليمن... وستمثل هذه الخطوة عنصر الحسم في سوريا إذا بلغتها رياح الحزم.

 

 

 

 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع