ثائر الفارس
تصدير المادة
المشاهدات : 4159
شـــــارك المادة
أربعة أعوام مرت على الثورة السورية والشعب السوري في انتفاضته ضد طغيانٍ جثم على صدره أكثر من 45 سنة، هي سنوات حكم البعث شكلياً والطائفية الدموية على الحقيقة على يد حافظ الأسد ثم ابنه الوريث القاصر بشار من بعده. كان فيها الابن سر أبيه في الإجرام والقتل وسفك الدماء، فها هي مجزرة حماة الكبرى عام 1982م على يد الأب تُتوارث وتتكرر على يد الابن في كبريات المدن السورية وأريافها من درعا إلى حمص وحلب ودير الزور وإدلب وغيرها. من الأحداث الأخيرة في هذه الثورة، والتي اعتبرها البعض تحولا هاماً -سلباً أو إيجاباً- ما كان من تهديد جيش الإسلام ( أحد الفصائل الثورية الأصيلة في الثورة السورية ويتخذ من الغوطة الشرقية بريف دمشق قاعدة له) للنظام بقصف مواقعه في قلب العاصمة دمشق، ثم تنفيذه لذلك التهديد خلال أيام متوالية بعد توجيهه إنذاراً للمدنيين في دمشق يحظر فيه تجولهم خلال القصف. ثمة مواقف مختلفة من هذه الصواريخ، ربما يصعب استقراؤها جميعها، لكن خلفيات البعض كانت غالباً عاملاً حاسماً في تحديد الموقف النهائي منها.
لعلنا نستعرض بعض المواقف التي يمكن أن تكون ذات معنى ومغزى: * المعارضة المزيفة الموالية للأسد ممثلة في هيئة التنسيق وأشباهها من الأحزاب الكرتونية المصطنعة أدانتها بنفس لهجة وأسلوب النظام بل وحتى عباراته وحروفه. * المعارضة الثورية الرسمية ممثلة في الائتلاف الوطني كان موقفها متراوحا بين السكوت والتأييد، كما صرح للجزيرة عضو الائتلاف محمد خير الوزير. * بعض الأصوات الثورية القليلة التي تتبنى موقفا مسبقا من جيش الإسلام على ضوء اتهامه بأمور لم تثبت صحتها بالمرة، مثل اتهامه بالمسؤولية عن اختطاف الناشطة رزان زيتونة، حيث انتقدت هذه الصواريخ وحاولت البحث عن أسباب لإدانتها، مثل الحديث عن عبثية هذه الصواريخ وضعف مردودها ودقتها، وأنها جرّت على أهلنا في الغوطة الشرقية ويلات ومجازر، أو أنها كانت سببا في إصابة مدنيين في قلب دمشق بغض النظر عن صحة هذا. * فريق ذو هوى داعشي –بعضهم كان في يوم من الأيام مناصراً لداعش بشكل مباشر أو غير مباشر لا يترك فرصة إلا دافع فيها عن داعش وبرر أفعالها ومجّد ما يعتبره انتصارات لها- ولا يجرؤ (خاصة مؤخراً) على التصريح بمناصرته لهذا التنظيم المجرم في حق الثورة وأهلها يرى في كل سلوكيات قائد جيش الإسلام، زهران علوش ما، لا يعجبه ويفسرها على هذا الأساس، في حين يسكت عن أو يبرر كل سلوكيات داعش ويجد لها المسوغات. * المؤيدون والداعمون لهذا القصف إجمالا، ولا شك في أن نسبتهم كبيرة ومعتبرة، ويشمل هذا جميع أو أغلب الفصائل الثورية المقاتلة على الأرض ونسبة كبيرة لا يمكن تحديدها بدقة من الحاضنة الشعبية للثوار في المناطق المحررة والمحاصرة، وهؤلاء لا يرونها صواريخ جيش الإسلام أو زهران علوش بقدر ما يرونها صواريخ الثورة ورداً على النظام. * المؤيدون مع بعض التحفظ والتحرز: برأيي الموقف الصحيح -والله أعلم وأحكم- من هذا العمل العسكري الثوري يجب أن يأخذ بعين الاعتبار عدة أمور: 1- الحصار المطبق الذي تعيشه الغوطة الشرقية التي يسكنها مئات الآلاف هو مأساة إنسانية كارثية بكل المقاييس، حيث يمنع النظام عن أهل الغوطة كل مقومات الحياة من ماء ودواء وغذاء. 2- القصف المتواصل بالبراميل المتفجرة والصواريخ التكتيكية شديدة التدمير، وما ينتج عن هذا من مجازر دموية آخرها كانت مجزرة مروعة سقط ضحيتها العشرات في دوما قبل إعلان جيش الإسلام عن اعتزامه قصف دمشق بيوم واحد. 3-التصعيد العسكري الذي يشنه النظام ضد المدنيين، حيث شهد شهر يناير وحده ارتكاب النظام لستة عشر مجزرة (العديد منها كان في دوما) واستمراره في شهر فبراير الذي يستحضر فيه الابن مجازر أبيه التي ارتكبها في الشهر نفسه. 4- الحملة التي شنها جيش الإسلام على داعش والمفسدين والعملاء في الغوطة الشرقية وقطعه للكثير من أذرع النظام هناك. 5-مدى قدرة جيش الإسلام على الردع والاستمرار الفعال بالقصف، وهي معلومات لا شك سرية تحتفظ بها قيادة جيش الإسلام. 6-مدى قدرة جيش الإسلام على تحييد المدنيين في قلب دمشق من خلال التحري أكثر في دقة أهدافه، لتشمل مواقع النظام العسكرية الكثيرة وتجمعات جنوده وشبيحته ومبانيه السيادية، وفقط. 7-التحذير الذي وجهه جيش الإسلام للمدنيين والدبلوماسيين والطلاب من الاقتراب من مواقع النظام العسكرية والأمنية وعدم التجول خلال موجة القصف، التي يتم الإعلان عن بدئها ونهايتها. 8-مدى قدرة جيش الإسلام على حصاد نتائج إيجابية لهذا القصف من خلال ردع النظام وتقليل قصفه للغوطة والضغط عليه لتخفيف الحصار وإدخال المساعدات والحاجات الإنسانية الأساسية، وهي مطالب مشروعة ويوجد حديث عن تفويض جيش الإسلام للائتلاف وغيره بخصوصها. 9- إدراك قدرة النظام على الخداع واستغلال هذا القصف لتشويه صورة الثوار من خلال قصفه بنفسه لمواقع مدنية في داخل دمشق وإلصاق التهمة بالثوار. 10- إدراك قدرة النظام على إخفاء خسائره في قلب دمشق والتعمية على نتائج القصف وعدم القدرة على تصوير وتوثيق هذه الأضرار. 11-محاولات النظام الدؤوبة لاقتحام الغوطة من عدة محاور، وآخرها محور مخيم الوافدين في مدينة دوما. 12-إدراك عدم اقتصار القصف بالصواريخ على دمشق، وإنما شموله عقر دار النظام في الساحل بشكل متزامن لزيادة الضغط على النظام. 13- الأثر الاقتصادي الذي بدا جلياً بهبوط سعر صرف الليرة لمستويات غير مسبوقة. 14-قصف دمشق ومربعها الأمني ومواقع أخرى بداخلها حصل من قبل وبشكل متقطع من جيش الإسلام وفصائل أخرى، والجديد هو الحديث عن قصف مركز ومتواصل بشكل مكثف. 15-إدراك شدة خطر مواقع النظام في قلب دمشق وأهميتها لدعم بقائه واستمرار تنفيذ خططه وخطط حلفائه العسكرية ضد الشعب السوري. أخيراً .. الثورة مستمرة باجتهاداتها وأخطائها وإصاباتها حتى إسقاط النظام، ولن نكون ممن يقول لثورته أوذينا من قبلك ومن بعدك لكن نستعين بالله ونصبر .. رحم الله شهداءنا وشفى جرحانا وسدد رمينا وعجل نصرنا.
العصر
عبد المنعم زين الدين
موقع فضيلة الشيخ محمد بن صالح المنجد
مجاهد مأمون ديرانية
أحمد أبازيد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة