حسين. ع
تصدير المادة
المشاهدات : 2864
شـــــارك المادة
النشاط الذي يقوم به نائب وزير خارجية روسيا ميخائيل بوغدانوف، يأتي، في معظمه، بالتنسيق مع واشنطن، وهو يهدف لاستكمال الحل السياسي في سورية بإقامة "مؤتمر موسكو"، ويكون مبنياً على مقررات "جنيف 1" و"جنيف 2 " ويكون بمثابة "جنيف 3". الحل الروسي يستعيد مبادرة، كما يقول بعض المسؤولين الأميركيين، قدمتها قطر وتركيا في الأسابيع الأولى للثورة وتقضي بمصالحة بين بشار الأسد ومعارضيه، يتخلى بموجبها عن بعض صلاحياتها، وربما يتحول إلى رئيس لحكومة وحدة وطنية. المسؤولون الأميركيون يقولون إن الأسد كلف في حينه نائبه فاروق الشرع بالتواصل مع معارضين في دمشق كخطوة أولى لحل سياسي، لكن طهران أوفدت أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، سعيد جليلي، الذي قال للأسد إن أي تنازل للمعارضة سيراه البعض كمؤشر ضعف، وسيدفع المعارضين إلى تقديم المزيد من الطلبات التي لن تتوقف قبل خروجه نهائياً من الحكم، على غرار ما حصل مع رئيس مصر السابق حسني مبارك. ووعد جليلي بالتزام إيران بالقضاء على المعارضة كلياً وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل اندلاع الثورة في مارس 2011، مثلما فعلت إيران بقضائها على "الثورة الخضراء". بعد ثلاث سنوات من المواجهات الدموية المسلحة، ضعف الأسد عسكرياً إلى الحد الذي صار فيه وجوده يعتمد بالكامل على إيران والميليشيات اللبنانية والعراقية الموالية لها. ومع أن طهران تعتقد أنه يمكنها القضاء التام على المجموعات المسلحة في سوريا، إلا أن موسكو صارت تعتقد أنه هدف لا يمكن تحقيقه، بل إن إطالة الحرب السورية يساهم في إعطاء فرصة أكبر للمعارضة المسلحة، وخصوصاً المتطرفة منها مثل تنظيم "الدولة الإسلامية" و"جبهة النصرة"، في تطوير قدراتها وشبكاتها المالية، وتسمح لها بالمزيد من التجنيد. لذا، ينقل المسؤولون الأميركيون عن نظرائهم الروس قولهم إن الهدف الوحيد في سوريا حالياً يجب أن يكون وقف القتال، وبدء الحوار المباشر بين نظام الأسد والمعارضة السورية المعتدلة لتشكيل حكومة انتقالية يكون هدفها الأول القضاء على التنظيمات المتطرفة مثل "داعش" و"النصرة"، وهو ما يتطلب عقد "مؤتمر موسكو". لكن مشاركة المعارضة في أي حكومة يتطلب بعض التنازلات من الأسد، كبيرة كانت أم صغيرة، وهو ما ترفضه تماماً طهران، وتحاول موسكو إقناع الأسد بضرورته لأن الحل على الطريقة الإيرانية غير مأمون العواقب. وفي الوقت الذي تتنافس فيه موسكو وطهران على رعاية الأسد ونظامه، يزداد الأمر تعقيداً مع قرار واشنطن تجنب إغضاب إيران في أي خطوة تقوم بها تجاه سوريا.
وعلى هذا، لم تبدأ أميركا حملتها الجوية ضد "داعش" و"النصرة" داخل سوريا، قبل إخطار النظام بشكل غير مباشر، حتى يطفئ أجهزة دفاعه الجوية ويسمح للمقاتلات الأميركية بالإغارة على هواها، بل إن نظام الأسد كال المديح للحملة الأميركية. وقبل أسابيع، أرسل وزير الدفاع الأميركي المستقيل، تشاك هيغل، بريداً إلكترونياً إلى مستشارة الأمن القومي، سوزان رايس، تساءل فيه عن موقف المقاتلات الأميركية حال هجوم قوات الأسد على المعارضة، التي تنوي واشنطن تدريبها وتأمين الغطاء الجوي لقتالها ضد "داعش" و"النصرة": "إن حصلت مواجهة بين قوات المعارضة حليفتنا وقوات الأسد، هل نقدم الدعم الجوي للثوار ضد الأسد كما نقدم لهم ضد داعش؟" تساءل هيغل، ليأتيه الجواب من الرئيس باراك أوباما بالطرد. إذاً، لا عداء لأمريكا ضد الأسد، والموقف الوحيد المطالب بتنحيه كان نزولاً عند رغبة حلفاء أميركا، العرب والترك. لكن الموقف الأميركي ضد الأسد لا يعني أن أوباما ينوي القيام بأي ما من شأنه الإطاحة ببشار الأسد، وهو ما يعني أن لموسكو حرية إقناع المعارضة بدخول تسوية مع الأسد تفضي إلى مواجهة الاثنين ضد "داعش" و"النصرة". مشكلة أخرى تكمن في محاولة روسيا إبقاء الدول العربية، كما إيران، خارج أي حل، فيما ترى أميركا أنها مجبرة على أخذ رأي حلفائها بعين الاعتبار. ربما يرضى الحلفاء العرب بتنازلات يقدمها الأسد ولا ترضى إيران، وقتذاك يتحول الروس إلى راعين للأسد ونظامه، ويمكن أن يؤدي إخراج إيران من المعادلة إلى وقف المواجهة المسلحة. على أن المشكلة الأكبر التي قد تواجه "مؤتمر موسكو"، حال انعقاده، هي سلسلة الانتصارات التي حققتها مؤخراً "النصرة" ضد المعارضة المعتدلة والأسد، فإذا ما أصبحت سوريا تحت سيطرة الأسد و"داعش" و"النصرة"، يصبح "مؤتمر موسكو" بلا فائدة، إذ يصعب تطبيق قراراته بغياب مؤثرين من الثلاثة الكبار. لكن يبدو أن روسيا تأمل في أن تستغل عداء أميركا لـ"داعش" و"النصرة" لمحاصرة هاتين المجموعتين مالياً وسياسياً وعسكرياً، ما يسمح لجبهة مؤلفة من نظام الأسد والمعارضة المعتدلة بالقضاء عليهما. غير أن أمريكا، كما المعارضة السورية المعتدلة، تشترطان خروجاً، أو شبه خروج للأسد من الحكم مقابل بقاء نظامه وتنفيذ السيناريو الروسي، فيما يبدو أن موسكو تثق بمهارة دبلوماسيتها إلى درجة يمكنها تمييع هذه الخلافات الجوهرية وطمسها. الأميركيون لا يعتقدون أن الروس سينجحون في مساعيهم، وأن مفتاح الحل السوري أصبح بيد إيران منذ فترة. لكنَ مؤتمراً في موسكو حول الأزمة السورية من شأنه أن يظهر أمريكا وكأنها مازالت تهتم بإنهاء الأزمة. الشكل عند الأميركيين اليوم أهم من المضمون، ويبدو الأمر كذلك عند الروس الذين يعتقدون أن عقد مؤتمر في موسكو من شأنه تقديم روسيا وكأنها قوة عالمية فاعلة. وحدها طهران تحارب كثيراً في سوريا وتتكلم قليلاً عنها.
العصر
سالم الكتبي
جمال سلطان
ماجد كيالي
أكرم البني
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة