بولنت أرانديتش
تصدير المادة
المشاهدات : 3179
شـــــارك المادة
إنّنا مقبلون على الذكرى المئويّة للحرب العالمية الأولى في العام القادم، كما أنّنا سنعيش الذكرى المئويّة للانتصار الذي حقّقناه في معركة "تشاناق قلعة"، إضافة إلى أن العام 2015 سيكون بمثابة الذكرى المئويّة للمخطّطات والمؤامرات الخارجيّة التي عُرفت باسم المسألة الشّرقية والتي كانت تهدف إلى إسقاط الدّولة العثمانية.
أمّا في العام 2016، فإنّنا سنكون على موعد مع الذكرى المئوية لبدء تآكل الدّولة العثمانية وتنفيذ مخطّط تقسيم الشّرق الأوسط المعروف باتّفاقيّة "سايكس بيكو".
وعندما نجد أنّ الدّول التي كانت تحيك المؤامرات ضدّ الدّولة العثمانية، هي نفسها التي تدبّر المؤامرات ضدّ الدّولة التركية اليوم، عندها إذاً يجب علينا إعادة قراءة تلك الأحداث بكل دقّةٍ وإمعان.
وربّما بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها منطقة الشّرق الأوسط، لم يبقَ أحدٌ إلّا وقد علم أو سمع باتّفاقيّة سايكس بيكو.
وكان الهدف الرئيسي لهذا الاتّفاقيّة هو تقاسم تركات الدّولة العثمانية في المنطقة بعد الحرب بين الإنكليز والفرنسيّين. ولهذا السّبب بدأت المحادثات بين هاتين الدّولتين في تشرين الثّاني/ نوفمبر من العام 1915 واستمرت حتى 16 أيار/ مايو عام 1916، حيث تمّ التّوقيع على الصّيغة النّهائية لهذه الاتّفاقية.
وبحلول الذكرى المئوية لهذه الاتّفاقية عام 2016، ستكون بعض المفاجآت بانتظارنا.
فلا أحد يستغرب إن وجدنا أنّ سوريا والعراق قد تمّ تقسيمهما. كذلك لا يستبعد إعلان الدّولة الفلسطينية والكردية في منطقة الشّرق الأوسط، بالإضافة إلى محو الأردن ولبنان من خارطة المنطقة وتقسيم القارة الأفريقية إلى دويلات صغيرة.
وإن لم نتمعّن في البحث عن أسباب استيلاء الإنكليز على الموصل وكركوك واختيارهم لتراب فلسطين من أجل إقامة دولة اسرائيل عليه بموجب هذه الاتّفاقيّة، فإنّنا لن نستطيع أن نقوم بتحليل صحيحٍ لما حصل خلال المئة عام الفائتة.
لا شكّ أنّ المشكلة الكبرى تتمثّل في وجود الثّروة النفطية في هذه المناطق. فالإنكليز يومها كانوا يحاولون بكل قوّةٍ الاستيلاء على المناطق الغنيّة بالبترول. وفي هذا الصّدد يجب أن لا ننسى أن الإنكليز علموا بمنابع البترول من خلال الخرائط التي رسمها السّلطان عبد الحميد آنذاك. فهذه الاتّفاقية كانت السبب الرئيسي في استمرار نزيف الدّم في منطقة الشّرق الأوسط حتّى يومنا هذا.
الدّول الإمبريالية وكأنّها لن تنام ولن تخرج هذه المنطقة من بالها. وكما يبدو أنّهم يعملون لإطالة مفعول هذه الاتّفاقية لسنوات طويلة ولكن بشكل وصيغةٍ جديدة.
لذلك يجب علينا أن نلتفّ حول تركيا الجديدة التي تهدف إلى كسر الغلال التي فرضتها الدّول الإمبريالية على شعوب المنطقة برمّتها.
سنكسر الأغلال:
في التّاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1989 تمّ هدم جدار برلين الذي كان يفصل بين الألمانيّتين الشّرقية والغربية. وفي الذكرى الخامسة والعشرين لهذه المناسبة، أقيمت عدة فعاليّاتٍ احتفالاً بها.
الجمهورية التركية التي نشأت من أنقاض الدّولة العثمانيّة، تكسر كل جدرانها الآن، وتخلع عن قدميها تلك الأغلال التي أعاقت مسيرة تطوّرها عبر سنين طويلة.
فالدّولة التركية كانت بعيدةً عن التّطوّرات العالمية التي حدثت بعد تحطيم جدار برلين. حيث كانت منشغلةّ في حربها ضدّ تنظيم (PKK) الإرهابي المدعوم من قبل الدّول الإمبرياليّة. وقد عانينا كثيراً من الدّعم اللوجستي الذي قدّمه دكتاتور الشام آنذاك (حافظ الأسد) لهذا التنظيم من أجل إعاقة بناء سد أتاتورك الكبير.
ناهيك عن التّحالفات والسّلطات الضّعيفة والخلافات العميقة التي أدّت إلى انكماشنا وانشغالنا بالمشاكل الدّاخليّة وعدم الاستطاعة للنّظر إلى ما يجري من حولنا في العالم.
أمّا اليوم، فإنّنا نجد أن تركيا الجديدة تكسر الأغلال المضروبة على ساقيها منذ عصور. فالرئيس رجب طيب أردوغان ومعه رئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو، يسعيان بكل عزمٍ وإصرار على إنهاء أزمة الأكراد والعلويّين التي شغلت القيادات التركية منذ سنين طويلة.
النتيجة:
إنّ تركيا الجديدة ستسجّل إسمها بأحرف من ذهب على صفحات التّاريخ بحلول عام 2023. فحتّى الأمس القريب، كانت القوى العظمى العالمية المتمثّلة بالولايات المتّحدة الأمريكية وفرنسا وإنكلترا، بالإضافة إلى ألمانيا وروسيا، في القرن العشرين تتحكّم في العالم كيفما شاءت.
لكنّ القرن الواحد والعشرين سيكون مختلفاً، حيث يضاف خمسة دولٍ جديدة من حيث العظمة إلى جانب تلك الدّول الخمسة وهي ( الصين – تركيا – البرازيل – الهند - المكسيك).
ترك برس
برهان غليون
عبد النور عنتر
عادل سليمان
داود البصري
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة