مجاهد مأمون ديرانية
تصدير المادة
المشاهدات : 4178
شـــــارك المادة
الصدام الأخير بين جبهة النصرة وجبهة ثوار سوريا أكبرُ من مجرد نزاع محلي محدود، وهو يقرع أجراس الخطر ويستدعي العلاجَ الشامل على مستوى الجذور، لكيلا تشهد المناطقُ المحرَّرة في سوريا -في المستقبل- حوادثَ اقتتال دامية على الطريقة الأفغانية والصومالية لا قدّر الله. هذه بعض الملاحظات بين يدي المشكلة.
-1-
لحلّ المشكلة مساران مهمّان:
خطة فورية لإنهاء واحتواء الأزمة الحالية، وخطة لمعالجة أسبابها الحقيقية، لمنع تكرارها بين طرفَي النزاع، وللوقاية من مشكلات مشابهة قد تنشأ في المستقبل بين فصائل أخرى غيرهما لو بقيت الأسباب بلا علاج.
-2-
يتكون الحل العاجل من شقين:
الأول هو انتشار "قوة الصلح" في مناطق النزاع وحصر قوات الطرفين المتنازعَين في مواقع محدّدة، فإن هذه القوة (التي تكونت من فصائل معروفة موثوقة) هي الآن الجهة المحايدة الوحيدة القادرة على حل النزاع في الوقت الراهن.
-3-
الشق الثاني من الحل العاجل هو الفصل في الخلاف أمام محكمة مستقلة، ولكي تكون المحكمة مستقلة فإنها يجب أن تشكَّل بإشراف الطرف الثالث (الفصائل التي كوّنت قوة الصلح) ويمكن أن تستعين بحكمَين يختار كلُّ طرف من طرفَي النزاع واحداً منهما.
-4-
ليس من العدل أن تطالب جبهة النصرة بمثول قائد ثوار سوريا أمام المحكمة دون مثول قائد النصرة أمام المحكمة ذاتها، فإنهما -في نظر الشرع والقانون- خصمان متكافئان لهما الحق بالدفاع عن نفسَيهما قبل صدور الحكم. ولا يجوز أن تستأثر النصرة باختيار قاض محسوب عليها، فضلاً عن أنه لا يملك مؤهلات القضاء وقد ارتكب طوامّ لا تُغتفَر في تحكيمه بين داعش وبعض فصائل الجيش الحر فيما مضى.
-5-
ريثما يتم تشكيل المحكمة والفصل في الخلاف يُطالَب الطرفان بالامتثال الفوري لمبادرة "ولا تنازعوا" التي أطلقها عدد من العلماء والأعيان،
وتضمّنت خطوات تنفيذية عملية معجَّلة لنزع فتيل الصدام:
-6-
الحل العاجل من شأنه أن ينهي النزاع الحالي، ولكنه لن يحول دون تكراره ما لم يلتزم طرفا المشكلة (ومعهما سائر الفصائل في إدلب وفي جميع مناطق سوريا) باحترام القانون والاتفاق على مجموعة من "المحرَّمات الثورية الكبرى" التي لا يجوز ارتكابها بأي حال، وتتضمن:
-7-
أخيراً فإن من المفيد الاعتراف بأن الصراع القائم بين الطرفين هو صراع على الأرض والنفوذ وليس على المبادئ، وهما جماعتان من المسلمين لا يصحّ أن يوصَف أي منهما بالكفر والردة والعلمانية والعمالة، لذلك فإننا نرفض توظيف أي من الطرفين للدين في نزاعه مع الطرف الآخر، ونستنكر بشدّة تكفيرَ أي منهما للآخر.
كما أننا نطالب الطرفين بتحديد موقفهما من المشروع الوطني السوري:
جبهة ثوار سوريا المتّهَمة بأنها أداة مرهونة لقوى خارجية ذات أجندات مشبوهة معادية للثورة، وجبهة النصرة التي أعلنت سابقاً عن ارتباطها بمشروع جهادي عالمي أممي مستقل عن الطموحات المحلية للثورة السورية.
* * *
ولا يسعنا -ختاماً- إلا أن نجهر باستغرابنا من توجيه القتال إلى جبل الزاويه، وهو من أوائل المناطق المحررة في سوريا، وتجاهل حلب المهدَّدة بالحصار والسقوط.
ولعل جبهة النصرة ستقول إنها تسعى إلى تحرير المنطقة من سيطرة "عصابات المازوت"، وهو الوصف الذي تطلقه على جبهة ثوار سوريا، وقد يكون صحيحاً، ولكن سرقة بعض براميل النفط أهون بكثير من سرقة حقول نفط كاملة، وإفساد كتائب الجيش الحر -مهما بلغ- لا يعدل عُشر معشار إفساد داعش وخطرها على الثورة، فإذا كانت النصرة جادّةً في تعقب المفسدين واللصوص فإننا نطالبها بقتال داعش التي سرقت نصف مناطقنا المحررة ولم تسرق بضعَ قرى في جبل الزاوية فحسب، واستولت على مخزون سوريا النفطي بأكمله ولم تكتفِ بتهريب بعض صهاريج المازوت.
كما أننا نتساءل:
إذا كانت القاعدة قد أعلنت الحرب على أمريكا والغرب، بل وعلى الأنظمة الحاكمة في معظم الدول العربية والإسلامية أيضاً، وإذا كانت النصرة لم تقطع صلتها المعلَنة بالقاعدة حتى الآن، فهل من مصلحة سوريا أن تسيطر النصرة على مساحات واسعة مكشوفة أمام طيران التحالف الدولي الذي استهدفها من أول أيام الحملة؟
ما مصير المدنيين والثوار في تلك المناطق؟
مَن سيكون الخاسر الأكبر في هذه المواجهة غير المتكافئة بين الطرفين؟
الزلزال السوري
أبو جليبيب الرهاوي
أبو عزام الأنصاري
أبو بصير الطرطوسي
محمد صقر
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة