..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

حد الرجم "بين عبث السفهاء وتلبيس الخبثاء"

حمود علي العمري

٢٧ ٢٠١٤ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3533

حد الرجم
بن علي العمري 000.jpeg

شـــــارك المادة

هذه بعض الوقفات مع حادثة رجم داعش للمرأة التي يقولون إنها زنت، وما تبع ذلك من ردود أفعال متباينة مؤيدة لهم أو معارضة فأقول:

أولاً: إن التشوف إلى إقامة الحدود عامة وحد الزنا خاصة مخالف لأصول الشريعة ومقاصدها، فإن الحدود من أواخر الأحكام التي استقرت في الشريعة بعد مرورها بعدة مراحل.

 


فالخمر تحريمه كان على أربع مراحل، والحد عليه في آخر مراحله، والزنا مر بثلاث مراحل في حده، فهذا يدل على أنه ينبغي تهيئة مجتمع الحدود قبل إقامتها، لقد سلكت الشريعة في الحدود سياسة عظيمة لا يفقهها كثير من الناس، فهي تُدرأ بالشبهات ، وهي توقف في بعض الظروف كالمجاعة والحروب والفتن، فلا قطع على الجائع ولا حد بين الصفين، ولا تضمين على متلفات الفتنة ولا قصاص في الهوشات، إلى غير ذلك من خصائص الحدود.
وعلى أن لأحكام الحدود خصوصية من بين الأحكام الشرعية، فلا تقبل فيه شهادة النساء ويقبل النكول فيه بعد الإقرار، وغير ذلك، فإن لحد الزنا خصوصية أكثر من غيره، فشروط ثبوته من أشد الشروط، فلا يثبت إلا بشهادة أربعة شهود رجال عدول، تتطابق شهادتهم ولا تختلف، يصفونه بصريحه لا بكنايته ، ولا شبهة له في فعله، أو بإقراره أربع مرات وهو في عقله ووعيه، مع استحباب تلقينه حجته، وقبول نكوله حتى في أثناء إقامة الحد حتى ولو كان نكوله بالهروب، فقد أنكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- على الصحابة لما أخبروه بهروب ماعز لما أذلقته الحجارة فلحقوه حتى أدركوه وأتموا رجمه في الحرة.
فقال:لو تركتموه فيتوب فيتوب الله عليه مع ما فعله -صلى الله عليه وسلم- معه حين أقر بالزنا، فقد انصرف عنه أربع مرات ولم يكلمه ولا يجيبه لعله ينصرف ويتوب فيتوب الله عليه، ويستتر بستر الله عليه، فلما أصر نظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في موانع الإقرار لعلها تمنع هذا الإقرار، فأمر أن يُستنكه فربما يكون إقراره في حالة سكر فيدفع عنه الحد، فلما لم يجد مناصاً من ثبوت إقراره على نفسه بما يوجب الحد عليه أخذه بهذا الإقرار المتكرر ليطهره بالحد حيث طلب ذلك وأصر عليه ثم لما أراد أن يرجع عن هذا الإقرار ولو بغير النص والنطق الصريح بل بالفعل وهو الهروب حين حس ألم التنفيذ، أراد أن يقبل منه ذلك النكول ويتركه لعفو الله وتوبته بينه وبين الله فهذه حقوق الله وليست حقوق الخلق، وقل مثل ذلك في المرأة التي طلبت من رسول الله أن يطهرها بإقامة حد الرجم عليها بعد أن أقرت بوقوعها في الزنا، فانصرف -صلى الله عليه وسلم- وفعل معها قريباً مما فعل مع ماعز، فقالت كأنك تريد أن تردني كما رددت ما عزاً، والله إنها زنت وإنها حبلى من الزنا، فردها -صلى الله عليه وسلم- حتى تضع فلا يقام الحد عليها والجنين في بطنها، فلما وضعت أتت فردّها حتى ترضعه فأتت بعد أن أتمت له الرضاعة وهي مصرة على طلب التطهير وهو -صلى الله عليه وسلم- في كل هذه المدة لا يطلبها ولا يسأل عنها ولا يجعل عليها رقابة أو يأخذ عليها كفيلاً بإحضارها، بل هي التي تحضر بنفسها.  
وكذلك في حديث العسيف الذي زنا بامرأة الرجل فقد ثبت في حقها الزنا وتصالحوا على ما ذكر في قصة الحديث بحضور زوجها وإقراره عليها ومع ذلك قال رسول الله: واغدُ يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها، ولم يجعل إقرارها السابق وإقرار زوجها واشتهار ذلك كافياً لأخذها به.
كل ذلك يدل على عدم تشوف الشريعة لإقامة هذه الحدود، بل تشوفها لستر الناس ودرء هذا الحد خصوصاً وغيره من الحدود عموماً بأقل الشبهات، هذا في حال إقرارهم طواعية بلا طلب ولا إكراه ثم استمراره على هذا الإقرار بلا تراجع أو نكول حتى ولو كان سبب النكول هو ألم الرجم الذي أحسه.
كل هذا في إقامة حد الزنا حين يثبت بالإقرار، أما بغير الإقرار فقد شدد الشرع فيه جداً مالم يشدده في حد غيره فجعل شهود الزنا أربعة ولا يقبل أقل من هذا العدد مهما اجتمع لهم ومعهم من القرائن وجعلهم رجالاً فلا يقبل شهادة النساء في هذا الحكم، مهما كان صلاحهن وعدولاً فلو قُدح في عدالتهم ردت شهادتهم مهما كثر عددهم ، و يصفونهم عن رؤية ومشاهدة وصفاً دقيقاً منضبطاً لا شبهة فيه ولا تأويل ولا يقبل فيه شهادة الشيوع والاشتهار، ولا يقبل فيه الشهادة على الشهادة ولا يقبل فيه كتابة القاضي إلى القاضي كما يقبل في غيره من الحقوق.
كما يشترط تطابق شهادتهم مطابقة تامة لا اختلاف فيها، ويفرقهم القاضي عند الشهادة، ويكثر عليهم الأسئلة حتى يقطع بتطابق شهادتهم بلا شك، فلو تبين للقاضي تناقضهم ولو في بعضها رد شهادتهم ولم يقم الحد بها، ولا ترد شهادتهم فقط، بل هناك وعيد ينتظرهم إذا اختلت شهادتهم وهو حد القذف ، ثمانون جلدة لكل واحد منهم، وتفسيقهم ورد شهادتهم، كل ذلك من حرص الشريعة على الستر على الناس وتركهم تحت ستر الله وعفوه وعدم الإسراع إلى إشهار فاحشتهم وإشاعتها ولو كانت حقيقة في ذات الأمر.
إن هذه الإجراءات والتدابير المشددة التي اتخذتها الشريعة في إثبات هذه الفاحشة على أحد من المسلمين وإقامة حدها عليه، جعلت إقامة هذا الحد نادراً جداً في تاريخ الأمة وقرونها المتطاولة، وكل من أقيم عليه حد الزنا فإنما هو عن إقرار وليس بالبينة والشهود حتى قال شيخ الإسلام ابن تيمية:ولا أعلم أنه أقيم حد الزنا بالبينة والشهود، بل إنما يقام بالإقرار فهذه شهادة ابن تيمية على سبعة قرون قبله، قال الشيخ الشنقيطي ، وأنا أقول مثل ذلك فهذا التشديد في حد الزنا وفي ثبوته.
فدل ذلك على مقصد الشريعة في الستر على الناس، بل إنك لا تجد نصاً واحداً يُرغّب في تحمّل هذه الشهادة أو أدائها، بل العكس من ذلك...
فقد صح عنه رسول الله أنه قال (من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة)  ثم جعل حد القذف على من تقدم بهذه الشهادة إذا لم تكتمل شروط قبولها، كل ذلك حتى لا تتشوف نفوس الناس لتتبع عورات الناس وتحمل تلك الشهادة التي لم يجعل الشرع في تحملها أي فضل، كيف لا وهو الذي قال (من تتبع عورة مسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في جوف داره)

فهل نشك بعد هذا في وجوب الستر على الناس؟! لقد عزره الله بالجلد والتفسيق وإبطال شهادته وردها، حتى يتوب ويحسن ويقلع عن تتبع عورات المسلمين الذين هم تحت ستر الله تعالى كما بينه تعالى في سورة النور (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً....)
هذا في ما يتعلق بتأصيل مسألة عدم تشوف الشريعة لإقامة الحدود عموماً وحد الزنا خصوصاً، وما فعلته داعش يجعلنا نسأل عن عدة أمور مهمة جداً وإن خرج من يقول إن داعش نفت علاقتها بالمقطع، فأقول هذا لا يغير من الأمر شيئاً وذلك لأربعة أسباب:

أولاً: أن هذه الكتابة لا تختص بداعش ولا بغيرها، بل هي تأصيل لأمر شرعي يحتاجه كل مسلم، وإنما ذكرت داعش لأن المقطع نسب لها
فلن يختلف الأمر لو نسب لغيرها، أو حتى كان من صنع المخابرات ، فكل ذلك ممكن، لكن هناك من الناس من يتشوف لمثل هذا الفعل فوجب البيان
ثانياً: قد رأيت من مناصري داعش من اسفهل لهذا الفعل وطبل وأراد شرعنته، لولا عجزه وجهله، فأردت أن أبين لهم أن فرحهم بذلك نتيجة لجهلهم بالشرع.

ثالثاً: لا يمنع أن يخرج لنا في مستقبل الأيام من داعش أو من غيرهم من يفعل مثل هذا الفعل، فوجب البيان المسبق حتى لا يغتر أحد بهذا الفعل
رابعاً: رأيت بعض الكتاب الفجرة، استغل ذلك وجعله مطعناً على الحد الشرعي، فأردت التأصيل لهذا الحكم قبل الرد على زيغهم وردهم لحكم الله.
وهذه بعض الأسئلة لمن أخرج هذا المقطع (دعش أو غيرهم)
أولاً: أي صفة شرعية خولتكم بإقامة الحدود عموماً وهذا الحد الذي هو حق لله خصوصاً!؟
فإن كانوا من داعش، فهذا من لوازم الباطل الذي التزموه وهي بيعتهم المزعومة وخلافتهم الموهومة، وإن كان لغيرهم فهم أبعد، من امتلاك صفة شرعية لفعلهم.
ثانياً: أين ذكركم للخطوات الشرعية التي طبقتموها قبل تنفيذ هذا الحد، خصوصاً وقد كثر فيكم الجهل بأحكام العبادات عفواً عن أحكام الحدود ولوازمها؟.
فالناس لا تثق بمثل هذه المقاطع، مالم يكن معها تغطية شرعية علمية مقاصدية تحقق بها الحد الأدنى من الحكم الشرعي، أما مجرد الرجم فلا يُعجز أحداً، خصوصاً وقد جرب الناس حماقات كثيرة من داعش ومن غيرها، في تطبيق أحكام هي أيسر تصوراً وحكماً، مثل أحكام الردة عند داعش والقتل عليها ميدانياً، ومثل سب دين الكهرباء عند النصرة، إلى غير ذلك من مجازفات بعض الشباب. فأما توثيق تنفيذ الحكم فهو عليكم لا لكم، مع ستركم ما حقه الإظهار.
ثالثاً: ما التكييف الشرعي لتصوير إقامة هذا الحد مع حساسيته، وتصوير المرأة مع تحريم ذلك، والتعدي على حقها وحق أهلها وقرابتها وتصوير أبيها!؟
فهذا التصوير أذية للحي والميت بلا موجب شرعي ولا عقلي، فإن استدلوا على ذلك بقوله تعالى (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) فأقول: ليس هذا الاستدلال بغريب على من فعل هذه الفعلة من داعش أو من غيرها، فهذا والله من العبث بأدلة الشريعة، ففي الآية الأمر بأن يشهده طائفة من المؤمنين، ولم يقل يشهده العالم بأسره كبيرهم وصغيرهم ذكرهم وأنثاهم مسلمهم وكافرهم برهم وفاجرهم، فأين هذا في هذه الآية أو في غيرها!؟
إن الله لم يهدر كل حق للمحدود، فقد منع حتى من شتمه ولعنه، فكيف بفضحه على رؤوس الأشهاد، أليس له حق وحرمة وكرامة؟، فبأي حق أهدرتموها واستغللتموها، ولك أن تتصور ما ينتجه هذا المقطع من أثر على أمها وأخواتها وذريتها إن كان لها وهم يرون هذا المقطع بين الناس، يتناقلونه ويتحدثون به بينهم!؟
الحقيقة أنهم لم يرجموا هذه المرأة فقط، بل رجموا أسرتها وقرابتها برمتهم، ورجموا بفعلهم هذا الإسلام وأهله مع من رجمه، حتى يستثمروا به على حسابه.
لقد تعلق بهذا المقطع وفرح به مجموعة من ضعفاء العقول والعلم والبصيرة، وشعروا فيه بعزة جوفاء، بسبب عللهم النفسية واختلالاتهم العقلية.
إن هذا الفعل محرّم ومجرّم حتى ولو كان من فعله يتمتع بكامل صلاحياته الشرعية، فكيف وهم لا يملكون أي صلاحية شرعية ولا ولاية ولا شبه ولاية!؟
كيف يقام هذا الحد بهذه الطريقة الفجة، وبلا أي سند شرعي، ويصور وينشر في وقت جند فيه الغرب الصليبي كل مجند في أرضه وسماه للتجييش على الإسلام وعلى المسلمين، وعلى أحكام الشريعة، لتشويه صورته وصد الناس عن هذا الدين، ومما جند في هذه الحرب الإعلام الصهيوني والمتصهين بحرب لا هوادة فيها، فما وجد ولن يجد آلة لهذا الهدف الخبيث، مثل هذه المقاطع والحماقات التي أنتجتها العقول السقيمة، والأحلام السفيهة، فقد طاروا بها كل مطار.
لقد استغلت الحملة الصليبية مثل هذه المقاطع لاقتلاع كل نسبة تعاطف في شرق الأرض وغربها حتى من بعض المسلمين، مع هذه الشعوب المكلومة الجريحة، ولقد صورت الآلة الإعلامية الصليبية بالأصالة والوكالة، الضحية جلاداً والمقتول قاتلاً والمظلوم ظالماً، ثم بشروا رعاياهم بأن حربهم على هذه النوعيات التي لا تؤمن بإنسانية ولا حرية ولا عدالة، فأين ستجد تعاطفاً مع قضايا المستضعفين بعد ذلك!؟ فإن خرج من يقول:هذا خطاب المنهزمين المتخاذلين، ولسنا بحاجة تعاطف من أحد ، فقد أعزنا بالإسلام والجهاد، ولا يشعر بالضعف إلا ضعيف، فأقول له:ربما تكون صادقاً في شعورك وعزتك بعملك.
لكن هذا لا يخولك أن تتكلم باسم ملايين الضعفاء والنساء والمشردين والمساكين الذين أنهكتهم الحروب الظالمة وينتظرون المدد من أي اتجاه. فكيف تفتاتون عليهم وعلى مصيرهم وجوعهم وضعفهم، وتستعدون عليهم العالمين، بأي عقل أم بأي شرع تسوغون لأنفسكم ذلك، ثم أن هذا مخالف كذلك للشرع.
فهذا رسول الله إمام التوكل والشجاعة، يريد أن يقدم ثلث ثمار المدينة، لبعض قادة جيش الأحزاب، لا ليقاتلوا معه، بل من أجل تحييدهم فقط.
فلك أن تتصور هذا الفعل من بعض القادة اليوم، كيف ستكون ردة فعل تلك العقول المتشنجة!؟ إن طلب تحييد العدو أو كسب تعاطفه مطلب شرعي بلا شك، فهذا رسول الله بعد هزيمة أحد، يستقبل حليفه خزاعة وهم على شركهم، فيعزونه ويواسونه، ويتعاطفون معه، ويعرضون خدمتهم، فيطلب منهم تخذيل العدو إلى غير ذلك من النصوص التي تساعدك في تصور سياسته -صلى الله عليه وسلم-، بلا عنتريات لا رصيد لها إلا الجهل والعجلة، وإن كانت صادقة النية.
فإن قال بعضهم: وهل أوقعنا في هذه الأخطاء والطوام إلا تخاذل طلبة العلم عن التواجد في هذه الثغور وتركها لشباب صدق في النية وإن أخطأ في العمل.   
فأقول: 

أولاً: لا ننكر قصور وتقصير أكثر طلبة العلم والعلماء في النفير إلى الجهاد وإن كان بعضهم له عذر وحجة تعذره في ذلك والله أعلم بالنيات
ثانياً:قد رأينا من طلبة العلم من نفر للجهاد، فكان على قائمة المطلوبين لداعش، فهل هذا من فرحهم بطلبة العلم!!؟؟ فلن يكون وضع غيره أحسن حالاً.
ثالثاً: وهذا أهمها، أنكم ألزمتم أنفسكم بمالم يلزمكم الله به، فمن أوجب عليكم إقامة الحدود، فإن الحدود فرع للولاية، فمن لا ولاية له لا يحق له إقامة الحدود، فلو جعلتم همتكم الشرعية في دعوة الناس ونصحهم وتوعيتهم بمهمات الدين والأحكام، لما احتجتم لهذه الأعداد من طلبة العلم، التي تطالبون بها، إن العجلة في نصب المحاكم وإقامة الحدود، وبالأخص التي هي حق لله، ليس له مسوغ شرعي ولا عقلي، لأنها فرع الولاة العامة، ولستم مطالبون شرعاً بإقامة الحدود في المناطق المحررة عفواً عن غيرها ، فإن ولاياتكم ولاية حرب وليست ولاية عامة، فدعوا هذه المحاكمات وتخففوا، وإنما الذي يجب فعله في المناطق المحررة، دعوة الناس وتوعيتهم، ورد المظالم ودفع عادية الناس بعضهم على بعض، والسعي بالصلح بين المتنازعين، ولا تحمّلوا الشريعة هذه المجازفات والتجاوزات فتصدوا الناس عن دين الله شعرتم بذالك أم لم تشعروا، وهذا سيخفف عليكم كثيراً من احتياجاتكم.
وقد استغل بعض الكتاب والمارقين، ما يحصل في تلك المحاكم من أخطاء، فشنع بها على الشريعة والأحكام، حتى شككوا الناس في دينهم ومسلمات شريعتهم.ولا يخفاكم ما طارت به تلك الأقلام الخبيثة حين وقعوا على هذا المقطع للرجم، فأخرجوا خبثاً كانوا يكتبونه من سنوات، ولم يجدوا أفضل لهم من هذه، الفرصة، ليستغلوا هذا الزخم الإعلامي لهذا المقطع، فضربوا في صميم الشريعة وأحكامها، من تحت هذه الذريعة، فأنكروا حد الرجم جملة وتفصيلاً، وضعفوا أكثر من عشرة أحاديث في الصحيحين وأكثر من ذلك في غير الصحيحين، واتهموا العلماء بتلفيق هذا الحد وتبديلهم لدين الله وإدخالهم ماليس منه.
وقد كثر من كتب في ذلك من تلك الأقلام المأفونة، وهذا الكاتب قد جمع خلاصة الشر كله، فآثرت أن يكون هو موضع النقاش والرد، وغيره مثله فيكفينا هذا، وقد طار بنوا علمان بهذا الخبث وهذا الطعن في شرع الله وفي حملته من العلماء والأئمة، فوجب البيان لما فيه من كذب وزور.
فانظر هذا الكلام على اختصاره كم فيه من الكذب والزور والتلبيس والجهل، وسيكون النقاش على ما فيه مسألة مسألة حتى لا ندع من بنيانه حجراً.
أولاً: قوله إن الرجم من المصائب الفقهية.
فأقول نعم هو -والله- من أكبر المصائب عليك وعلى أمثالك ممن تشرب هزيمة النفس وأولع بمحاكاة الغرب، ومن خذلان الله لهذا الكاتب أنه قدم هذه النتيجة الخبيثة، قبل أن يبرهن عليها، لأنه لا يملك عليه إلا الكذب والجعجعة، فعجل بكشف عواره وجهله.
ثانياً: قوله إن هذا الحد أبلغ مثالاً على التخلي عن محكمات القرآن، بالآثار المضطربة، فأقول له: أين آية واحدة في كتاب الله ترد الرجم أو تبطله.
وهذا يلزمك أن تبين موقفك من السنة، حتى يعلم الناس قدر سنة رسول الله عندك، وإذا كان ١٣حديثاً في الصحيحين مضربة في عقلك فأين المحكم منها!؟
ثالثاً: إن كان صادقاً في اتباعه محكمات القرآن، فهل٤٠ آية في كتاب الله تأمر بمتابعة رسول الله وأخذ سنته، هل هي عنده من المحكم، أم لا!؟ (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) أين هذا البيان في غير السنة، وهل بيان الشنقيطي لكتاب اللهً مقدم على فهم رسول الله وبيانه!؟
لقد أمر الله نبيه أن يبين القرآن للناس ، فلو كان لا يحتاج إلى بيان لكانت السنة لغواً فقد بينه رسول الله بقوله وفعله وتشريعه، بل حتى سكوته، فيمكن أن يخرج من يقول: لقد أمر الله بالزكاة مطلقة، فمن أخرج أي قدر فقد أخرج الواجب، وهذا من محكمات القرآن فلا نتركه لروايات الآحاد المضربة.
فيمكن أن يخرج من يقول: لقد أمر الله بالزكاة مطلقة، فمن أخرج أي قدر فقد أخرج الواجب، وهذا من محكمات القرآن فلا نتركه لروايات الآحاد المضربة، وهذا يجعل الشرعة رماداً في مهب الريح العاتية، هل (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهو) من محكمات القرآن أم أن هواك يمنعك من هذا!
هل قوله (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) من محكمات القرآن أم أنه هواك يمنعك من ذلك!؟ أم أن محكم السنة عندك ما وافق القرآن فقط؟
فإن قلت نعم محكمها هو ماوافق القرآن فقط، فأقول لك: فما فرق رسول الله في هذا عن غيره!؟ فمن جاء بقول يوافق القرآن فهل ستملك رده!؟
عند ذلك تكون سويت بين رسول الله وآحاد الناس، وكفاك بهذا ضلالاً، وهذه قيمة رسول الله عندك وعند أمثالك، ولا فضل لكلام رسول الله على غيره.

 

 

صيد الفوائد

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع