..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

لست مع أحد

عابدة فضيل المؤيد العظم

١٨ أكتوبر ٢٠١٤ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 4108

لست مع أحد
00.jpg

شـــــارك المادة

كلمات يقولها بعضهم بكل فخر: "أنا محايد"، "أنا مو مع حدا"، "أنا مع مصلحة البلد"، "أنا بحالي"، ويقصد أنه عاقل وفهمان، وإذا سألناه: "كيف ننقذ الوضع والبلد؟"، قال: "نوقف كل شيء ونعود كما كنا"!؟

 


ولا تظنوا الحياد دليلاً على العقل الكبير وأنه السبيل الذكي لتجنب الفوضى، فنحن لسنا في فتنة، وإنما في حرب شرسة واضحة، حرب ضد الإسلام وضد العرب وضد الخير... ومن يكن حيادياً كان مع محاور الشر علينا.
وإن الذي يتخذ الحياد مذهباً، إما يكون ضعيفاً، أو جباناً أو انتهازياً.

ومن يتخذون "الحياد" مذهباً يجب أن تخافوا منهم لأنهم:
1- قاسية قلوبهم، أو أنهم بلا قلوب من الأساس، ومشاعرهم ميتة؛ إذ يرون القتل والتهجير والاعتقال... ثم يقول لك: "أنا محايد"! ويقولها بعد ثلاث سنوات، وبعد كل المحن وصنوف العذاب التي مر بها الشعب السوري؟!

ومن المؤلم حين يأتي الرجل ليقول لك: "لا أحمل أي ضغينة لبشار، بل أنا سأنتخبه لأن البلد كانت على زمانه في قرار وأمان، ولم نرَ من الثورة سوى الدمار والهوان"!؟
ذلك أن المصيبة لم تصل إلى هؤلاء المحايدين بعد، فإذا ذاقوا بأسها تغيروا.
2- وهؤلاء بلا عقل، وبلا علم يقيس لهم الحق من الباطل، والخير من الشر... فيقول: "هي فتنة"! وهو لا يعلم معنى الفتنة. ويحتج بحجة واهية وقد بانت المؤامرة، وكشف العالم كله عن أطماعه، ولم يدع بلداً عربياً أو إسلامياً من شره.
وبات من الواضح أننا في حرب إبادة، وفي حالة إنسانية مزرية، حركت منظمات عالمية، والحيادي ما زال يقول لك عن عصابات إرهابية مسلحة تعيث الفساد في البلد، ويحق للنظام التخلص منها لنعيش كما كنا من قبل.

3- وأكثر هؤلاء –الحياديين- فارغون يبحثون عن التسلية، ليست لهم قضية، ومنهم من قد يتحول (وبسهولة بالغة) إلى جاسوس أو عدو يباع بالمال، أو بأي إغراء... فخافوا منهم على أنفسكم، فقد يضرونكم يوماً.

ومثل هؤلاء حري بنا ألا نزوج أولادنا لأولادهم وألا نعاشرهم، وأن نُضيق عليهم، لأسباب:

1- لأنهم يُخذّلون الناس عن دفع الظلم. ويمكنون الغرب من محو الهوية الإسلامية والعربية، ومن نشر الفقر والمرض والجهل والتخلف.

2- لأنهم خانوا الله ورسوله، حين امتنعوا عن الجهاد وقد أصبح فرض عين. ورضوا بالاستسلام للطغاة.

3- لأنهم يقوون العدو بحيادهم، ومن لم يكن معي فهو ضدي.

وهنا يحضرنا سؤال "هل من حيادي على أرض الواقع"؟

والجواب لا يوجد أي شيء اسمه حياد في هذا العالم؟!

وإذا قبل المرء أن يكون محايداً فلن يعتبره الآخرون هكذا، وإنما سوف يصنفونه مع الطرف الآخر، وسيصبح منبوذاً من الفريقين. وإني أريد توجيه سؤال لمن يدعي الحياد: "لو مررت في الطريق ورأيت رجلين يقتتلان هذا من شيعتك وهذا من عدوك فهل تستطيع التزام الحياد؟!"، ولو شاهد الكائن البشري مساجلة بين اثنين (لا يعرفهما من قبل) فإنه سينحاز بعد وقت قصير إلى أحدهما, وأسباب الانحياز موجودة بالغريزة والفطرة، وتكون إما بسبب ضعف أحدهما أو شكله أو منطقه... فالإنسانية تمنع صاحبها من ترك البر والود والمرحمة، وتأبى عليه ترك الناس في الكرب والمخمصة.
فلا يوجد مفهوم الحياد أو عدم الانحياز في داخل النفس البشرية، ولا يوجد على أرض الواقع, بل نحن نشكو دائماً من الميل والتحزب؛ تحزب داخل العائلات بين القرابات، وتحزب لذكورة أو أنوثة، تحزب لرأي، وتحرب لفئة أو قوم... يتحزب المرء في قضايا متنوعة في حياته، ثم يتظاهر بأنه راق وكبير العقل ولا يتدخل فيما لا يعنيه، ويختار الحياد في قضية مهمة وكبيرة مثل "الثورة ضد الفساد"!؟
حتى الدول التي نادت بعدم الانحياز واجتمعت في أندونسيا وكان على رأسها يوغسلافية بزعامة تيتو، ومصر بقيادة عبد الناصر انحازتا بعد مدة للشيوعية!
وإن المسلم بالذات لا تجوز له السلبية والوقوف على الحياد والصمت على ما يجري من حوله وهو يعرف الحقيقة؛ فمقتضيات الدين الإسلامي وواجبات الإخوة، تدفعه للقيام بواجبه ومناصرتة ومؤازرتة ورد الظلم عنه، ومن مقتضياتها أن تنصر أخاك: "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً".
الحياد ينتج عنه الفساد، وانتشار الدعوات المشبوهة، وترك ساحة العمل لأصحاب الطروحات الخاطئة، مما يؤدي لتكريس الظلم وإطالة عمر الطغاة والأنظمة الكافرة والتمكين لهم، وإبقاء العالم الإسلامي مقسماً إلى دويلات.
فالحياد هو ما تريده محاور الشر لتقرير مصير الأمة الإسلامية كما يشاؤون، وهو من مكائدهم ومؤامراتهم. فلا يحق للمسلم أن يقف على الحياد أو يعزل نفسه عما يحدث، فهو قوة في وجه الفساد، ويجب أن يكون في عمل دائم لمصلحة الناس ولإقامة العدل والحق، وعليه أن يصارع الفجرة الكفرة ويفضح مخططاتهم ويهيئ الأمة الإسلامية لإعادة الخلافة الراشدة.
ونصيحتي إذا صادفك شخص محايد فقاطعه، ولا تؤاكله ولا تشاربه، ولو كان من ذوي القربى، وإن من أولادكم وأزواجكم عدوا لك فاحذروهم.
فإن كنت ولا بد فاعلاً، وكانت والدتك أو والدك هو المحايد، فكن معهما مقلاً، ولا تترك نصحهم وتنبيههم (بالتي هي أحسن)، ولعل الذكرى تنفعهم.
ولكن لا تكن معه على طبيعتك أبداً، ولعلهم يرجون إلى الحق، وإن هذه المفاصلة أقل شيء ممكن أن تقدمه لله، ولهذه الثورة.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع