..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

سبب هزيمتنا أننا مَن يُحارب الخير فينا!

رحاب أسعد بيوض التميمي

١ أكتوبر ٢٠١٤ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3608

سبب هزيمتنا أننا مَن يُحارب الخير فينا!
00.jpg

شـــــارك المادة

سبب هزيمتنا أننا من يُحارب الخير فينا ﻷننا سمحنا للغيرة أن تفتك بأخلاقنا وأن تكون الحكم عليها، فما جاء وفق هوانا نصرناه ورفعناه، وما جاء مُخالفاً لهوى أنفسنا حكمنا عليه بالدونية.. سبب هزيمتنا أننا نتصدى ﻷصحاب الخير للنيل منهم أو اﻹساءة إليهم غيرة وحسداً حتى نُجبر صاحب المعروف على التراجع عن الخير، أو تغيير منهجه في التعامل مع الناس، فيعمل العمل يبتغي به وجه الله وفي قلبه غصة من البشر..


سبب هزيمتنا أننا من يُحارب الخير فينا ﻷننا نقابل اﻹحسان بالجحود واﻹنكار، فنكون سبباً في تعطيل الخير وإنتشاره بين الناس، ودعاة للقطع والبُعد..
سبب هزيمتنا أننا لا نحب أن نرى أحد مرتاح في حياته في محيطنا، فنصرُّ على تنغيص الحياة على كل من نعتقد أنه لا يعاني، ثم نتكلم باﻷخلاق..
سبب هزيمتنا للخير أننا نُصاب بالعجب بأعمالنا فنراها أكبر من حجمها الحقيقي، مما يجعلنا نستصغر أعمال غيرنا..
سبب هزيمتنا أننا من يُحارب الخير فينا ﻷننا ننصر كل ضالٍّ ومُفترٍ، عندما نعلم أن عداءه ينال من نبغض ونكره غيرة وحسداً، فنشجع وننتصر للظالم على المظلوم ونحن نعتبره شيئا هيناً انتصاراً للنفس الأمارة بالسوء...
سبب هزيمتنا أننا لا نُعين بعضنا على البر والتقوى وإنما نُعين بعضنا على اﻹثم والعدوان، بعدم التنازل، والانتصار للكرامة عند أتفه اﻷسباب..
سبب هزيمتنا أننا لا نعمل العمل نبتغي به وجه الله، بل ننتظر عليه المكافآة أو اﻷجر، ثم ندّعي إخلاص النية لله، أو ننتظر عدم رد المعروف حتى نعلن المقاطعة..
سبب هزيمتنا أن الفاجر له من ينصُره، ويُعينه على فجره، لأننا ندعو إلى إقامة الحق والعدل على الظالم بنُصرته، ﻷن المظلوم لا يروق لنا، وعند المظلوم ندعو إلى التأني في إصدار اﻷحكام على اﻷشخاص خوفاً من الظلم حتى يشعر المظلوم بالغربة، والضيق وتضيع الحقوق.
إن أكبر مُدمر للعلاقات في المحيط الذي يعيش به اﻹنسان استخدام هوى النفس للحكم على الأشياء.. أي أخضع أي فعل لهوى نفسي فما جاء وفق الهوى أخذت به ونصرت صاحبه ووقفت معه حتى لو كان ظُلمه بيناً واضحاً، وسيرته تشهد بسوء أخلاقه، وما جاء مُخالفاً لهوى نفسي احتقرت واستصغرت فعل صاحبه مهما علا، وانقلبت عليه ولو كان عظيماً، فقط ﻷن صاحبه لا يروق لي... أريد بذلك أن أرفع وأن أخضع حسب رغبتي وأهوائي، ناسياً أنه لا يستطيع أحد أن يذل من إذا شاء الله رفعه رغماً عنه، ولا يستطيع أن يرفع من إذا شاء الله أذله.
(فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)(القصص:50)
فكم من علاقات قُطعت لأن أحد اﻷطراف يُصر على التعامل مع الطرف اﻷخر بسوداوية تجاه كل فعل يفعله فيكون سبباً في بعد الطرف اﻷخر، أو اتخاذ العلاقات شكل رسمي حرصاً على عدم القطع ممن يخاف الله رب العالمين..
وكم من علاقات بُترت لأن أحد اﻷطراف يُصرُّ على تشويه كل خير وانتقاص كل فضيلة بسبب الحقد والغيرة فيكون بذلك سبباً في تعطيل الخير، عندما يشعر صاحب الخير أنه مُلاحق، وصاحب الشر له من ينصره ويُعينه لأن كثيراً من الناس لا يروق لهم أن يُذكر أحد بخير.
إن من أشد الظلم اﻷحكام المُسبقة على أفعال اﻷشخاص بالسوء.. واﻹصرار على تلك اﻷحكام حتى ولو ثبت العكس غيرة وحقداً، أي تبييت النية السوء دائماً.
وإن من أشد ذلك ظُلماً الالتفاف على من أكره من خلال مُناصرة كل من يكيل له، أو يُعاديه، ﻷنه لا يروق لي، أو لأني أحسده..
كيف أقبل أن أكون مفتاحاً للشر مغلاقاً للخير فقط لأنني لا أريد أن أرى أحداً أفضل مني أو لأني لا أقبل أن يُذكر أحد بخيرٍ غيري، فأعتقد أني بذلك أشوه سُمعته وصورته وأنتصر لنفسي الأمارة بالسوء، وأكون بذلك من المفلسين رغم الصيام والصلاة والزكاة كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث (عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: أتدرون من المفلس؟ قالوا:المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال صلى الله عليه وسلم:إنَّ المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وسب هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دماء هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم) (رواه مسلم). 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع