أبو يزن الشامي
تصدير المادة
المشاهدات : 4463
شـــــارك المادة
في الأشهر الأولى لدخول حلب كانت معركة تحرير الكندي مكلفة، فقدنا فيها مَن احتسبناهم عند الله شهداء ولم نستطع من شدة المواجهة أن نسحب جثثهم. حتى صار تبادلٌ بيننا وبين النظام دخلت أبحث عمّن أعرفه بين الشهداء.
بينما كنت أتمعّن في الوجوه المكسوّة بالدم والنور، سمعت الناس ينادون على شهيد يشمّون منه رائحة المسك، تيقنت أنه صاحبي وذهبت لآخذه. لما وصلت إليه وجدته شاباً في أول عمره مجاهداً مع فصيل من الجيش الحر، لو رأيته قبل المعركة ما عبئت به. تركته والناس مندهشة حوله وعدت أبحث عن إخوتي. الشاب الذي أحسبه شهيداً لم يمت نبّهني إلى جثة الكبر التي في داخلي. عدت إلى القرآن، وكمن يقرأ للمرة الأولى، قرأت: "ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير ". ذلك هو الفضل الذي حرمنا أنفسنا من سعته بضيق تياراتنا وفصائلنا، الفضل الذي فاتنا لأنّنا اعتقدنا أنّ الطريق إلى الله حكرٌ علينا وأنّنا وحدنا الناجون إليه والسائرون فيه. ينكسر الصف لما يظن بعضه أنه خيرُ مَن فيه، وأنّ الآخرين عالة على الطريق يثقلونه هو عن بلوغ آخره. ما صرت أعرفه، أنه لم يكن عالته إلا نحن، نحن الذين أخّرنا سير القافلة بحواجز وعراقيل لم تكن كما ظنناها واجبة. لعلي اليوم ينبغي أن أعتذر: أعتذر للشهيد عبدالقادر الصالح، لم أفهم ما قال لي في يومه الأخير قبل استشهاده: هذه نفحةٌ ربانية فلنتجرد فيها ونتوحّد، تأخُرنا يا حجي عن الاستجابة أخَّرنا عن النصر. وأعتذر للشهيد الذي كانت رائحته أصدق من ظنوننا، عرفتني يا شهيد أنّ المسك ليس حكراً على جماعتنا. وأعتذر للطفل حمزة الخطيب، ثورتك التي تركتها لنا كانت بريئة مثلك، ومثلك لم تحتمل أن تحملها تعقيداتنا ومشاكلنا. وأعتذر لأهلنا، كنا بغرورنا أضعف من آمالكم. وللثورة التي لن تصل إلا بأن تعود كما بدأت، عفويةً يعتقل الواحد فيها ولما تسأله المخابرات لما شاركت؟ يجيب: سمعتهم يقولون عالجنة رايحين، فرحت معهم. "
"ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين "
محمود نديم نحاس
أحمد دعدوش
عبد الكريم بكار
مصطفى أبا زيد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة