غسان شربل
تصدير المادة
المشاهدات : 2910
شـــــارك المادة
لا تعتبر إيران نفسها دولة مهمة في الإقليم. تعتبر نفسها «الدولة المهمة» أي الدولة الأهم. هذا ما سمعه عدد من السياسيين والمبعوثين الذين زاروا طهران وبينهم الأخضر الإبراهيمي. تريد إيران الاعتراف بها بوصفها «الدولة المهمة». وتريد حصة في المنطقة متناسبة مع هذا الموقع. وتعتبر أنّ ترتيبات الأمن والاحجام يجب أن تُبلور في النهاية باتفاق بينها وبين «الشيطان الأكبر».
وقال الإبراهيمي لعلي لاريجاني (الرئيس الحالي لمجلس الشورى): «لا يمكن أن تتركوا العراق على هذا الحال، أنتم الدول الكبيرة في المنطقة، وأقصد إيران وتركيا والسعودية، لا يمكن أن تتركوا البلد يحترق بهذه الطريقة». ردّ لاريجاني: «معك حق لكن يمكن أن يساعد في العراق من لديه نفوذ، أي الأميركيون ونحن».
تريد إيران اعترافاً أميركياً صريحاً بأنها الدولة المهمة في الإقليم وأنها معبر إلزامي لبلورة الترتيبات المتعلقة بالأمن والاستقرار. لكن الصفقة التي تكرّس إيران «الشريك الأكبر للشيطان الأكبر» في الشرق الاوسط لم تبرم. وثمة من يعتقد أنّ إيران البارعة أضاعت فرصة إنجاز مثل هذه الصفقة «يوم كانت في أوج قوتها».
في هذا الإطار يمكن فهم الانتقادات الشديدة اللهجة التي وجهها المرشد علي خامنئي إلى الولايات المتحدة. ليس بسيطاً عقد «مؤتمر الأمن والسلام في العراق» بحضور دولي وعربي واسع ومن دون توجيه دعوة إلى طهران.
إنّ تغييب إيران عن لقاء يوفر مظلة دولية لضرب «داعش» في العراق وترميم المشهد السياسي في هذا البلد يشكل دليلاً جديداً على استمرار رفض الاعتراف بأنها «الدولة المهمة» في الاقليم. يشبه تغييب إيران عن مؤتمر باريس سحب الدعوة التي كانت وُجهت إليها للمشاركة في مؤتمر جنيف 2 في سويسرا والذي كان مخصّصاً للسعي إلى حل سياسي في سورية. استبعاد إيران يعني في الحالين عدم الاعتراف بأنها «الدولة المهمة» ويبطن انطباعاً بأنها «دولة مهمة لكنها جزء من المشكلة وليس من الحل».
كانت إيران في «أوج قوتها» عشية اندلاع «الربيع العربي».
كانت صاحبة الكلمة الأولى في بغداد ودمشق وبيروت. أعطت الانطباع أنها الوحيدة القادرة على التأثير في الملفين الأهم في المنطقة وهما أمن النفط وأمن إسرائيل. أفادت من غياب الدور المصري وانتقلت إلى محاصرة الدور السعودي عبر إسقاط حكومة سعد الحريري في بيروت ودعم الحوثيين في اليمن وأحداث البحرين.
تعرض النجاح الإيراني الواسع لانتكاستين.
الأولى حين عجز النظام السوري عن حسم المعركة ضد معارضيه على رغم نجاح طهران في منع سقوطه. الثانية حين فشلت الحكومة الموالية لها في بغداد في منع «داعش» من الاستيلاء على مساحات واسعة من العراق. اصطدم الدور الإيراني في الهلال بانتفاضة سنّية في العراق وسورية وكانت لها بعض الأصداء حتى في لبنان.
استجارت السلطة العراقية بأميركا لمواجهة خطر «داعش». اشترط باراك أوباما قيام حكومة جامعة في بغداد. والمقصود إعطاء المكون السنّي صفة الشريك الفعلي وإنهاء سياسات الغلبة والتهميش وإنهاء السياسات الكيدية في التعامل مع الإقليم الكردي. وليس سراً أنّ قيام حكومة من هذا النوع يحرم إيران من صفة اللاعب الوحيد على المسرح العراقي. وبدا واضحاً أن إدارة أوباما ليست في وارد اقتلاع «داعش» لإعادة تقديم العراق هدية إلى إيران.
الافتراق في سورية أكثر وضوحاً وخطورة. أكد أوباما استهداف «داعش» أيضاً في سورية لكنه رفض أي تنسيق مع النظام السوري. ذهب أبعد من ذلك بإعلان عزمه على تمويل «الجيش الحر» وتدريبه. وهذا يعني أن أميركا ستحرم النظام السوري من فرصةٍ ذهبية كان يعوّل عليها لإعادة تأهيله دولياً. اعتبرت واشنطن أنّ نظام الرئيس بشار الأسد جزء من المشكلة ولا يستطيع أن يكون جزءاً من الحل.
لا تنوي إدارة أوباما اقتلاع النظام السوري لكنها تنوي ممارسة الضغوط عليه لإجباره على السير في حل سياسي. وواضح أنّ أي حل سياسي في سورية سيقلص الدور الإيراني فيها وهو أمرٌ لا بدّ أن يترك بعض الآثار على التوازنات الحالية في لبنان.
اقتلاع «داعش» من العراق وسورية لا يقل عن جراحة جدية ومؤلمة للوضع في دولتين عربيتين أساسيتين. فشل الجراحة يعني استمرار الحروب الأهلية والمواجهات بين المكونات. نجاحها سيؤدي إلى قيام هلال مختلف ودور إيراني مختلف. لا بدّ من الانتظار لمعرفة خيارات إيران.
هل تتمسك باسترجاع الهلال كاملاً من قبضة «داعش» والجراح الأميركي وهل هي قادرة على معركة بهذا الحجم أم ستفضّل خياراتٍ أقل من الخرائط لتكون صاحبة الكلمة الوحيدة في أقاليم تشبهها؟ ولا بدّ هنا من الالتفات إلى رجل اسمه فلاديمير بوتين دفع أوكرانيا إلى التفكك ولم يرفّ له جفن.
الحياة
مجاهد مأمون ديرانية
أحمد موفق زيدان
ماجد كيالي
صبحي أمهز
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة