..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

إيران: هل حان وقت التخلي عن نظام الأسد؟

غازي دحمان

١١ ٢٠١٤ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2481

إيران: هل حان وقت التخلي عن نظام الأسد؟
دحمان00.jpeg

شـــــارك المادة

تحاول إيران، بين فترة وأخرى، توصيل بعض الرسائل، إلى من يهمه الأمر، حول توجهاتها الجديدة ورغبتها في إعادة تموضع جديدة في إطار العلاقات الدولية وموقفها من بعض القضايا الإقليمية التي تشكل أحد أبرز إشكالياتها مع البيئة الدولية، ويأتي في مقدمة تلك القضايا مسألة مد نفوذها إلى قلب العالم العربي عبر سياسات عنيفة هدفها تغيير المعادلات السياسية والاجتماعية في المنطقة لصالحها من خلال ارتكازها على عامل القوة وحده وعبر بث الفتنة والصراعات المذهبية.

 

 

أخر تلك التسريبات، ما نقلته صحافة طهران على لسان السفير الإيراني السابق بدمشق، حسين شيخ الإسلام، حول موقف طهران من طريقة معالجة نظام الأسد للأزمة السورية وانتقاده لأساليب القمع والقتل المجاني لأبناء الشعب السوري، وهو أمر، على ما أكد شيخ الإسلام، لم تكن تريده طهران، التي أرسلت لنظام الأسد هراوات للتعامل مع الثوار!
لم يعد مهما مساجلة مثل هذا المنطق وتفنيد مزاعمه، بقدر ما يهم تحليل سياسات إيران في هذه المرحلة الحسّاسة من عمر الأزمة السورية، فإن الواضح أن هذا الكلام مقصود به بدرجة كبيرة طبقات سياسية وعسكرية داخل النظام الإيراني، ربما لمعرفة مدى تفاعل مثل هذا الكلام بداخلها، أو لإحداث صدمة لدى بعض مراكز القوة تستفيد منها جهات إيرانية معينة، ناهيك عن المحمول الدعائي لهذا المنطق للخارج الدولي.
الوقائع تقول أن إيران منخرطة بدرجة كبيرة في الحرب السورية، وأن انسحابها بشكل فجائي أمر غير وارد على الإطلاق، ليس بسبب تأثيره الكبير في منظومة المصالح الإيرانية ونفوذها وحسب، ولكن على الاستقرار الداخلي لإيران نفسها، ذلك أن انخراط إيران في الحروب الواسعة في المنطقة أوجد دوائر خاصة بإدارة تلك الحروب وتسيير شؤون الأطراف الحليفة لها، وهذه الدوائر صارت بمثابة مراكز قوى ذات تشابكات مصلحية وإيديولوجية وهي تتمدد في قلب النظام الإيراني، وبالتالي فإن عملية نزعها بشكل فجائي سيكون لها ارتدادات عميقة في إيران، وهي بغنى عنها في هذه المرحلة.
ويفيد تحليل السياسات الإيرانية الراهنة بالاتي، أن وصول حسن روحاني للسلطة هو تغيير أجبر عليه نظام الملالي، ليس بطلب خارجي، وإنما لكونه يمثل تيارا وخطا سياسيا موجود في قلب نظام الجمهورية الإسلامية، لديه رؤية لتجديد المشروع الإيراني وإعادة تزخيمه بعد أن وصل إلى مأزق بفعل سياسات المحافظين وممثلهم أحمدي نجاد ونتيجة سياسات المرشد الأعلى المؤسسة على الأيدولوجيا، فالمطلوب من روحاني وتياره إضافة بعد نفعي على السياسية الإيرانية وهذا لن يحصل دون صلاحيات كافية ودون تنازلات تمثل دعم لهذا التوجه، فالعلم في النهاية ليس معتوها بالقدر الذي قد تنطلي عليه سياسات إيران الخبيثة والماكرة.
هذا الخط السياسي الإيراني له جذور تعود إلى فترة حكم هاشمي رفسنجاني، وقد حاول محمد خاتمي تثميره وإن بخجل وضعف شديدين، وهو يحاول التساوق مع وثيقة الرؤية المستقبلية التي أطلقتها إيران قبل سنوات والتي حددت فيها عام 2025 عامًا لتكون إيران القوة الإقليمية الأولى، ولكان هناك رؤيتنان لتنفيذ مقتضى الوثيقة تمثلان تياران في السلطة الإيرانية، أحدهما وهو التيار المحافظ كان يرى تحقيق ذلك عبر مد النفوذ والسيطرة على الإقليم وتحديدا العراق وسورية ولبنان وفلسطين، والآخر كان واقعيا أكثر ويدعو للتركيز على فتح أبواب العلاقات مع الغرب وتحديدا منه واشنطن.
يحاول حسن روحاني تعميق مسار جديد في السياسة الإيرانية من خلال دفاعه عن خيار التقارب مع واشنطن، وعبر إعادة تموضع جديدة للسياسة الإيرانية وتحويلها إلى دور وحاجة لا غنى عنهما في المنطقة يتخذ من أسلوب الوساطة في حل المنازعات وتسوية الأزمات وسيلة له.
لكن حسن روحاني لا يستطيع مواجهة مراكز القوة وتحديدا الحرس الثوري ذي القناعات الإيديولوجية المتشددة، ويحاول بناء مركز قوى موازي من أصحاب المصالح والتجار، وقد لوحظ في أثناء حرب غزة مدى الاندفاع الإيراني في محاولة تغيير الصورة المشوهة لدى العالم السني عن سياسات إيران في سورية والعراق.
الواقع أن تلك الإرهاصات تقف وراءها تحولات اقتصادية واجتماعية في الداخل الإيراني، وهي باتت تشكل تحديات سياسية لنظام الملالي في المدى المنظور إن لم يتم البدء بمعالجتها فغنها تنذر بانفجار قادم يطال التركيبة الإيرانية الاجتماعية والسياسية برمتها.
لكن ما أهم من ذلك، أن هذه الإرهاصات هي انعكاس لقناعة نخبة سياسية إيرانية في موقع صناعة القرار، بأن مجاهيد إيران قد جرى استنزافها، وأن مشروع هيمنتها على سورية صار مسدود الأفق، وأنها تضيف تطورا ذي دلالة على الوقائع في سورية، فقط ستعيد إنتاج حالة الاستنزاف واستمرار الدوران فيها، ولا شك أن هذا الفارق في حسابات طهران تجاه نظام الأسد أحدثته ثورة السوريين وإصرارهم العنيد على النصر، والأهم من كل ذلك إدراك طهران أن نظام الأسد تخلّع ويوشك على الانهيار وإن عمليات حقنه لن تفيد بشيء، وخاصة وأن أنصاره في العراق صاروا يطلبون العون للمحافظة على عاصمتهم، فيما سنده حزب الله بات يحتمي بمغاوير الجيش اللبناني.


أورينت

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع