شريف محمد جابر
تصدير المادة
المشاهدات : 5062
شـــــارك المادة
نقلنا في الحلقة السابقة من هذه السلسلة نصّا من بيان شهير لتنظيم داعش الإجرامي وقمنا بنقده وبيان عدم التزام المنتمين للتنظيم ومناصريه بما يستوجبه هذا النصّ من حرمة الموافقة على الخضوع والتحاكم للقوانين الكفرية (تُراجع الحلقة الثالثة من خلال الضغط على الوسم #جذور_انحراف_داعش). وفي هذه المرة أيضًا سنتناول نصّا آخر من نفس البيان المسمّى "هذه عقيدتنا" لأبي عمر البغدادي، وأؤكّد أنّ الهدف الأساسي من الاعتماد على هذه البيانات هو تبجّح مناصري داعش بها واتهامهم لنا بأنّنا نسمع عن داعش ولكن لا نسمع منها، ويقولون: "هذة عقيدة الدولة الإسلامية في العراق والشام وحتى لا يبقى لكذاب عذر، أو لمحب شبهة". فها نحن ننقل ما يصدره تنظيم داعش ويقرّ به ويتفاخر به محبّوه! جاء في البيان المذكور في البند التاسع عشر: "نرى تحريم كل ما يدعو إلى الفاحشة ويعين عليها كجهاز الستالايت، ونوجب على المرأة وجوباً شرعيًا ستر وجهها والبعد عن السفور والاختلاط ولزوم العفة والطهر، قال تعالى: (إنّ الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة، والله يعلم وأنتم لا تعلمون). انتهى النقل من البيان. نقول باختصار ردّا على هذا الكلام الفظيع والمتهافت في آنٍ معًا: أولا: منذ متى كان تحريم الستالايت وإيجاب ستر وجه المرأة من "العقيدة" حتى يوضع ذلك تحت باب "هذه عقيدتنا"؟! إنما يدلّ ذلك على ضعف علم قيادة هذا التنظيم المنحرف إلى درجة وقوعهم بما لا يقع فيه طالب العلم المبتدئ من المغالطات، فما بالك بالأتباع؟! ثانيا: جهاز الستلايت "وسيلة" تنقل النافع والخبيث، والذي يقرّر محتواها هو المستخدم نفسه، كمن يقرأ الكتب؛ يستطيع أن يقرأ الكتب التي تحوي المنكرات، ويستطيع أن يقرأ الكتب النافعة، فلأيّ شيء يحرّم تنظيم داعش الستلايت بهذا الحسم والاختزال؟! ثم أليس من الأولى تحريم "الإنترنت" باعتباره أكثر انفلاتًا من الستلايت بأضعاف مضاعفة دون شكّ، ويحوي من الفواحش والمنكرات ما الله به عليم؟ فلماذا لم يذكره البغدادي في بيانه وهو أولى بالتحريم بناء على ما يقوله؟ ولماذا نرى أنّ أعضاء داعش ومناصريها يكثرون من استخدام الإنترنت، بل يمارسون فيه نشاطا إعلاميّا جبّارا للترويج لتنظيمهم، رغم أنه "مما يدعو إلى الفاحشة" بناء على معيار بيان "هذه عقيدتنا"؟ أم إنّ الإنترنت جائز لأنّه يخدم عملية الترويج للتنظيم؟! ثالثا: ستر وجه المرأة حكم شرعي واجب لدى كثير من الفقهاء، ولكنّه من الأحكام المختلف حولها، ولا يجوز لأي تنظيم فرض ما يعتقده فيه على الأمة، والخطير في الموضوع أنّه يجعله تحت باب "هذه عقيدتنا"، أي إنّ المخالف فيه سيواجه غالبا الإجراءات التعسّفية التي تغصبه على ارتداء ما لا يعتقد بوجوبه. وإنّه لمن السخف جعل حكم شرعي مختلف حوله بمثابة العقيدة التي لا يجوز الخروج عنها! وهذه مجرّد عيّنة، فما بالكم بمن يخالفهم في جواز الأخذ بالديمقراطية مثلا؟ أو جواز المشاركة السياسية في الأنظمة المعاصرة؟ الجواب في البيان نفسه، تكفير وحكمٌ بالردّة واستباحةٌ للدماء؛ لأنّ من يفعل ذلك عندهم قد ارتكب شركًا أعظم ودخل في الردّة! أعاذ الله الأمة من هذا الغلوّ والطيش والتخلّف الذي يريد جعل حفنة من الجهلة يتحكّمون بمصير أمة كريمة لا ينبغي في حقّها إلا الكرامة والريادة وشيوع الرحمة والانطلاق لتأسيس الحضارة. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.. جزى الله خيرًا من أعان على نشرها، فإنّما هي رسالة أقوم بها احتسابًا لله، حريصًا على مفاهيم الأمة ودمائها، والله المستعان. من صفحة الكاتب على فيسبوك
مجاهد مأمون ديرانية
محتسب الشام
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة