..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

علي الطنطاوي-كلمات في الثورة -26-

مجاهد مأمون ديرانية

٤ ٢٠١٤ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3116

علي الطنطاوي-كلمات في الثورة -26-
الطنطاوي 000.jpg

شـــــارك المادة

من أخلاقنا التي يجب أن نتخلص منها أننا لا نعرف التعاون ولا نَقْدر أن نعمل مجتمعين، فالفرد منا عامل منتج، ولكن الجماعة عاجزة عقيمة.
وعلّة ذلك "الأنانية" المُفْرطة والأثَرَة الجامحة وحبّ الذات الطاغي، فالرجل منا يريد أن يكون هو كل شيء في الجمعية أو الشركة، رئيسها إن كان لها رئيس وعضو الإدارة إن كان مجلس إدارة، وأن يكون له الرأي إن أُخذت الآراء.


بل إنا نرى كلاًّ منّا يعطّل أعمال الآخرين ويُبطلها ويعمل على هدمها، بينما نراه مؤمناً بلزومها معتقداً بالحاجة إليها ساعياً إلى القيام بمثلها.
فهو يعلم الحاجةَ إلى مدرسة دينيه ويدعو إليها، ولكنه إذا رآها قد فُتحت ونالت قسطاً من النجاح أصلاها حرباً حامية وجعل أكبر همه هدمها وتخريبها.
ذلك أن دعوته الأولى لم تكن عن إخلاص ولم يكن يريد بها وجه الله والمصلحة، ولكنه يريد الفخر والشهرة والنفع واللذة، فلما رآك أنت السابق إليها والذاهب بفخرها خان المصلحة وعصى الله ليُرضي أثَرَتَه ويستجيب لأنانيته.
وهو شاعرٌ بالحاجة إلى جمعية خيرية، يسعى إلى تأليفها بحماسة وجِدّ ودأب، قد ملأت فكرتُها نفسَه وحياته، فهو لا يتحدث إلا بحديثها ولا يشتغل إلا لتأسيسها، فإذا تم له الفلاح بعد التعب والكفاح وقامت الجمعية ولم يكن هو الرئيس انفصل عنها وحاربها حرباً لا هوادة فيها وسعى إلى هدم ما بناه بيده!

 

هذا داء من أشد أدوائنا الخلقية، إن لم نعالجه فَشَت جرثومته في جسم الأمة فشَلَّت أعضاءها وعطلت أعمالها.

وأين هو الإخلاص وأين هو الصدق فيمَن يدعو إلى الخير أو الدين أو الفضيلة، وغايتُه استغلال الدين والخير والفضيلة لمصلحة نفسه وإطاعة هواه؟

في سبيل الإصلاح: أخلاقنا (نُشرت سنة 1938)

 

 

 

الزلزال السوري

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع