ياسر الزعاترة
تصدير المادة
المشاهدات : 5008
شـــــارك المادة
ينص البند الرئيس في جنيف الأول، وتبعا له الثاني الذي ننتظر انعقاده في 22 من هذا الشهر، على تشكيل هيئة حكم انتقالي من المعارضة والحكومة، تمهد الطريق أمام انتقال سلمي للسلطة، وانتخابات حرة ونزيهة بإشراف دولي، كما ردد مرارا المبعوث الدولي والعربي لحل الأزمة السورية، الأخضر الإبراهيمي.
هذا في الإطار العام، أما في التفاصيل، فليس ثمة شيطان واحد كامن، بل حشد من الشياطين الذين سيكون من غير المستبعد أن يضعونا أمام جنيف-3 و4، وربما أكثر من ذلك، ليس فقط لأن بشار الأسد لا يزال مصرا على أن يكون رأس الهيئة الانتقالية، بل أيضا لأن غيابه لا يقلل من فعل أولئك الشياطين التي نتحدث عنهم. من يستمع إلى بشار ومساعديه، يظن أن المعارضة قد هُزمت تماما في المعركة، وأن جميع فصائلها ستركع في جنيف تحت أقدام ممثليه، لكي يمنحهم بعض الحقائب في حكومته المقبلة، وبعد ذلك سيتم ترتيب الأمر كما لو أنهم كانوا سياحا في الخارج، وسيعودون كل على حدة من أجل أن يمنحهم حق المشاركة في الحكومة.
في المقابل يتحدث بعض قادة الائتلاف الوطني كما لو أن ممثلي بشار سيأتون إلى جنيف لكي يقدموا لهم السلطة على طبق من ذهب، وسيمنحونهم حق تشكيل حكومة بكامل الصلاحيات، بما في ذلك التحكم بالمؤسستين الأمنية والعسكرية، من دون أن يغيب عنها ممثلو السلطة، والنتيجة أنهم يتعاملون مع المشهد كما لو أن النظام وأركان التحالف الداعم له قد اقتنعوا بالهزيمة، ويريدون أن يتخلصوا من الاستنزاف بأية طريقة كانت. لا النظام يبدو واقعيا في الحديث عن استحقاقات جنيف2، والغطرسة التي يبديها، ولا المعارضة ممثلة في الائتلاف تبدو كذلك، والأرجح أن كليهما يدركان ذلك تمام الإدراك. الأول بإدراكه لحقيقة أن إيران وروسيا ترغبان؛ كما المجتمع الدولي في وقف النزيف، وإنهاء الأزمة، فضلا عن إدراكه لحقيقة عجزه عن حسم المعركة في غضون وقت قريب، رغم المساعدة الهائلة من إيران وحلفائها. والثاني، أعني الائتلاف الذي يدرك أن الوضع لا يبدو في طريقه نحو حسم عسكري لصالح الثورة، فضلا عما تعانيه ساحتها (الثورة) من تناقضات، إلى جانب تمدد في الحالة الجهادية تدفع المجتمع الدولي إلى العمل على إيجاد مخرج يحول دون تفتت البلد، وتهديد أمن الكيان الصهيوني ودول الجوار. الداعمون لطرفي معادلة جنيف يدركون ذلك كله، ولذلك تراهم يسابقون الزمن في مساعي تحقيق إنجاز على الأرض قبل المؤتمر يؤثر على مجرياته. إيران تفعل ذلك عبر تكثيف وجودها على الأرض، وزيادة وتيرة الهجوم على الثوار؛ والسعودية وتركيا وقطر أيضا عبر محاولة توحيد بعض القوى والجهود من أجل تحقيق إنجاز على الأرض، وهو وضع جعل الكفة متعادلة بعض الشيء، إذ يحقق طرفاها بعض التقدم، ويعانيان كذلك من بعض التراجع، وإن بدا المشهد خلال الأيام الأخيرة في صالح النظام. في ضوء ذلك كله، أعني تعادل ميزان القوى نسبيا بين الطرفين، وفي ظل ميل معظم الأطراف لإنهاء الأزمة، فإن صيغة “لا غالب ولا مغلوب” هي التي سيبحث عنها الجميع، لاسيما بعد التقاء الغرب وروسيا وإيران على هدف مطاردة من يسمونهم الإرهابيين، مع وجود مخاوف منهم لدى بعض داعمي الثورة أيضا. لكن المعضلة هي في الكيفية التي يمكن أن يجري من خلالها تنزيل الصيغة على الأرض: أولا: لأن بشار قد لا يوافق بالضرورة على العروض التي ستقدم له اعتقادا منه بقدرته على فرض أجندته على الجميع. وثانيا: لأن الثوار على الأرض؛ قواهم الفاعلة على وجه التحديد، قد لا يقبلون بالاتفاق الجديد، ما سيدخل الجميع في أزمة من نوع آخر، بين سياسيين يقبلون بالحل (إذا قبلوا أصلا، أو قبلت أطراف منهم ورفضت أخرى)، وآخرين يحملون السلاح ويرفضون الحل المعروض. معادلة معقدة، بل بالغة التعقيد، لا يزعم أي أحد مهما كان أن بوسعه الإجابة على أسئلتها التالية، ما يرجح أن الأزمة لم تبلغ نهايتها بعد، ولا زال بالإمكان الحديث عن تعقيدات ونزيف لا يُستبعد أن يطول، وقد يعتمد على تطورات أخرى في المنطقة، وليس فقط على سير المعارك على الأرض في سوريا. الدستور الأردنية
مجاهد مأمون ديرانية
روني علي
غسان المفلح
المصادر:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة