..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

هدنةٌ بين فكي ثعلب..!

أبو عبد الله عثمان

١٥ ديسمبر ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 5286

هدنةٌ بين فكي ثعلب..!
الأسد000.jpg

شـــــارك المادة

نعم الهدنة ليست محرمة ولا تؤدي إلى الكفر ولا إلى الفسوق.. لكنه حينما تكون الهدنة مع غدار سفاح فإن أول البنود التي سيلتزم بها هذا الغدار هو رقاب الأطفال والأبرياء بعد أن يُخلي الثوار فيما بينه وبينهم لينتقم ويلتهم الدماء والأشلاء كما يحلو له..!
هكذا هي الهدنة في أذهان الذين يندفعون إلى القتل كالوحوش الضارية وكالذئاب الماكرة أولئك الذين تقف عقولهم جامدة أمام ما يملكونه من الغريزة الجامحة نحو القتل وسفك الدماء..!

 

إن من يرمي الأبرياء والأطفال بالصواريخ لا يعرف هدنة ولا عهد له..
وإن من يتعمد استهداف الأطفال وهم في بيوتهم أو على أبواب المخابز أو حينما يكونون يتراكضون على الثلوج مبتهجين لا يفهم الهدنة ولا العهود..
إن من يضرب الكيماوي على المناطق الآمنة لا يمكن أن يثق به عاقل ويعقد معه هدنة..
لقد عرفنا عن غدر اليهود الكثير الكثير لكن هذا الأسد الأحمق الآثم قد فاق في الجرم والغدر والكذب والخيانة اليهود..
إن الذي يدفعني للكتابة عن هذا الموضوع ليس إعلام الناس بإجرام هذا الأسد فالكل عرف ذلك، لكنه أمر آخر أشد خطورة هو تساؤلي متى نتعلم من الأخطاء والتجارب التي مر بها إخواننا في المناطق الأخرى على مدى سنوات؟
أيعقل أن تأتي كل منطقة فتجرب بنفسها هذا الأسد وتظن أنها يمكنها أن تلزمه ببعض الشروط وأنه سيلتزم بها ثم تدفع ثمن ذلك عشرات من الأطفال وآلاماً من الهزائم..؟
الأمر صار مفضوحاً وبشكل فاضح.. أن الأسد ونظامه كاذبون متلاعبون.. أدرك ذلك من أول الثورة أهل درعا وحمص..
وأدركه حمد قطر وعبر عنه باللف والدوران وأدركه المراقبون العرب وأدركه مراقبو الأمم المتحدة فأي عقل يقبل أن يجربه مرة أخرى بحلول تفاوضية..؟
إنها حالة واحدة فقط ربما سيكون الأسد صادقاً فيها في الالتزام بوعد أو عهد هي أن يقبض عليه الثوار ويضعوا البنادق على رأسه فإنه فقط في هذه الحالة سيلتزم بعهده إن وعدهم به بأنه سيتنحى وسيتوقف عن القتل والقصف والإجرام وعليهم أن يصدقوه ولا يكذبوه ثم بعد ذلك عليهم أن يتأكدوا من وعوده ويتثبتوا منها بأن يفرغوا ما في بنادقهم من الرصاص في رأسه فإنه فقط في مثل هذه الحالة سيكون قد التزام بتلك العهود..
أي هدنة أو صلح طلبه النظام ثم لم ينكث به أو يستغله ويمكر بأهل تلك المنطقة بعد حين؟
ألم يطلب من أهل بعض المناطق في حمص الهدنة وأن يدخل للتفتيش فقط ثم يخرج..
فدخل ومكر وتقدم وتمركز وكانت نتيجة ذلك حصار حمص الذي طال واستمر كل هذه الأيام؟
وفي تلكلخ ألم يكن السبب الأول لاقتحام المدينة هو هدنة عرضها على الأهالي وسوقها له بعض البسطاء بين الأهالي المساكين..
وفي القريتين ألم تكن نتيجة الهدنة أن دخل النظام إلى المدينة وارتكب المجازر وتمركز حولها..
وفي النبك ألم يطلب النظام هدنة وكانت نتيجتها أن تمكن خلال ساعات بعد هذه الهدنة من التقدم ببعض الدبابات ورفعِ بعض السواتر في منطقة حساسة وكان نتيجة ذلك اقتحام النبك في الصباح؟
وفي تيرمعلة ألم تكن الهدنة المستمرة هي السبب في تمركز النظام في الطريق الرئيسي بجوار تيرمعلة ثم تقدمه في الكم كما يحلو له وتثبيت سواتره كما يشاء..
إنه نظام خبيث ومن يطالع أسلوبه في عرض الهدنة والصيغة التي يعرضها على أهالي المناطق يدرك مدى خبثه وخبرته، وكيف يلعب ويتلاعب بعواطفهم ومشاعرهم وكيف يركز على نقاط الضعف في كل منطقة ليدخل من خلالها إلى عقولهم ثم يرمي عروض الهدنة المغرية حتى إذا اختلفوا وتنازعوا ثم وافقوا وشعروا بأنه صادق هذه المرة في عرضه وأنه يقدّر حاجتهم وافقوا على ذلك لينقضّ عليهم أو يستغل تلك الهدنة بتمرير خطة ما لتلك المنطقة تكون نتيجتها تقدم النظام لاحقاً..
حينما اقترب الثوار من الصناعة في حمص من حوالي ستة أشهر أو يزيد من جهة الدار الكبيرة يشقون طريقهم نحو فك الحصار..
طلب النظام هدنة وهدد بأنه إن لم يوافقوا فإنه سيحرق المنطقة بأسرها..
وإلى الآن الجبهة في الدار الكبيرة مفتوحة والنظام يعرض على أهل الدار الكبيرة أنهم إن أخرجوا الثوار الغرباء من تلك البلدة فإنه سيُدخل إليهم الطحين والخضار والوقود ويعدهم بأنهم لن يروا شبيحاً ولا عسكرياً يقترب من البلدة..!
وليس هدفه من ذلك إلا إعادة الحياة الآمنة إلى الدار الكبيرة وجعلها منطقة آمنة لا يقترب منها الثوار ويعود إليها المدنيون وتعود إليهم حياتهم.. بشرط أن لا يسمحوا لأي ثائر غريب أن يفتح أي جبهة من خلال الدار الكبيرة..
وفي الرستن عرض النظام على أهل الرستن أن يدخل إليهم أيضاً كل ما يحتاجونه بشرط أن تبقى الجبهات هادئة..
وفي تلبيسة عرض على أهالي تلبيسة عروضاً مغرية مقابل إيقاف إطلاق النار وهو يعرف أنهم يعانون مصاعب كبيرة جداً فلا كهرباء ولا وقود ولا طحين ولا قوافل من الأمم المتحدة ولا إغاثة..
وفي مناطق حول حلب وإدلب ودمشق ودرعا والدير لا نسمع إلا هدناً وتفاوضاً.. وليس من ذلك أي عرض إلا ويصب في صالح النظام وليس في صالح الثورة..!!
الذي يزيد من الوضع المأساوي في ذلك أنه يتفرد بكل منطقة عن طريق بعض رموزها المرتبطين به، ويقنعه بقوته وقدرته..
ثم يعرض عليه عروضاً ملوحاً بتلك القوة والتهديد ليسوِّقها بين أهالي منطقته، لتكون نتيجة ذلك أحياناً إما الموافقة في حال كان القرار معتمداً على نظرة محدودة مؤقتة تميل مع راحة البال المؤقت..
أو الرفض في حال كان القرار معتمداً على نظرة شمولية لكل ما يحدث في سوريا وموازنته استراتيجياً ودراسته على أساس ذلك..
فارق واحد أساسي بيننا وبين النظام يستغله ليمارس هذه الأنواع من الخداع هو: أن القرار عنده في مثل هذه الأمور لجهة واحدة هرمية تقرر على مستوى سوريا كلها، أما عندنا فكل أهل منطقة أو كتيبة أو محافظة أو بلدة تقرر بمفردها..!
ربما لو كان ثمة هيئة تشاورية على مستوى الثورة في سوريا كلها لدراسة هذه الأمور والتشاور فيها واستعراض سلبياتها أو نتائجها لكنا وفّرنا على أنفسنا كثيراً من الهزائم التي تأتينا من حيث لا نحتسب..!
بالمناسبة وقبل ختم هذه المقالة أريد أن أهمس في أذن كل من لم يدرك أن رابطاً كبيراً بين هذا المكر والخداع في هذه العروض من الهُدَن وبين ما تسعى له الأمم لسوريا من حلول تفاوضية.. لأقول: إن هذا النظام لا يقبل تفاوضاً بدون تهديد أو قوة إلا إن كان لصالحه، والمؤسف أنه كما يمرر خداعه على بعض البسطاء من وَجَاهات بعض القرى فإنه يمرر خداعه للأسف على سياسيين كبار مخضرمين سواء من المعارضة أو من زعماء الدول الأخرى.. إن من يجمع بين الخبث والمكر والخداع والجرم وسفك الدماء والقتل والتشريد والمحاصرة والتجويع ليس له من حل إلا الاجتثاث.
 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع