..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

مأساة سوريا أسوأ من كارثة فلسطين!

هدى الحسيني

١٤ نوفمبر ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6222

مأساة سوريا أسوأ من كارثة فلسطين!
tumblr_m4s38vfjde1rn5im2o1_500.jpg

شـــــارك المادة

مع بداية الثورة الإيرانية، وتماما مثل كل الثورات في القرن العشرين، كان الطموح لتصديرها. اعتقد الإيرانيون أنه يمكن تصويرها من منطلق ثقافي بقصد التشبه بإيران، وكانت البروباغندا الإيرانية تهدف إلى نشر النفوذ الإيراني في العالم الإسلامي بشكل عام، والشرق الأوسط بشكل خاص. 

 

لكن بعد ثماني سنوات من الحرب مع العراق وصلت إيران إلى نتيجة أن تصدير الثورة ليس مكلفا اقتصاديا وسياسيا فقط ويعزل إيران، إنما أيضا يهدد استمرارية النظام.

يقول البروفسور الإيراني منصور فارهنغ، إنه منذ البداية عندما تحدثت إيران عن تصدير الثورة كانت تعني البعد الشيعي للإسلام رغم أنها كانت باسم الإسلام.
ويجري فارهنغ مقارنة بأن الشاه محمد رضا بهلوي أراد أيضا أن يكون القوة الأساسية في المنطقة، وقرر أن يحقق ذلك بالتحالف مع الولايات المتحدة، لم يشر إلى الدين أو المذهب الشيعي، إنما إلى الوطنية الإيرانية المتحالفة مع أميركا. الجمهورية الإسلامية تعيش الطموح نفسه، إنما مع بعد آيديولوجي وهو المذهب الشيعي.
منذ 1983 يدرس البروفسور فارهنغ العلاقات الدولية وسياسة الشرق الأوسط في كلية «بننغتون» في مدينة فيرمونت، وعمل سابقا مستشارا لوزارة الخارجية الإيرانية، وسفيرا لبلاده في الأمم المتحدة.
استقال من منصبه عندما فشلت جهوده لإطلاق سراح موظفي السفارة الأميركية في طهران، وفي بداية الحرب العراقية - الإيرانية عمل مع الوسطاء الدوليين لإنهاء الحرب، وخلال تلك الفترة كتب وتكلم عن أخطار التطرف الديني الذي أصبح يسيطر على مسار الثورة الإيرانية. أسأله عن سبب تمسك إيران بسوريا؟

يقول: «منذ بداية الثورة فإن سوريا هي الدولة الوحيدة التي تجانست معها، وبعد سقوط صدام حسين توفرت فرصة جديدة لإيران».
يضيف: «ما يثير السخرية أن جورج دبليو بوش عندما قال إن الله أوحى له بغزو العراق والإطاحة بصدام حسين، فإن الدولة الوحيدة التي أكدت صحة (هذا الوحي) كانت إيران، وأذكر أن خطيب صلاة يوم الجمعة في إحدى المرات قال إن الله يصرف الأمور بطريقة عجيبة، فهو دفع بوش للإطاحة بصدام».

يقول فارهنغ: «إن الغزو بنظر إيران كان مقصودا من الله من أجل خدمة الطموحات الإيرانية».
بعد العراق ووصول الشيعة إلى الحكم صارت سوريا أكثر أهمية. صارت هناك أرض كاملة مفتوحة ممتدة من إيران إلى العراق فسوريا حتى حزب الله في لبنان. بعد غزو العراق صارت إيران «العجل المسمن» بالنسبة إلى سوريا، وحتى 2010، أي قبل الثورة في سوريا، كان هناك 500 ألف إيراني يصلون إلى سوريا لزيارة مقام السيدة زينب، وهذا دعم الاقتصاد السوري.
يقول البروفسور فارهنغ: «إن الحكومة السورية تستغل إيران كي تبقى في السلطة. تعرفين أن نظام بشار الأسد هو النظام الديكتاتوري الأكثر علمانية في الشرق الأوسط، ولو سارت زوجته في شوارع طهران لألقي القبض عليها وجلدت».
إن دعم إيران لسوريا، حسب النظام الإيراني، ينطلق من أنه ينظر إليها كدولة ضد السنة، وليس لأنها دولة دينية ثيوقراطية تماما كعلاقة إيران بكوريا الشمالية.
عندما بدأت الحرب الأهلية في سوريا كانت لإيران معها اتفاقية بقيمة 10 مليارات دولار لبناء خط نفط عبر العراق وسوريا ولبنان لتصدير الغاز الإيراني. هذا تبخر.
وكانت لإيران مشاريع مشتركة في المصارف السورية انتهت مع فرض العقوبات على سوريا. وصل الدعم الإيراني اقتصاديا وعسكريا لسوريا حتى 10 مليارات دولار منذ عام 2004.
يقول فارهنغ: «إن الملف السوري هو بيد آية الله علي خامنئي، وما أريد قوله إنه لا علاقة لحكومة الرئيس حسن روحاني به، لكن سوريا أصبحت مكلفة جدا لإيران، وخصوصا أن الحل السياسي بعيد جدا، هذا على الرغم من أنها جزء أساسي من سياسة إيران كي تكون القوة المسيطرة في المنطقة».

أسأل: هل يمكن القول إن سوريا أصبحت فيتنام إيران؟
يوافق، إنما ليس لإيران ذلك الوجود العسكري المباشر. لا أحد يعرف الحجم الحقيقي للوجود العسكري الإيراني في سوريا.
هناك مستشارون ومدربون وقسم من التدريب يجري في إيران، لهذا تستطيع دائما أن تنفي. إنما أصبحت سوريا مشكلة مكلفة جدا. لكن هل إيران تدعم سوريا أم أن بشار الأسد هو المهم؟
يقول البروفسور فارهنغ: «يعرف الإيرانيون أن الوضع في سوريا ليس كما في مصر وحال الرئيس الأسبق حسني مبارك. في سوريا هناك مجموعة تحكم البلاد، وإبعاد بشار يعني إبعاد هذه النخبة.
لا وجود لمؤسسة عسكرية أو أمنية مستقلة عن الرئيس في سوريا. الدولة هناك (شأن عائلي) وإذا رحل بشار فالبقية لن تجلس حول طاولة وتتحاور. هذا غير وارد. قتل حتى الآن 120 ألفا، وتشرد 5 ملايين.
لا يوجد حل سياسي لهذه المأساة؛ طرف من الطرفين عليه أن يخسر، وفكرة تشكيل حكومة يكون العلويون جزءا منها أمر غير وارد، والإيرانيون يعرفون كل ذلك، لهذا يصبون كل جهودهم لدعم بشار وعائلته ومن يحيط به».

لكن هل يعتقد البروفسور فارهنغ أننا نشهد مأساة فلسطين أخرى في الشرق الأوسط؟
يقول: «الوضع مأساوي جدا. أمس (الأحد 10 نوفمبر/ تشرين الثاني) في برنامج (60 دقيقة) كان لقاء مع مصور أميركي اعتقل وعذب لمدة 230 يوما لدى (جبهة النصرة)، وكان ما شاهدناه مؤلما جدا.
اكتشفنا أن الناس الذين يقاتلون النظام من أسوأ الأنواع بالنسبة إلى حقوق الإنسان والحقوق المدنية والحريات».
يضيف: «إن مأساة سوريا أسوأ من كارثة فلسطين، 120 ألف قتيل، وثلث السكان تهجر».

لكن لماذا لا تفتح إيران أبوابها للاجئين السوريين؟ أسأل، ويأتي الجواب: لأنه لا اهتمامات إنسانية لإيران في سوريا.
عندما يتعلق الأمر بالبحرين تتحدث إيران عن حقوق الشيعة هناك، وعندما يكون عن أفغانستان تتحدث عن حقوق «الهزارة».
تستعمل إيران لغة حقوق الإنسان والحرية المدنية فيما يتعلق بشيعة البحرين وأفغانستان مثلا، لكن عندما تصل الأمور إلى سوريا تصبح غافلة عن الوضع الإنساني.
إنها لم تتبرع بفلس واحد للاجئين السوريين.
أصبحت سوريا «الرجل المريض» في المنطقة، فهل سيؤثر سقوطها كدولة على وضع إيران؟
يرى البروفسور فارهنغ، أنه إذا انهار النظام السوري فيبقى العراق وتبقى الحكومة الشيعية هناك، كما يبقى لديها القدرة على تحريك الشيعة الآخرين في المنطقة.
ويقول: «من المؤكد أن المواجهة السنية - الشيعية هي قوة تدميرية، ومن المستحيل أن يستفيد أي طرف من الصراع المذهبي، وتتخوف إيران من امتداد الحرب المذهبية إليها لأنها لا تسمح للسنة فيها ببناء مساجد لهم، وخطباء الجمعة لا يقصرون في عملية التحريض».
إن السياسة الإيرانية مليئة بالتناقضات، وكما فشلت روسيا والصين وفرنسا وكوبا في تصدير ثوراتهم وأدركوا أن الثورة ليست سلعة للتصدير، فإن إيران ستصل من دون شك، إلى النتيجة نفسها.
يقول البروفسور فارهنغ: «بمجرد أن بدأت إيران تتقرب من الغرب وتريد تسوية المسألة النووية يعني أنها بدأت تشعر بالخطر. في بداية الثورة كان الطرح دينيا، وكانت الحكومة قادرة على تسويق قضيتها، لكن بعد 34 سنة ما النتيجة؟ إيران لن تكون استثناء».
ونصل إلى دور حزب الله الذي تريده إيران أن يكون خط دفاعها الأول ضد إسرائيل، بمعنى أنها لا تبالي بمصير لبنان كدولة ووطن، لأن الرد الإسرائيلي، إذا ما أطلق الحزب صواريخه عليها، سيكون تدمير لبنان.
يقول البروفسور فارهنغ: «يعرف قادة حزب الله هذا. وما إذا كانوا سيحققون توقعات إيران بالنسبة إلى دورهم، يبقى سؤالا مطروحا».
بعد حرب 2006 قال أمينه العام السيد حسن نصر الله: «لو كنت أعرف ما كنت فعلت. لست متأكدا من أن شيعة جنوب لبنان المؤيدين لحزب الله سيدعمون توقعات إيران بالنسبة إلى التلاعب بمصيرهم!».
 

الشرق الأوسط

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع