مجاهد مأمون ديرانية
تصدير المادة
المشاهدات : 3366
شـــــارك المادة
حتى هذه اللحظة نستطيع أن نقول بثقة إن انقلابَ العسكر في مصر انقلابٌ فاشل.
ليست هذه أمنيات وخيالات، بل هي الحقيقة، فليس اعتقال رئيس مصر الشرعي المنتخَب وحل البرلمان الذي ارتضته أغلبيةُ المصريين علامةً على النجاح؛
الانقلاب لن ينجح حتى يُحكم سيطرته على مصر ويُنهي الثورة الجديدة، ولكن هذا الهدف بعيد جداً، وهو يزداد بعداً باستمرار.
فالثورة تزداد قوة وعنفواناً وانتشاراً كل ساعة، وقد أضل الله الانقلابيين (وأضل معهم مستشاريهم وأسيادهم الذين أوردوهم هذا المورد) فلا يزالون يرتكبون حماقة بعد حماقة، حماقات متتاليات هي كالزيت يُصَبّ على النار، فلا تزيدها إلا أُواراً وانتشاراً. إن الطغاة يستوون جميعاً في الغباء الذي يسيطر على العقول والعمى الذي يختم على القلوب، فيكرر بعضُهم أخطاءَ بعض كالأنعام العَجْماوات التي لا تعقل، ثم ينتهون إلى ذات المصير.
كما يحصل في كل الثورات بدأ المصريون الأحرار بمطالب واضحة محددة: عودة الرئيس المنتخب وإلغاء الإجراءات التعسفية التي اغتالت حرية المصريين وصادرت إرادتهم وحقهم في الاختيار.
كان يمكن للانقلابيين التراجع في الوقت المناسب والخروج بأقل الخسائر، إلا أنهم لم يفعلوا، فانتقلت المطالبات من تنحّي الخونة الذين انقلبوا على الشرعية إلى محاكمة القتلة والمجرمين، وسوف تصل قريباً إلى المطالبة بإعدامهم وقطع كل طريق للتراجع وأنصاف الحلول، هذا هو المآل الذي تقترب الثورة المصرية منه بسرعة يوماً بعد يوم.
الثورة ما تزال في أولها، ولكنها تزداد انفجاراً بتسارع كبير، وسوف تبقى ما بقيت الجماهير مثابرة على المطالبة بحقها المشروع، وهي -بفضل الله- مثابرة مُصِرّة على استرجاع حقها الذي سطا عليه الانقلابيون المعتدون.
إن الذين تابعوا ثورة مصر الجديدة من يومها الأول والذين شاهدوا الجموع العظيمة التي ملأت أرض مصر يوم الجمعة الأخير ثم يوم الإثنين واليوم، هؤلاء جميعاً يدركون أن أحرار مصر قد عبروا خط الرجعة ووصلوا إلى نقطة اللاعودة، وأنهم لن يتوقفوا بعد اليوم إلا في محطة الانتصار الكامل إن شاء الله.
* * *
مصر اليوم أمام خيارين: إما أن يتراجع الجيش عن الانقلاب ويَسقط مشروع سرقة الثورة ويعود الرئيس ومجلس الشعب اللذان انتخبهما الناس، أو تدخل مصر في معركة طويلة كالتي دخلتها الثورة السورية. لا يوجد حل ثالث فيما أرى، فإن الحركة الشعبية الهائلة أكبر من قدرة الانقلابيين على التحكم والسيطرة، وقد وصلت إلى نقطة لا تراجعَ فيها، تماماً كما وصل السوريون إلى نقطة غير قابلة للتراجع عندما بدأ نهر الدم بالجريان.
لقد نضجت ثورة مصر الجديدة وأبصرت الطريق بسرعة، فاليوم -ولمّا تمضِ على انفجارها ثلاثة أسابيع- أعلنت منصة الثورة في ميدان الحرية (رابعة العدوية) ثلاثة أصول كبرى:
(1) الإصرار على الهوية الإسلامية لمصر وثورة مصر. هذا هو الرد الصائب على الحرب العلمانية الصريحة التي يشنها الأعداء على مصر بلا خجل ولا مواربة. كفانا غفلة، آن لنا أن ندرك أن أعداء مصر لا يحاربون الإخوان بل يحاربون الإسلام، وأن إسقاط الانقلاب ينبغي أن يكون مطلباً للمسلمين كافة وليس مطلب حزب أو جماعة.
(2) الوقت الآن للثورة وليس للسياسة، فلا حوار ولا مفاوضات قبل عودة كل شيء إلى ما كان عليه قبل الانقلاب. وأنا أزيد رجاء من عندي: أيّما حوار في أي وقت وفي أي ظرف لا يكون إلا على المنصة وأمام الملايين، هذا هو الضمان الوحيد حتى لا تُخترَق الثورة ولا تؤكل ثيرانها فُرادى لا قدّر الله.
(3) التأكيد على اقتلاع نظام الطغيان من الجذور وعدم الاكتفاء بإسقاط الخونة الكبار. هذا الإجراء الحاسم هو الكفّارة الوحيدة المقبولة عن الخطيئة التي ارتكبتها الثورة الأولى، حينما طيّرت واحداً من رؤوس الحيّة الستة وأبقت خمسة رؤوس؛ ذهب الرئيس المخلوع وبقيت أجهزته الأمنية والإعلامية والاقتصادية والقضائية والعسكرية، فخرج النظام من الباب ليعود بعد ذلك من الشبّاك. بارك الله فيكم يا أحرار مصر؛ اليوم عرفتم الطريق وبدأتم فيه المسير، فلن تضلوه بعد اليوم بإذن الله.
الزلزال السوري
أحمد أبازيد
أسامة الملوحي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة