مجاهد مأمون ديرانية
تصدير المادة
المشاهدات : 3571
شـــــارك المادة
يمكن أن نهتدي إلى مئة فائدة، بل مئات، وسوف تجدون كثيراً منها منثوراً في المواقع والصفحات في طول الإنترنت وعرضه مما يغنيكم عن بياني لها، فما أكثرَ الذين يكتبون خيراً مما أكتب ويقدمون أفكاراً أفضل ممّا أقدم. لذلك سأكتفي بفائدتين كبيرتين فيهما خلاصة المسألة.
الأولى: الثورات لا تتجزأ وليس فيها أنصاف انتصارات، فإما أن تنجح الثورة نجاحاً كاملاً أو تفشل فشلاً كاملاً، لأن الصراع بين النظام الفاسد والشعب الحر الذي ثار عليه هو صراع بقاء أو فناء، وجود أو عدم، كالمباراة في كرة القدم، لا يمكن أن تنتهي بلا رابح، ولا يبقى في الملعب في نهايتها لاستلام الكأس إلا أحدُ الفريقين. من أجل ذلك كتبت وأعدت وكررت حتى أمْلَلت، وحتى صرت أخجل من إخواني القراء وأخواتي القارئات من كثرة ما أعيد: إياكم أن ترضوا بأقل من سقوط النظام كاملاً غيرَ منقوص. لا حلولَ توفيقية ولا مشاريعَ تلفيقية مع نظام الاحتلال المجرم في سوريا، لا لقاء في منتصف الطريق. كل الذين يتحدثون عن الحلول السياسية التوفيقية لا يخرجون عن واحد من فريقين: إما أنهم مجتهدون مخطئون، أو أنهم خونة مدلّسون. ليس هذا اتهاماً بل هو توصيف، وفي مقام الشهادة لا محل للمجاملات، ولا سيما عندما يكون الثمن هو استقلال بلد وحرية شعب. إن الدعوة إلى نظام جديد يجتمع فيه أحرار سوريا مع "مَن لم تتلوث أيديهم بالدم" من النظام القديم هي دعوة إلى الانتحار، وإن "رجال النظام الذين لم يتلوثوا بالدم" أسطورة آن للثورة أن تعرف أنها ليست أقل خياليّة من لبن العصافير. لقد سالت في سوريا دماء تكفي لتغمر كل واحد من عناصر النظام - الكبير منهم والصغير على السواء - لا إلى الركبتين، بل إلى شحمتَي الأذنين، فدعونا من تلك الأفكار الحالمة السمجة وقولوا: لن تقف ثورتنا حتى يسقط النظام كاملاً بلا استثناء وحتى تتحرر سوريا كلها من نظام الاحتلال. وصيتي لأحرار سوريا الكرام: لكيلا يخرج النظام من الباب ثم يعود من الشبّاك -كما حصل في مصر- لا تكتفوا بسقوط السفاح الأكبر ودائرته المقرّبة، بل تأكدوا بصورة جازمة من سقوط الأصنام الخمسة معه أيضاً: أجهزة الأمن بكل عناصرها وقياداتها بلا استثناء، والتشكيلات الطائفية في جيش النظام (وقد باتت معروفة بالتفصيل) ومعها جميع الضباط البعثيين والنصيريين، وحزب البعث بقياداته وأجهزته ومؤسساته كلها، والجهاز القضائي كاملاً، وجميع الأجهزة والمؤسسات الإعلامية التي يملكها ويحركها النظام، فما أعاد إلى مصر نظامَ مبارك البائد من جديد إلا إعلامُ مبارك الذي بقي بعد رحيله.
* * *
الفائدة الثانية: "حكم العسكر خط أحمر". لا ينبغي للشعب السوري ولا لأي شعب من الشعوب العربية والإسلامية، لا اليوم ولا في أي يوم من الأيام، أن يرضى بأن يحكمه العسكر، فإن الجيوش مهمتها حماية الأوطان لا حكم الأوطان، وإن القوة تقود إلى الاستبداد والطغيان، ومَن جرّب المجرب ثم رضي بأن يعود إليه فلا بكته عين ولا رثاه شاعر! يكفينا نصف قرن صَرّمناه في الكربات والأشجان.
لقد عانت الأمة من الحكم العسكري في تاريخها الطويل ما لا يُحصى من المصائب والكوارث والطامّات، منذ العصر الذي تسلّط فيه قادة العسكر على الخلفاء العباسيين، فسقطت الخلافة جسماً وبقيت اسماً ثم سقطت الأمة كلها تحت الاحتلال الصليبي والمغولي، إلى عصر الكوارث الكبرى في العصر الأخير، الذي رأت فيه الأمة من العسكر وحكم العسكر ما لا يوصَف من الذلة والمهانة والحرب على الدعوة والدين، من أندونيسيا في أقصى الشرق إلى موريتانيا في أقصى الغرب، وكان حكم العسكر دائماً هو رأس الجسر للسيطرة الأجنبية على بلاد المسلمين. من أهم ما ينبغي على أحرار سوريا الانتباه إليه والحرص عليه -بعد الاستقلال- أن يكون الجيش مؤسسة وطنية خاضعة للقانون لا مستقلة عنه ولا متعالية عليه، وأن لا يتدخل في الحكم والسياسة لا من قريب ولا من بعيد، فإن القوة إذا دخلت في السلطة استأثرت بها وهيمنت عليها هيمنة الانفراد والاستبداد. ولا سبيل إلى عزل الجيش عن السلطة وضمان عدم تدخله فيها وسيطرته عليها إلا بضوابط وأنظمة تعرفها كل الأمم المتقدمة، فما علينا إلا أن نستنسخها ونحسن الانتفاع بها، ولا يضرنا أن نأخذ الخير من غيرنا لأن الحكمة ضالّة كل مؤمن وكل حريص، وكما أن الأفراد يتعلم بعضهم من بعض فكذلك تفعل الأمم والشعوب.
الزلزال السوري
إدراك
راجح الخوري
علي حميدي
عمر كوش
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة