..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

آه يا دنيا

ميمونة جنيدات

١٩ ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 7425

آه يا دنيا
سوريا1.jpg

شـــــارك المادة

آه ...... يا دنيا عامان رحلا ولكنهما بإحساس السوريين قرنان... لقد جردت الثورة الحياة من من حلتها الزاهية الخداعة، وأماطت قناعها المبهرج الزائف فكشفت وجهها المكفهر الكالح الذي ما فتئت تخفيه عنا وفقدت قدرتها على ذلك الآن ولو استعملت كل مساحيق الأرض للتجميل...

 

 

جروحا غائرة في قلوبنا نحن السوريون لن تشف ولن تندمل.... لم تعد الدموع قادرة على تفريغ الأسى والقهر ومخزون الأحزان...ولم تعد الكلمات قادرة على إخراج ما يعتلج في النفس ويختلج في الصدر..

إن القلب أمسى مرجلا يغلي بالأحزان والآلام ينفث حممه آهات وزفرات كل ما ضاقت بوتقته وكادت تنفجر.. لقد جفت المآقي من الدموع .... اشتقنا إلى العبرات علها تطفئ بعضا من لهيب الحزن ونار الحرقة والكمد ...
قبيحة أنت أيتها الحياة .... خداعة أنت أيتها الحياة... كل حلو فيك زئبقي الممسك كلما أمسكناه بقوة تفلت وتسرب في كل اتجاه وظهرت حقيقتك المرة من جديد ..
الحقيقة التي قرأنا عنها الكثير فلم نعها حتى أدركناها الآن بعقولنا وقلوبنا ... إنك لا شيء ..أنت سراب ....!!
كم أنس القلب بحبيب ظن أنه سيتّقي بجنَّةِ حبه لظاك وتقلباتك سنين عمره فسرقته منه رصاصة أو قذيفة ...
كم شقي المرء دهرا يبني دارا بعرق وجهد استهلك نصف عمره وعافيته أو زاد متشحا بالأمل أن تبقى دار أولاده وأحفاده ..
فجاءتها قذيفة قوضت أركانها ودفنت معها آماله وكل حلو ذاقه... آه منك يادنيا.. آه....... آه على عائلة قضى نصفها تحت الأنقاض ونصفها هام على وجهه فقد المأوى والمعيل والأمل.
آه على أب يمسك بحذاء ابنه هي كل ما تبقى من ذكرى عائلة دفنت على حين غرة تحت أكوام من الحجارة يتأملها بين العقل والجنون..
آه على مدارج الصبا من أحياء وأزقة وقرى محفورة في جدران القلب وخلايا الذاكرة ومنقوشة في حنايا الروح.. أصبحت أطلالا وأثرا بعد عين...
آه على فتاة تفيض طهرا ورقة وأنوثة تحلم بثوب الزفاف وطفل يحبو خلفها يملأ عالمها أنسا وحبورا تناوب على اغتصابها حفنة من الأوغاد السفلة فتركوها مشوهة النفس والجسد، وقد تحمل في أحشائها عارا يصبّ اللعنة على كل متخاذل كان بمقدوره الذود عنها.. سواء كان عربيا أو مسلما أو ينتمي إلى حظيرة الإنسانية.
آه على فتى قطع شوطا في درب أَّحلامه وآماله تلقفَّته أيدي الجلاد لتسومه سوء العذاب الوحشي والإذلال ألوانا حطمت فيها أحلامه وتبددت آماله هذا أن استطاع جسده القوي تحمل قسوتها ومات ألف ميتة قبل أن تصعد روحه إلى باريها.
آه على جياع بلدي... في سجونهم إذ يرمي لهم الجلاد بكسيرات من الخبز المتعفن كي تمنع عنهم الموت جوعا ولتتيح لجلاديهم لذة الاستمرار في ساديتهم الحيوانية..
آه على جياع بلدي في قراهم ومدنهم 'في المدارس والمزارع والمساجد و في مخيمات اللجوء في الداخل والخارج حيث يقذف لهم العالم المتحضر المتوحش ببعض الطعام الذي يحار الأب أي فم جائع من أفواه أولاده يسكت به بعض جوعه..
آه على الجرحى الذين تعفنت جراحهم واستمر نزيفهم وعلا أنينهم وتمنو الموت ألف مرة لان العالم المنافق لم يرد إمدادهم بالعلاج..
آه على طبيب يتفتت قلبه حسرة وألما كي يحصل على مبضع أو خيط أو ضماد ينقذ بها روح مريضه وهو يتخفى عن الأنظار كما يتخفى رجل المخدرات من الشرطة.
آه على مخابز قصفت ومشاف دمرت ودورا للعبادة هدمت وجميعها مأهولة بروّادها فقتلوا جميعا أو جرحوا ولم تهتز للعالم المتحضر شعرة '-ولو هدم مسكن للنمل لهاجوا وماجوا واستنكروا!!
آه على وطن تكالب عليه الشرق والغرب.... وتناوب على المكربه العدو والصديق ... وتآمر على تدميره القريب والبعيد.... وشارك في ذبحه الأخ والجار..
ثم آه على قلوب رأت كل هذا ومالانت ولارقّت ومازالت تنضح بالضغائن والأحقاد وثنفث سمومها أذى وكيدا لذوي القربى.. والوالدين...
أرأيت أيتها الدنيا أنك خُلُّبية.. ومن يتكئ عليك يستند إلى جدار متصدع يوشك أن ينهار في أي لحظة... كل شيء فيك هالك ..... كل شيء فيك زائل.... لقد ظهرت سوأتك والعاقل من أعطاك قدرك، الذي تستأهلينه.
سنبني بيوتنا هناك .....في الجنة .....حيث لا قذيفة دبابة ولا صاروخ سكود ، بيت سرمدي لا صخب فيه ولا نصب، وسنتنافس في البنيان والارتقاء في الدرجات، حيث ما بين الدرجة وأختها كما بين السماء والارض.. سنلقى أحبتنا هناك.. ولكن لن ندعك لغيرنا..
سنسيطر عليك ونجعلك في أيدينا طيّعة ليّنة كما أمرنا ربك ...وأما قلوبنا فليست لك سكنا ومأوى

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع