سعد محيو
تصدير المادة
المشاهدات : 7086
شـــــارك المادة
بين أيدينا ثلاث دراسات استراتيجية قيّمة يمكنها أن تسكب الكثير من الضوء على خفايا وأسرار مايجري هذه الأيام في المنطقة العربية، من تفكك دول كسورية والعراق ولبنان والسودان، إلى انهيار دول أخرى كمصر وليبيا إلى حد ما تونس، في إطار ما أطلق عليه المفكر جورج قرم في وقت مبكر "انفجار المشرق العربي". الدراسة الأولى للفرنسي إيمانويل تود، والثانية نشرت في دورية "فورين أفيرز" والثالثة في موقع "غلوبال ريسيرش".
- I -
نبدأ مع الدراسة الأولى:
إيمانويل تود فيلسوف وعالم الاجتماع والأنثروبولوجيا الفرنسي كان أول من تنبأ بانهيار الاتحاد السوفييتي في وقت مبكر من حقبة السبعينات. وهو استند في ذلك إلى معطيات ديموغرافية أهمها ملاحظة التزايد النسبي لوفيات الأطفال في الاتحاد السوفييتي الأمر الذي دفعه إلى مراكمة سلسلة ملاحظات أخرى حول مناحي الضعف في الاقتصاد والمجتمع السوفيتيين . في كتابه الجديد " ما بعد الإمبراطورية: انهيار النظام الأميركي" (*) يتقدم تود بنبوءة أخرى لكنها تتعلق هذه المرة بالولايات المتحدة وبدورها كقوة عظمى وحيدة في العالم 1- فهو يرى أن الولايات المتحدة تحولت منذ ثمانينيات القرن العشرين، ثم بالتحديد في الفترة بين 1990 و2000، من دولة منتجة وصناعية ومكتفية ذاتياً، إلى دولة مستهلكة غير منتجة ومعتمدة على العالم صناعياً ومالياً. 2- وهو يفسر المحاولات الأميركية لإقامة امبراطورية عسكرية وسياسية على أنها دليل ضعف لا قوة. انحدار لا صعود . فأميركا تحاول عبر سلسلة الحروب التي تشنها ضد الأطراف الضعيفة في العالم (أفغانستان - العراق - تنظيم "القاعدة") إرهاب القوى الكبرى الرئيسة في العالم (أوروبا - اليابان - روسيا - الصين) والإثبات لها بأنه لا غنى عن دورها للحفاظ على أمن النظام الاقتصادي العالمي. 3- وهو يقول أن أميركا لن تنجح في النهاية في إقامة هذه الإمبراطورية لأنها تفتقد إلى أهم عناصر بناء الامبراطوريات: القدرات المالية والاقتصادية الكافية لتمويل التوسع الامبراطوري؛ الأيديولوجيات العالمية القادرة على استيعاب كل دول العالم الأخرى بوصفها قوى متساوية الحقوق كما فعلت الإمبراطورية الرومانية؛ وأخيراً العجز عن إرضاء القوى الكبرى الأخرى.
وتبعاً لذلك يتوقع "تود" انهيار النظام العالمي الأميركي عبر أحد طريقين: انفصال محور فرنسا- ألمانيا واليابان وروسيا (أي القوى الرئيسة في قارة أوراسيا) عن الزعامة الأميركية وتشكيل تحالف مستقل ضدها. أو كساد كبير في البورصة المالية الأميركية سيكون أضخم بكثير من انهيار العام 1929 . هل تنبؤات هذا الفيلسوف في محلها هذه المرة؟. سنأتي إلى هذا السؤال بعد قليل. لكن قبل ذلك فلنستعرض معاً الأفكار الرئيسة في فصول هذا الكتاب المهم.
- II -
في المقدمة يسارع المؤلف إلى الإعلان بأن الولايات المتحدة التي كانت تعتبر حلالة المشاكل خلال سنوات طويلة باتت الآن هي المشكلة بالنسبة لباقي العالم. إذ بعد أن كانت الضامن للحرية السياسية والنظام الاقتصادي لمدة نصف قرن يبدو الآن أكثر فأكثر أنها تساهم في خلق الفوضى العالمية عبر الحفاظ حيثما استطاعت على الشكوك والنزاعات. فهي تواجه دولاً صغيرة كإيران والعراق وكوريا لا تشكل خطراً عليها. وهي تستفز روسيا في الشيشان وجورجيا وأوكرانيا وتقيم قواعد عسكرية لمحاصرتها في آسيا الوسطى. هذا في حين يهدد البنتاغون باستخدام الأسلحة النووية التكتيكية لفرض الإرادة الأميركية على الجميع . باختصار، أميركا تمارس سياسة " الرجل المجنون " لإرهاب الجميع. الأوروبيون لا يفهمون أسباب رفض أميركا حل النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي برغم مقدرتها التامة على ذلك. وهم بدأوا يتساءلون ما إذا كانت واشنطن تتعمد إبقاء بؤرة توتر دائمة في الشرق الأوسط ودفع العالم الإسلامي لمعاداة الغرب. وهم يرون في تضخيم حجم تنظيم "القاعدة " مجرد تبرير لشن العمليات في أي مكان في العالم . إن رفع الإرهاب إلى درجة القوة العالمية يبرر مأسسة حالة حرب دائمة في كل أنحاء الكرة الأرضية. حرب عالمية رابعة وفق بعض المحللين الأميركيين. كل شيء يدل على أن الولايات المتحدة ولسبب غامض تعمل للحفاظ على درجة من التوتر الدولي: حالة حرب محدودة ولكن دائمة .
- III -
أين يتركنا كل ذلك في المنطقة العربية - الإسلامية؟.
اليوم غداً
حسان الحموي
برهان غليون
علي حسين باكير
أمير سعيد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة