..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

زيارة الراعي لسوريا وارتداداتها

نايلة تويني

١١ فبراير ٢٠١٣ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2707

زيارة الراعي لسوريا وارتداداتها
لسوريا1.jpg

شـــــارك المادة

لا يمكن المتابع للشأن العام أن يمر مرور الكرام بزيارة بطريرك الموارنة مار بشارة بطرس الراعي إلى دمشق يومي السبت والأحد للمشاركة في تنصيب بطريرك الروم الارثوذكس يوحنا العاشر.

ولا بد من قراءة أكثر موضوعية من التصريحات الانفعالية التي سادت في اليومين الأخيرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبلغ بعضها حد الانجراف إلى تشويه المقدسات والتطاول عليها ولو عرضا ومن غير قصد، هو انجراف عاطفي بلغ حد تفلت الغرائز وصولا إلى التجريح والشتيمة.

 

 

في المقابل، لا أوافق الأمين العام لقوى 14 آذار الدكتور فارس سعيد على دعوته الآخرين، أي غير الموارنة، أو ربما غير المسيحيين، إلى عدم التطرق إلى الزيارة وترك أمر الترحيب بها أو انتقادها للمسيحيين أنفسهم.
في كلام سعيد محاولة حماية للراعي من تعليقات جارحة وتهجمات أكيدة لن توفر زيارته بكل أبعادها، وربما تناولته شخصيا في حركته ومواقفه، لكن رجال الدين، كما رجال السياسة، وكل متعاط للشأن العام، معرضون في حركتهم اليومية للانتقاد، فكيف إذا كانت لحركتهم انعكاسات وترددات تصيب الجميع في الداخل والخارج، وكيف إذا كانت حركة رجال الدين عندنا في قلب السياسة، وربما كان بعضهم يهتم للشؤون الدنيوية أكثر من انشغاله بأمور الدين.
الأكيد أن البطريرك الكاردينال جريء في خطوته التي تقارب حد الخطر، وان يكن النظام السوري جهد لتأمين غطاء أمني للزيارة، كما لاحتفال التنصيب الذي أقيم أمس، ليظهر أمام العالم مظهر الدولة القادرة على حفظ امنها وامن ضيوفها.
الزيارة في بعدها المسيحي تعطي دفعا معنويا لمسيحيي سوريا والشرق في هذا الظرف العصيب، وهو بعد كنسي مهم في حياة الرعاة منذ العصور الأولى للمسيحية عندما كان الأساقفة يموتون من اجل رعيتهم ويبذلون أنفسهم عنها.
لم يكن الأساقفة يتحركون في مواكب مصفحة وتتوافر لهم الحماية الأمنية.
لكن للزيارة أيضا بعدا سياسيا واضحا وإن شاء منظموها ألا يركزوا على هذا الجانب، أو أن يغفلوه كليا.
فالتوقيت غير مناسب، وفي غياب "الغطاء المسيحي" الذي درج العماد المتقاعد ميشال عون على توفيره للنظام السوري بزيارته لبراد في عيد مار مارون، بدت زيارة البطريرك كأنها تسدّ فراغه. وكانت واضحة موافقة الرئيس السوري الضمنية على عدم دعوة البطاركة لزيارته، وعدم إصراره على لقاء البطريرك الماروني على رغم الطابع التاريخي للزيارة لبلده.
وفي كل هذا تنسيق ضمني واضح يتخطى حدود الزيارة الراعوية.
هذا في الشكل، أما في المضمون، فان الموقف حرج، إذ ركز البطريرك الراعي على الإصلاح من الداخل وبالحوار، وهو ما فسّر بأنه دعوة إلى إبقاء الرئيس الأسد والتحاور معه لتحقيق إصلاحات يعلم البطريرك جيدا أنها مستحيلة مع نظام كهذا النظام...
صحيح أن للبطريرك ملء الحرية في ما يفعل وما يقول، ولسنا في موقع الانتقاص من دوره، ولكن من حقنا أن نسأل عن ارتدادات زيارته.
هل تريح المسيحيين السوريين في تعاملهم مع مواطنيهم من غير المسيحيين، أم تحرك غرائز من سيقرؤون مواقف البطريرك على هواهم أو وفقاً لما يدركون فتأتي العواقب وخيمة كما في خطف ثلاثة كهنة أمس في سوريا؟
الجرأة والإقدام شرطان ضروريان لتولّي مراكز قيادية، لكن الحكمة تبقى القيمة الأغلى منهما، لأن الأمور مرهونة بنتائجها. ولا بد أن ننتظر.
  
  
النهار

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع