مهدي الحموي
تصدير المادة
المشاهدات : 7554
شـــــارك المادة
إن الفكر الإسلامي قد تطور وخرج من كونه نتاج شيخ مسجد يطبع تلامذته بطابع فكر واحد (بل وفقه غير مقترن بالحياة) ومختلف عن الآخر , أو من سلفيين لا يتدخلون في الحياة السياسية ,أو من جماعة صوفية تشترط للانتماء ركعتين للتوبة عن السياسة , ثم تحولنا إلى الجماعات أو التجمعات أو التيارات أو التنظيمات الكبيرة.
لكن التنظيمات الإسلامية السرية المجبرة على تحديد التعارف لأعضائها لم تستطع أداء دورها التوحيدي الفكري ولا حتى الاجتماعي بشكل مثالي؛ بسبب عدم توفر فضاء التعبير والتعارف الذي يمهد لذلك, لكن التداول العام وخاصة في القنوات أعطى تنويراً وتوحيداً للفكر دون الإشارة بالاسم للجماعة الإسلامية صاحبة الفكر أو الفكرة, فالشيخ القرضاوي إخواني المنشأ والفكر وكذا الكثير يتحدثون دون إظهار الانتماء لجماعة إسلامية معينة حذراً من استبعادهم من المنصة. وإليكم بعض إشارات التنوير: إن الحكم الإسلامي في أذهان جميع الإسلاميين على الإطلاق لا يعني أن الحاكم هو الناطق أو المفوض من الله, كما أنهم مجمعون على رفض نموذج حكم الآيات والملالي وولاية الفقيه في إيران, وكذلك يرفضون الطرح بعدم وجود قانون قضائي مكتوب (أي أن يفهم القاضي النص بنفسه من القرآن, وأن يحكم به مباشرة)
وأن تطبيق الشريعة لا يعني فقط تطبيق الحدود على السارق والسكير والزاني, وأنه علينا الدعوة لتطبيق الحدود بشروطها , كإيقاف حد السارق في المجاعات ..)
وأن هذه الحدود ليست هي الشريعة, كما يدرك الإسلاميون أن تطبيق النظم الإدارية وأسس النهضة العلمية يجب أن يأتي من الغرب ويبنى عليها نهضة علمية محلية (عدا تشريعاتهم المتعارضة مع ديننا وثقافتنا والتي علينا رفضها قطعياّ كقضية الإرث والمثليين, كما يؤمن الإسلاميون جميعاً اليوم بضرورة الوحدة بين الدول العربية وإنجاز ذلك قبل تحقيق وحدة العالم الإسلامي أو ما كان يسمى بالخلافة الإسلامية, فلا يوجد أي منهم يدعو للوحدة بين سورية وتركيا ولو كانت تركيا إسلامية) . كما يؤمنون بأن الدين يدفعنا لصنع الحضارة والاستقلال عن قرار الأجنبي ووضع الخطط لإنقاذ الاقتصاد والدفاع عن الوطن.... (وليس زيادة عدد ركعات الصلاة عند الناس فقط) , ويؤمنون باللعبة الديمقراطية وأن الوصول للحكم الإسلامي يكون من خلال صناديق الاقتراع (علماً أن الوصول للشعب المسلم هو مقدمة تليها الحكومة المسلمة عند الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين قبل 70 عاماً)
كما لم يعد التشدد الذي عهدناه اتجاه عمل المرأة (بشرط عدم الاختلاط طبعاً) ولم يعد كشف الوجه منكراً كما كان, كما يؤمنون بتثقيف المرأة,علماً أن مشاركتها ليس له وجود حقيقي واقعي حتى في قياداتهم وتنظيماتهم وهم نسخة عن المجتمع في ذلك مع الأسف, وعليهم تفادي طبع العمل الإسلامي بتقاليد المجتمع الذي يعيشون به؛
لكنهم أصبحوا يطالبون بأن تكون المرأة المسلمة حرة في حجابها الشرعي كذلك ولغير المحجبة حريتها(دون اعتداء مثير فاضح) على أنه لا مانع من النصيحة والدعوة والحوار في ذلك. وقد تطور عندهم مفهوم العمل الخيري لبناء مؤسسات ذات دخل مستمر خدمة للفقراء, وقد نجحوا في تجربة البنوك الإسلامية مما شهد له العالم , وتجاوزوا بفضل منهجهم الأزمة المالية العالمية التي عصفت بالعالم عام 2009. إن الإسلاميين قد أصبحوا أكثر انفتاحا على الآخرين بفضل تطور وسائل التواصل والإعلام والحوار عبر هذه الوسائل,وحوار وخبرات الغربة؛
بل وصار الإسلاميون وعلى رأسهم الشيخ العلامة يوسف القرضاوي (تلميذ الشيخ حسن البنا ـ مؤسس جماعة الإخوان المسلمين ـ ورئيس رابطة إتحاد العالمي لعلماء المسلمين) يذكر المسيحيين ويسميهم بالإخوة المسيحيين خلاف ما رأيت بعيني قديما حين كان أحد المشايخ حين يصافح رجل الدين وقد وضع منديلاً على كفه,
وأصبحوا يؤمنون بأن الردة عن الدين لم تعد تستوجب القتل (لأن المرتد كان ينضم لجماعته القديمة وكان كل الرجال يدخلون المعارك) ورضوا بدور للمسيحيين والمشاركة في الحياة السياسية (فجورج صبرا هو مسؤول المجلس الوطني السوري اليوم الذي يضم الإخوان المسلمين والكثير من الإسلاميين)
وقد حضر قادة من الإخوان المسلمين في مصر الصلاة في الكنيسة بعد انتصار الثورة, كما أن نائب حزب الحرية والعدالة مسيحي, وصوتوا لدستور لا يمت بصلة للتعصب الديني بل للمواطنة فقط, إلا أن بعض العوام يشعرون بردة فعل على ما فعله حكم الطائفيين من العلويين فيعمموا على الجميع؛
لأن الأغلبية الكاسحة منهم مع بشار وأبيه من قبله, إلا أن ذلك التصور سيزول بعد فترة و نذكرهم بقول الله : (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى), مع الأخذ بالقصاص العادل , ورد الحقوق يُطبق على أي شخص مهما كانت طائفته وانتماؤه المذهبي . إن تجربة مصر وتونس وليبيا بعد الثورات تبين أن الإسلاميين أصبحوا أكثر انفتاحا سواء حصلوا على الأغلبية أم الأقلية وهم يعملون مع الجميع ضمن تبادل ومشاركة السلطة . وعلى العكس من هذا – للأسف - فقد تطور قسم كبير من العلمانيين إلى ليبراليين يريدون نقل التجربة الغربية كما هي تماماً وعلى شكل معاكس لحاجة مجتمعنا للتقارب الفكري والسياسي بينهم وبين الإسلاميين, وهنا نطلب من العلمانيين أن يتفاعلوا ويبادلوننا حسن الظن أيضاً ويمدّوا أيديهم للإسلاميين من أجل بناء مجتمعنا الدنيوي, بينما يجد الإسلاميون معها طلب الآخرة دون تناقض , وعلمنا الله أن نطلب خيري الدنيا والآخرة أيضا: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.) الآية ولكن ما هي حقيقة الحكم الإسلامي؟ إن حكم الله له عناوين كبيرة وهو:
العدل والحرية والحق (وعلى رأسها حقوق الإنسان) وحب الله والناس وتنمية المجتمع المدني وهي عناوين الثورة السورية كما هي عنوان المرحلة القادمة, وهذا ما كان عليه دستور مصر الذي صوت له الملايين من الإسلاميين وأنصارهم بكلمة نعم, فهل يرضاه الإسلاميون بل والعلمانيون كنتاج عربي على الأقل؟ نعم لقد قال الشيخ المجاهد سعيد حوى منذ أكثر من 30 عاماً:
كان على آبائنا أن لا يضعوا السلاح (الذي أخرجوا به فرنسا) حتى تحقيق الحكم الإسلامي, وكان هذا بسبب ألمه مما لاقاه الشعب السوري والإسلاميون بالذات من سجون وإعدامات وظلم وتعذيب, والتي ما كانت لتحصل لو حـَكمت شريعة الله, لكن الحكم الإسلامي اليوم يتحقق بالانتخاب فقط عند كل الإسلاميين, بل إن الشورى ملزمة للمراقب العام في مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين . وذلك ضمن تنظيمهم ومنذ أكثر من ثلاثين عاماً. لكن عليهم تبني حماية البيئة(وهو مطلوب في الحديث الشريف) ومساعدة طلاب الجامعات ولو بقروض وتأسيس جمعيات لإصلاح ذات البين .. ونبذ الداعين للجهوية بين شامي وحلبي وحموي وحمصي وفلاح ومدني.. ومن المؤسف صحة قول أحد الكتاب العلمانيين أمامي ( أنني أجلس مع الإسلاميين فأرى كل واحد منهم كالجبل في تخصصه وثقافته لكني لا أرى لمجموعهم سوى مردود بسيط) يتوجب عليهم إعداد قادة مثقفين يفهمون العالم الذي نعيشه (والذين لا نكاد نرى أحد منهم على القنوات الفضائية) كما يقع على الإسلاميين مسؤولية إيقاف النزوع للطائفية كذلك وبيان الفرق بين المتدينين والطائفيين,وتوضيح واستحداث وسائل العيش المشترك للشعب السوري بكل طوائفه..إن عليهم التوجه لبناء الحياة كما يبنون لآخرتهم تماما. لقد تعبنا وتخلفنا وعانينا جميعاً من الدكتاتوريات والفساد والبطالة والجوع واغتصاب الجولان وفلسطين والبعد عن الحضارة وعلينا السير الحثيث الآن نحو الديمقراطية والتعاون ضمن التنافس الشريف دون أي صراع داخلي لتحقيق أهداف أمتنا , فهل نحن فاعلون!
___________
هل يقوم الحكم الإسلامي في سورية؟(لماذا حكماً إسلامياً ؟ ولماذا الإسلاميون؟)
حمزة بيراقدار
حسان الجاجة
أسرة التحرير
أحمد موفق زيدان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة